بوريل: لا أحد سينتصر في الصراع الإقليمي وغزة ستكون جزءاً من دولة فلسطينية مستقبلية

السبت 06 يناير 2024 03:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
بوريل: لا أحد سينتصر في الصراع الإقليمي وغزة ستكون جزءاً من دولة فلسطينية مستقبلية



بيروت/سما/

أكّد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت اليوم السبت، أنّ لا أحد يمكن ينتصر في الصراع الإقليمي، وأنه أبلغ إسرائيل ذلك، مشيرًا إلى أنّه بحث مع المسؤولين اللبنانيين كيفية تطبيق القرار 1701.

وقال بوريل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية اللبناني عبد الله حبيب: "أنا هنا في لبنان في وقتٍ نشهد تصاعداً لتبادل إطلاق النار بطريقة مقلقة عبر الخط الأزرق، واعتقد أنه يمكن تجنب الحرب، ويجب أن نتجنّبها، ويمكن للدبلوماسية أن تعمل من أجل العثور على حلٍّ أفضل".

وشدد على أنه "من الضروري تجنّب التصعيد الإقليمي في الشرق الأوسط، ومن الضروري أن نتجنّب أن يتمّ جرّ لبنان إلى صراعٍ إقليمي، فهذا آخر ما يحتاجه لبنان اليوم"، مشيراً إلى أنه نزح أكثر من 70 ألف مدني في لبنان، ونحو 200 ألف في شمال إسرائيل، واحترق عدد كبير من أشجار الزيتون في المناطق الحدودية.

واعتبر بوريل أن "أحداً لن يحقق انتصاراً من الصراع الإقليمي، وأنا أرسل هذه الرسالة أيضاً إلى إسرائيل"، مشيراً إلى أنه هنا "لاستكشاف الوضع، والمساهمة في إيجاد حلّ للخروج من الأزمة، والتشديد على ضرورة إعادة فتح القنوات الدبلوماسية، لأن الحرب هي الخيار الأسوأ"، مؤكداً أنه "يتعين على الأسرة الدولية العمل على إحداث تغيير في منطقة الشرق الأوسط".

وبخصوص العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، أكد بوريل ضرورة التحرّك نحو وقف دائم لإطلاق النار في القطاع، وإطلاق سراح الرهائن، وتنفيذ القرارات الدولية، منها 1701 في لبنان، مشيراً إلى أن "الوضع الإنساني في غزة يتجاوز الكارثة، والمدنيون في غزة لا يتعرضون فقط لعملية قصفٍ، بل يتضوّرون جوعاً".


وأضاف المسؤول الأوروبي: "حتى الحرب لها قوانينها، ويجب احترام القانون الإنساني الدولي، وعلينا أن نفهم أن السلام وحده يؤمن الأمن في الشرق الأوسط، لا يمكننا أن نعزل غزة عن الضفة الغربية والقدس الشرقية، غزة هي جزء لا يتجزأ من المسألة الفلسطينية الأوسع، وهي جزء أساسي من الأراضي التي تحتلها إسرائيل، ويجب أن تكون جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقبلية".

وتابع: "الحل الوحيد الذي يحقق السلام والأمن لإسرائيل وفلسطين وتُجمع عليه الأسرة الدولية هو حلّ الدولتين، وعلينا أن نضاعف جهودنا من أجل عملية السلام".

وأردف بوريل: "لقد أعلنت إسرائيل عن هدفها القضاء على حركة حماس، لكن يجب أن تكون هناك طريقة أخرى لمحاربة حماس، أي بديل لا يؤدي إلى مقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء، والحلّ الوحيد يتمثل في إنشاء الدولة الفلسطينية، وهذا يعطي أملاً للفلسطينيين".

وأعلن بوريل أنه سيزور السعودية غداً لبحث دعم جهود السلام الدولية الجادة لحل الأزمة.

كما قال إن لبنان في خط المواجهة الأمامي في الصراع الحالي، وهو يتمتع باستقرار أكبر وقادر على الدفاع عن مصالحه والحفاظ على استقلاله والمساهمة بدوره في الاستقرار الإقليمي.

من جانبه، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب إن "حكومتنا تسعى إلى خفض التصعيد واللبنانيون بدورهم يمارسون ضبط النفس"، مشيراً إلى أنه ناقش مع بوريل إيجاد حلّ سياسي للأزمة الراهنة وتداعياتها، وكيفية تطبيق القرار 1701.

وأضاف بو حبيب في المؤتمر الصحافي المشترك مع بوريل أنّ "الحل السياسي هو الكفيل بوضع حدٍّ لحلقة العنف الطويلة"، مؤكداً ضرورة التزام الاتحاد الأوروبي بإيجاد حلٍّ سياسيٍّ للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وجال بوريل على المسؤولين اللبنانيين لمناقشة الوضع على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وأهميّة تجنّب التصعيد الإقليمي وتهيئة الظروف للتوصل إلى سلام عادل.

ولدى وصوله إلى بيروت، كتب بوريل على حسابه عبر منصة "إكس": "تسعدني العودة إلى لبنان لإظهار الدعم خلال هذه الأوقات الصعبة".

وأضاف: "ستعقد لقاءات مهمة حول تأثير حرب غزة على لبنان والمنطقة، والأولوية هي تجنّب التصعيد الإقليمي ودفع الجهود الدبلوماسية لخلق الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة".


وبالتزامن مع جولة بوريل ومساعي التهدئة، تشهد الجبهة الجنوبية في لبنان تصعيداً عسكرياً عنيفاً، بين الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله"، مُرتقب ارتفاع منسوبه خلال النهار، لا سيما مع إعلان "حزب الله"، صباح اليوم، أنه نفذ الردّ "الأوّل" على اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفاقه في الضاحية الجنوبية لبيروت، باستهداف قاعدة ميرون الإسرائيلية للمراقبة الجوية بـ62 صاروخاً.

وتشهد الساحة اللبنانية حركة وفود أجنبية ناشطة على خطّ جهود التهدئة، مُرتقبة بينها زيارة ثانية لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إلى بيروت، منذ بدء الاشتباكات الحدودية جنوبي لبنان في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووفد أممي رفيع.

وتصبّ الزيارات جميعها في إطار التنبيه من تداعيات اتساع رقعة الحرب في لبنان، خصوصاً أنّ المخاوف من هذا السيناريو زادت عقب اغتيال إسرائيل الرجل الثاني في "حماس" صالح العاروري، في معقل "حزب الله" ومربّعه الأمني، الضاحية الجنوبية لبيروت.



واستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي جوزيب بوريل، اليوم السبت، في دارته في بيروت، وأكد خلال اجتماعه به "أننا طلاب سلام لا دعاة حرب، ونتطلع إلى تحقيق الاستقرار، ونقوم بالاتصالات اللازمة في هذا الصدد، لأن أي تفجير واسع النطاق في جنوب لبنان، سيقود المنطقة إلى تفجير شامل".

وشدد ميقاتي على التزام لبنان بتطبيق القرار الدولي رقم 1701، مؤكداً أن "التطبيق الكامل لهذا القرار يستوجب أولاً وقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها".

ودعا إلى "العمل من أجل إرساء حلٍّ شامل للقضية الفلسطينية عبر إعطاء الفلسطينيين حقوقهم العادلة".

من جهته، قال بوريل بعد لقائه ميقاتي: "إننا اتفقنا على العمل معاً من خلال الدبلوماسية من أجل خفض التصعيد وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل، وهو ما يصبّ في مصلحة الجميع".

وفي السياق، قال مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي، لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء كان جيداً وجرى خلاله البحث في ملفات عدة، على رأسها التطورات الحاصلة على الحدود اللبنانية، ومن بينها أيضاً ملف اللجوء السوري".

وأشار المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن "اللقاء كان إيجابياً، وجرى خلاله البحث في التطورات العسكرية خصوصاً بعد اغتيال العاروري في بيروت، وكان ميقاتي واضحاً بضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية واعتدائها المتواصل على السيادة اللبنانية واستفزازاتها التي تهدف من خلالها إلى جرّ لبنان إلى الحرب، وأكد له أيضاً أن لبنان لا يريد الحرب وعلى الخارج تكثيف الجهود لوقف الحرب في غزة".


ولفت المصدر إلى أن "بوريل أبدى خشيته من التصعيد، وشدد على ضرورة التحرّك دبلوماسياً لوقف إطلاق النار في غزة".

والتقى بوريل رئيس بعثة يونيفيل وقائدها العام اللواء أرولدو لاثارو، واطلع منه على مخاطر التصعيد الحاصل على طول الخط الأزرق، مجدداً التأكيد له على دعم الاتحاد الأوروبي القوي لمهمة الأمم المتحدة، التي لعبت دوراً حاسماً في منع التصعيد وتخفيفه.


من جهته، قال لاثارو: "لقد ناقشنا الوضع الحالي على طول الخط الأزرق وأهمية منع المزيد من التصعيد"، مشدداً على أن "السعي إلى حلّ دبلوماسي ليس ممكناً فحسب، بل ضروري أيضاً".


لقاء بوريل وبري
وفي سياق لقاءات بوريل أيضاً، عرض رئيس البرلمان نبيه بري مع مسؤول الاتحاد الأوروبي الأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة، على ضوء مواصلة إسرائيل عدوانها على قطاع غزة والمناطق اللبنانية الجنوبية.

وقال المكتب الإعلامي لبري إن بوريل أبدى خلال اللقاء "قلقه الكبير من استمرار الحرب على قطاع غزة، وحرصه على عدم توسعها باتجاه لبنان"، معرباً عن "تخوّفه من التصعيد الإسرائيلي"، مشدداً على "وجوب أن تكون الأولوية هي لوقف الحرب على قطاع غزة، لأن ذلك هو المدخل لعودة الهدوء إلى لبنان، وحينها يسهل البحث بتطبيق كامل لمندرجات القرار 1701".

بدوره، جدّد بري التأكيد لبوريل على "التزام لبنان بالشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة، ولا سيما القرار 1701"، مؤكداً أنّ "المدخل لتطبيقه يبدأ بوقف إسرائيل عدوانها وانسحابها من كامل التراب اللبناني المحتل".

وعلى المستوى السياسي الداخلي، شدد بري على أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن تداعيات الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل، كاشفاً أنه على "استعداد دائم للتعاون مع جهود اللجنة الخماسية (تضمّ قطر، فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، السعودية، ومصر)، لإنجاز هذا الاستحقاق".



وظهر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أمس الجمعة، في إطلالته الثانية بعد اغتيال العاروري، بصورة "غير الراغب في الحرب"، متمسّكاً بالمصلحة الوطنية، مؤكداً في المقابل الجهوزية الكاملة في حال العدوان الإسرائيلي على لبنان، إلاّ أنه بدا هذه المرّة منفتحاً على التفاوض في الملف اللبناني الحدودي، لكن بعد انتهاء الحرب في غزة، التي تعدّ كذلك السبيل الوحيد لانتهاء المعارك في الجنوب اللبناني.


وأكد نصر الله أنّ الردّ على اغتيال العاروري "آتٍ لا محالة، معتبراً أننا لا نستطيع أن نسكت عن خرق بهذا المستوى من الخطورة، لأن هذا يعني أن كل لبنان، بمناطقه وأراضيه، والشخصيات، ستصبح مكشوفة"، مشدداً على أن "حجم الخطر والتهديد والسلبيات المترتب عن السكوت عن هذا الخرق أكبر بكثير من أي مخاطر قد نذهب إليها عند الردّ على هذا العدوان".

thumbnail_b9b71bcb-b31e-4487-8e28-7f087ddca2ea