نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً أعدّه أندور إنغلاند، قال فيه إن الدول العربية تعدّ مبادرة لوقف الحرب في غزة، وبناء دولة فلسطينية، قد تقود إلى بناء علاقات دبلوماسية رسمية بين السعودية وإسرائيل.
وقال إنغلاند إن المبادرة تشمل على تأمين وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن أولاً، واتخاذ خطوات لا رجعة فيها لإنشاء دولة فلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي بارز قوله إن الدول العربية تأمل بتقديم خطتها خلال أسابيع، وضمن جهود وقف الحرب في غزة، ومنع اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط.
وناقش المسؤولون العرب الخطة مع حكومات الولايات المتحدة والأوروبية، وستشمل على موافقة الدول الغربية على الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، أو دعم حصول الفلسطينيين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وقال المسؤول البارز: “القضية الأساسية هي أنك بحاجة لتقديم أمل للفلسطينيين، ولا يمكن هذا من خلال منافع اقتصادية أو إزالة رموز الاحتلال”. وتأتي المبادرة في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل ضغوطاً دولية واسعة لوقف هجومها على غزة المحاصرة، في وقت زادت فيه الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لمنع انتشار الحرب واشتعالها بالمنطقة، وتدفع باتجاه قرار طويل الأمد في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني المستعصي.
ووصف وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الحرب في غزة بـ “المؤلمة”، مضيفاً أن ما نريده هو دولة فلسطينية “تعطي الناس ما يريدونه، والعمل مع إسرائيل كي تكون فاعلة”.
وعندما سئل وزير الخارجية السعودية، في منتدى دافوس، يوم الثلاثاء، إنْ كانت الرياض ستعترف بإسرائيل ضمن اتفاق سياسي واسع، ردّ: “بالتأكيد”، و”نوافق على أن السلام الإقليمي يشمل على سلام مع إسرائيل، لكن هذا لا يحدث إلا بسلام للفلسطينيين عبر دولة فلسطينية”.
وفي نفس اليوم، أكد مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، على أن الولايات المتحدة تركّز، كجزء من خطط ما بعد الحرب في غزة، على تحقيق اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، حيث قال: “نهجنا لا يزال مركّزاً على التحرك باتجاه استقرار وتكامل في المنطقة”. إلا أن هناك تحديات عدة للوصول إلى هذه الأهداف، منها هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتحذير القادة الإسرائيليين من استمرار الحرب في غزة لعدة أشهر، واستبعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العمل مع السلطة الوطنية ويرفض حل الدولتين. وقال، في كانون الأول/ ديسمبر، إنه “فخور” لأنه منع الدولة الفلسطينية: “يعرف الجميع ما سيحدث لو استسلمنا للضغط الدولي وساعدنا بدولة كهذه”.
ويقود نتنياهو حكومة متطرفة يشارك فيها مستوطنون في الضفة الغربية وأحزاب قومية صهيونية.
وعلّق المسؤول العربي: “في ضوء الوضع السياسي اليوم في إسرائيل، فالتطبيع هو ما سيمنع الإسرائيليين عن الهاوية”.
وكانت السعودية تقترب نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل الهجمات، حيث اشترطت التطبيع بمعاهدة أمنية مع الولايات المتحدة، والدعم في مشروع نووي للأغراض المدنية. وناقش المسؤولون الأمريكيون عنصراً في التطبيع يتعلق بالفلسطينيين، مثل تجميد محدود للاستيطان في الضفة الغربية، ودعم السلطة الوطنية التي تدير أجزاءً من الأراضي المحتلة، ومسار نحو دولة فلسطينية.
وكان بلينكن يخطط لزيارة الرياض، في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، لمناقشة العنصر الفلسطيني في الاتفاق، إلا أن الهجمات أوقفت المحادثات. لكن السعودية أكدت أن الخيار لا يزال على الطاولة، وتريد ضمان تنازلات بشأن الفلسطينيين، بما فيها غزة. وقال شخصٌ على معرفة بالمحادثات: “حصلنا على الخطوط العريضة من السلطة الوطنية”، و”الآن يجب تقوية العنصر لكي يكون ناجعاً سياسياً في أي نقطة بالمستقبل”.
وتحدث بايدن، الذي يعتبر من أشد المنافحين عن إسرائيل، عن حلّ الدولتين كضامن لأمن إسرائيل. ويعتبر استعداد السعودية للتطبيع ورقة مقايضة مع إسرائيل التي تنظر لإقامة علاقات مع المملكة كجائزة كبرى لها في جهود التطبيع مع دول عربية.
ورغم تعامل السعودية مع التطبيع كجزء من خطط تطوير المملكة وجعلها مركزاً تجارياً ومالياً وسياحياً، إلا أنها باتت تنظر إلى المخاطر النابعة من حرب غزة وتوسّعها في المنطقة، وما سيتركه دمار غزة من أثر على الأجيال العربية.
وقال بلينكن، يوم الأربعاء، في دافوس في سويسرا، إن الأمر بيد إسرائيل “لانتهاز الفرصة التي نعتقد أنها موجودة”، ووصفَ الحرب بأنها “نقطة تحول” في الشرق الأوسط، وتقتضي قرارات صعبة.