طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الحكومة الإسرائيلية بتحسين حماية الفلسطينيين في الضفة الغربية من تعديات المستوطنين وبملاحقة جرائم العنف.
وخلال زيارتها لبلدة فلسطينية في الضفة، قالت: «من مسؤولية الحكومة الإسرائيلية تنفيذ وفرض سيادة القانون عندما يتعرض أشخاص يقيمون هنا بشكل مشروع لهجمات بشكل غير مشروع».
وأضافت السياسية المنتمية إلى حزب «الخضر» أن «من مسؤولية الجيش الإسرائيلي أن يحمي الفلسطينيين من المستوطنين العنيفين».
وتفقدت بيربوك وضع الناس في بلدة المسرى القبلية شمال غرب مدينة رام الله حيث يعيش هناك أكثر من 5000 نسمة تحيطهم عدة مستوطنات إسرائيلية.
وقال أحد المزارعين المتضررين إنه لم يعد يمكنه الذهاب لفلاحة حقول الخضراوات والفواكه الخاصة به بعد الآن لأن المستوطنين يغلقون الطرق وهاجموه وعائلته. وأفاد بأنهم ضربوه على رأسه ورشوه برذاذ الفلفل. وتابع الرجل (70 عاما) وهو معلم متقاعد أن بناته تعرضن أيضا للهجوم.
وأضاف أن المستوطنين الإسرائيليين حاولوا إضرام النار في منازل وطرده من منزله الواقع في وادٍ بين البلدة الفلسطينية وإحدى المستوطنات، مشيرا إلى أن أعمال العنف من قبل المستوطنين ازدادت بعد هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وزيارة بيربوك والوفد المرافق لها الى البلدة الفلسطينية كانت مراقبة من خلال مسيرة أطلقها مستوطنون على ما يبدو.
وقالت رئيسة اتحاد حماية الضفة الغربية اليجرا باتشيكو إن عدد الفلسطينيين الذين تم طردهم من أراضيهم وصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر إلى نحو 1200 فلسطيني، ورأت أن في حال تم التوصل إلى هدنة في قطاع غزة فإنه يجب أن تشمل هذه الهدنة الضفة الغربية أيضا.
وبينت بيربوك أن ما يحدث في هذا المكان في الضفة الغربية «غير مشروع وفقا للقانون الإسرائيلي وغير مشروع وفقا للقانون الدولي»، ورأت أن تصعيد العنف في الضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر «يوضح أيضا أن الاستقرار في غزة وفي الضفة الغربية مرتبط بشدة ببعضهما البعض».
وأكدت مطالبتها بالتوصل إلى الحل القائم على أساس الدولتين، مشددة على أن «بناء المستوطنات غير مشروع ويقوض السلام الدائم ويعرض حل الدولتين للخطر وبالتالي يعرض أمن إسرائيل للخطر».
وأفاد حقوقيون إسرائيليون بارتفاع عدد جرائم العنف التي ارتكبها مستوطنون بحق فلسطينيين في الضفة الغربية في 2023 مقارنة بالأعوام السابقة. وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن عدد الهجمات التي شنها فلسطينيون على مدنيين إسرائيليين وقوات أمن ارتفع خلال السنة والنصف الماضية.
وكانت إسرائيل استولت على الضفة الغربية والقدس الشرقية في حرب الأيام الستة عام 1967، ويعيش في هذه المناطق حاليا مئات آلاف المستوطنين وسط نحو ثلاثة ملايين فلسطيني؛ ويطالب الفلسطينيون باسترداد هذه المناطق ليقيموا عليها إلى جانب قطاع غزة دولتهم المستقلة
والتقت بيربوك نظيرها الفلسطيني رياض المالكي، الذي طالب بالضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار وضرورة إدخال الاحتياجات الإنسانية الأساسية لقطاع غزة بشكل عاجل.
وحسب بيان للخارجية الفلسطينية، فإن المالكي أطلع بيربوك على «الأوضاع الكارثية في قطاع غزة جراء حرب الإبادة الجماعية المتواصلة للشهر الرابع التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين الأبرياء وتدمير جميع مقومات وجوده الإنساني في القطاع وتحويله وفقا لشهادات أممية الى مكان غير قابل للسكن».
وأضاف أنّ «نتنياهو وائتلافه اليميني الحاكم يختارون التصعيد وإطالة أمد الحرب لتحقيق مصالحهم ومخططاتهم الاستعمارية الاستراتيجية وإطالة أمد بقائهم في الحكم. «
وتطرق المالكي إلى «ما يتعرض له شعبنا في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية من انتهاكات مستمرة للاحتلال ومستوطنيه من اقتحامات يومية للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وقتل المدنيين الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال»، مضيفاً أنّه في «آخر 24 ساعة قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 11 مواطناً فلسطينياً في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الاستيطان التي كان آخرها مصادقة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة على المخطط الاستعماري المسمى «وادي السيليكون» وكذلك المصادقة على إنشاء مكب نفايات شمال شرق القدس المحتلة، بما يؤدي إلى تقويض أية فرصة لتطبيق مبدأ حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض.
كما أعرب لنظيرته الألمانية عن «رفض كافة المقترحات التي صدرت عن بعض المسؤولين الاسرائيليين حول رؤيتهم لليوم الذي يلي انتهاء الحرب»، مؤكداً أنّه «وبدلاً من الحديث عن اليوم التالي فإنّ الأولوية الآن يجب أن تتركز على الوقف الفوري لإطلاق النار ووقف التهجير القسري لشعبنا في قطاع غزة وإدخال الاحتياجات الإنسانية الأساسية إلى القطاع».
وأشار إلى أنّه إن «لم يكن القصف سبباً في موت المدنيين الفلسطينيين، فإنّ نقص الماء والغذاء وحرمانهم من الأدوية والعلاجات اللازمة سيكون سبباً في موتهم أيضاً»، مطالباً في الوقت ذاته «بضرورة توفير العلاج لحوالى 60 ألف جريح لا يجدون أية فرصة للعلاج داخل القطاع بعد أن قامت دولة الاحتلال بتدمير كامل للقطاع الصحي».
وشدد على « أهمية دعم حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مما يؤدي إلى تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 67 لتحقيق امن واستقرار المنطقة برمتها».
في حين أكدت وزيرة الخارجية الألمانية على «موقف بلادها الواضح والثابت بضرورة حماية السكان المدنيين وأنّ معاناتهم لا يمكن أن تستمر أكثر، وإطلاق سراح جميع الرهائن»، داعية «إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات محددة والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».
وشددت على ضرورة التوصل إلى هدن إنسانية متراكمة وإيجاد أفق سياسي واضح يدعم حل الدولتين ويضع حجر الأساس لسلام وأمن مستدامين. وأكدت أيضاً أنّ السلطة الفلسطينية تلعب دوراً أساسياً ومركزياً كسلطة شرعية في الضفة الغربية وقطاع غزة.