قال رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هليفي، مساء الأربعاء، إن الجبهة الشمالية (المعنية بالمواجهات مع المقاومة في لبنان) وافقت على مجموعة متنوعة من الخطط للاستمرار في المواجهة العسكرية مع “حزب الله”.
جاء ذلك خلال تقييم للوضع أجراه، مع قائد القيادة الشمالية اللواء أوري غوردين، وقادة آخرين، وفق بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي نشره على موقعه.
وقال هاليفي: “مهمتنا الأولى إعادة السكان بأمان، وهذا سيستغرق وقتا”، في إشارة لنحو 60 ألفا من سكان الشمال الإسرائيلي الذين تم إجلاؤهم من منازلهم، بسبب المواجهات مع “حزب الله”.
وأضاف: “وافقنا اليوم الأربعاء على مجموعة متنوعة من الخطط للاستمرار، وعلينا أن نكون مستعدين للهجوم إذا لزم الأمر”.
واعتبر هليفي، أن “الجيش الإسرائيلي والقيادة الشمالية على مستوى عالٍ جدًا من الاستعداد”.
وتابع: “حتى الآن، تتم إدارة العملية هنا بطريقة صحيحة وصارمة، وهكذا يجب أن تستمر”.
واستدرك أنه “لن يتم إعادة سكان المنطقة الشمالية لإسرائيل بدون أمن وشعور بالأمان”.
وصرح عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، اليوم الأربعاء، بأنه في حال لم تعمل حكومة لبنان على وقف هجمات "حزب الله" عبر الحدود فإن الجيش الإسرائيلي سيجبره على ذلك.
وقال غانتس خلال مؤتمر صحافي: "الوضع في الحدود الشمالية يجب أن يتغير ويلزم العمل للتوصل إلى حل سياسي، وحكومة لبنان إذا لم تعمل من أجل وقف هجمات "حزب الله" فسيقوم جيش الدفاع الإسرائيلي بذلك".
وأضاف: "الوقت للعمل الدبلوماسي من أجل تحقيق ذلك يشارف على الانتهاء".
وقد أعلن حزب الله اللبناني، اليوم الأربعاء، استهداف بلدة كريات شمونة شمالي إسرائيل بـ30 صاروخ من نوع "كاتيوشا"، وذلك ردا على استهداف إسرائيل للمدنيين في بلدة بنت جبيل جنوبي لبنان.
وفي سياق متصل، أبلغت قيادة الجيش الإسرائيلي المستوى السياسي بأن العام 2024 المقبل سيكون "عام حرب"، بكل ما يعني ذلك من حيث استدعاء قوات الاحتياط والتأثير على المرافق الاقتصادية المدنية، وعلى جهاز التعليم وإعادة سكان "غلاف غزة" والبلدات القريبة من الحدود اللبنانية إلى بيوتهم، حسبما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الأربعاء.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، أمس، إنه "لا توجد حلول سحرية واختصار في الطريق إلى تفكيك أساسي لمنظمة إرهابية، وإنما قتال عنيد وحازم. ونحن حازمون جدا. وسنصل إلى قيادة حماس، سواء استغرق ذلك أسبوعا أو أشهرا".
ووفقا للصحيفة، فإنه توجد انتقادات داخل الجيش الإسرائيلي على إدارة الحرب. ونقلت عن ضباط يشاركون في التوغل البري في القطاع قولهم إنه "لم يكن من الصواب العمل في خانيونس في موازاة شمالي القطاع، لأن المقاومة في الشمال كانت كبيرة وكانت هناك حاجة إلى عدد من الفرق العسكرية لتفكيك كتائب حماس والوصول إلى حسم".
وحسب الصحيفة، فإن استمرار حالة الحرب خلال العام المقبل لا يتعلق بالحرب على غزة، وإنما باحتمالات تطور القتال بين إسرائيل وحزب الله، المحدود حاليا، إلى حرب واسعة. وتدعي تقديرات الجيش الإسرائيلي أن عدد شهداء حزب الله أعلى مما يعلن عنه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من شأن تصعيد الغارات والقصف الإسرائيلي في لبنان أن يدفع سكان في جنوب لبنان إلى النزوح شمالا، في ظل تقديرات إسرائيلية أن عدد النازحين اللبنانيين حاليا تجاوز 100 ألف نازح.
ويعتبر الجيش الإسرائيلي أن نزوح اللبنانيين شمالا من شأنه أن يزيد الضغوط على أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، "الذي لديه حساسية كبيرة تجاه مكانته لدى الجمهور". واعتبر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن "حزب الله حوّل جنوب لبنان إلى منطقة قتال ويواصل تشكيل خطر على مستقبل لبنان كله".
وفي وقت سابق من مساء الأربعاء، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه “تم رصد ثلاث طائرات بدون طيار معادية عبرت من لبنان وسقطت في منطقة جبل دوف (مزارع شبعا)”، دون مزيد من التفاصيل حول وقوع إصابات من عدمه.
وفي سياق متصل، قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، إنه تم “إطلاق أكثر من 10 صواريخ من لبنان تجاه مستوطنة “كريات شمونة”.
في المقابل، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني، النائب حسن فضل الله، في حديث للميادين إنّ "تصعيد الاحتلال الإسرائيلي هو محاولة لإيجاد ما يُعدّه عاملاً رادعاً".
وأضاف فضل الله أنّ الاحتلال استهدف منازل سكنية ليس فيها أي حركة عسكرية، متسائلاً: "أي إنجاز في ذلك؟".
وأكّد أنّ "المقاومة الإسلامية في لبنان تحدد الرد، وتتعاطى مع التصعيد الاسرائيلي بما يتلاءم وتدرس الأمر بعناية".
وأشار إلى أنّ "الكلّ يعرف أنّ الاحتلال لحقت به هزيمة تاريخية في بنت جبيل في 2006، مشدداً على أنّ "التضحيات التي نقدمها في جنوب لبنان هي جزء من المعركة الكبرى لمنع العدو من تحقيق أهدافه".
ولفت فضل الله إلى أنّ "الفرق بين الماضي واليوم هو وجود مقاومة تواجه وتردّ وتصنع المعادلات"، مؤكداً أنّ "إمكانيات المقاومة تطورت بشكل كبير وخصوصاً بعد 2006، وهناك إرادة قوية وجاهزية في الميدان ودقة وتحكم".
وكشف عضو كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني للميادين، أنّ "الفعل الحقيقي نقوم به ضد منشآت العدو العسكرية، وحين صعّد الاحتلال طوّرت المقاومة في المقابل أساليب المواجهة"، مؤكّداً أنّ "المقاومة لديها دور كبير في هذه المعركة والعدو يعرفه جيداً".
وقال فضل الله: "نحن نعمل على هدفين أولهما إسناد غزة، والثاني الدفاع عن أرضنا، ومنع النتائج الكارثية إذا حقق العدو أهدافه"، كاشفاً أنّ "المأزق العسكري الإسرائيلي كبير وستكشف الأيام تباعاً حجم ما يلحق به".
وأشار إلى أنّ "المعادلة مختلفة تماماً ولأول مرة تصبح المواقع الإسرائيلية على الحدود أهدافاً يومية مع استنزاف جيش العدو".
وأكّد فضل الله أنّ المقاومة "جاهزة لكل الاحتمالات، وكل مرحلة لها متطلباتها وطرقها، سواء على المستوى السياسي أو العسكري".
وشدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني للميادين في الختام على أنه "يجب ألا ينتصر هذا العدو في غزة وإذا حقق أهدافه هناك فإنّ كل المنطقة ستدفع ثمناً".
وفي وقت سابق اليوم، أكّد فضل الله في كلمة له خلال تشييع الشهداء الثلاثة الذين ارتقوا من جراء استهداف الاحتلال منزلاً في بنت جبيل الجنوبية، قائلاً إنّ "المقاومة الإسلامية لن تتساهل مع استهداف المدنيين"، و"سترد على كل جرائم الاحتلال الإسرائيلي".
ويتصاعد القلق لدى الاحتلال ومستوطنيه، على وقع العمليات التي ينفّذها حزب الله في الشمال، تزامناً مع تلك التي تنفّذها المقاومة الفلسطينية في غزة وإسناداً لها، وهو ما أعرب عنه الإعلام الإسرائيلي، الذي أكّد أنّ "حزب الله قادر على إيلام إسرائيل، وإلحاق الأضرار بها".
و”تضامنا مع قطاع غزة”، يتبادل “حزب الله” وفصائل فلسطينية في لبنان مع جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، توعد وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، بإبعاد “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني جنوبي لبنان، “سواء بترتيب سياسي دولي أو بتحرك عسكري، استنادا إلى القرار الأممي 1701″، ما أدخل “التسوية الدولية” في معادلة التوتر الراهنة، بجوار “الحرب الشاملة”.
وبخلاف ذلك، قال وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين، في 17 ديسمبر الجاري، إنه “لن يمنع نشوب حرب مع لبنان سوى تنفيذ القرار الدولي 1701، بإبعاد مقاتلي حزب الله، إلى شمال نهر الليطاني”.
وفي 11 أغسطس/ آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، بعد حرب استمرت 33 يوما بين “حزب الله” وجيش الاحتلال.
ويدعو القرار إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوبي لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل).
غير أن تقارير إعلامية عبرية أشارت إلى وجود “ضغط أمريكي وفرنسي” على تل أبيب من أجل “عدم توسيع الصراع إلي الشمال، أو الخوض في حرب شاملة مع قوات حزب الله في لبنان”.
وتتزامن هذه التوترات الحدودية بين الاحتلال الإسرائيلي و”حزب الله” بالتزامن مع حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضي، على قطاع غزة خلّفت حتى الأربعاء، 21 ألفا و110 شهداء و55 ألفا و243 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.