تناول مقال في صحيفة (هآرتس) العبرية الحرب النفسية التي يشنها جيش الاحتلال عبر الإنترنت، وذكرت “أنّ هناك قناة بـ (تلغرام) (72 حورية – بدون رقابة) نشرت مئات المقاطع المصورة عن عمليات الجيش وعن الدمار في غزة“.
وقال مصدرٌ عسكريٌّ رفيعٌ “إنّه لا يوجد أيّ سببٍ يجعل الجيش يقوم بإدارة عمليات تأثير على مواطني إسرائيل، هذا يبدو مثل صفحة رسائل الظل”.
وأضاف، “أن قسم التأثير في إدارة العمليات في الجيش الإسرائيلي، المسؤول عن عمليات الحرب النفسية ضد العدو والمجتمعات الأجنبية، يدير في فترة الحرب قناة في التلغرام باسم “72 حورية – بدون رقابة” الموجهة للجمهور الإسرائيلي، وتعرض جثثًا لمقاتلي حماس”.
وأكّد الكاتب، أنّ القناة التي تتفاخر بمواد حصريّةٍ من داخل غزة نشرت أكثر من 700 منشور وصورًا وأفلامًا عن عمليات قتل وعن الدمار في القطاع، وحتى أنّها شجعت الـ 5300 متابع على المشاركة بالمضامين من أجل أنْ (يرى الجميع بأننا نقضي عليهم)”.
ونقلت الصحيفة عن المصدر قوله، “لا يوجد أيّ سبب لأنْ يدير الجيش الإسرائيلي عمليات تأثير على المواطنين الإسرائيليين، كما أنّ الرسائل إشكالية، هذا لا يبدو مثل عملية حرب نفسية لجيش مثل الإسرائيلي، بل هي تشبه أكثر صفحة رسائل (الظل) وحقيقة أنّ جنودًا يشغلون هذه الصفحة هي إشكالية وخطيرة جدًا”.
وافتتحت القناة في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) بعد يومين على اندلاع المعارك باسم (المنتقمون)، وفي اليوم التالي تغيّر الاسم إلى (جهنم)، وبعد ذلك (72 حورية – بدون رقابة).
وبعد يوميْن على افتتاحها كتب في أحد المنشورات: “سنحرق أمهاتهم، ما هذا الفيلم الذي حصلنا عليه، أنتم لا تفهمون! نسمع فيه صوت تكسير عظامهم. على الفور سنعرضه استعدوا”.
وقد أرفق مع صور جثث مسلحين إلى جانب فيلم لجندي في الجيش يغمس رصاص رشاشه بدهن الخنزير.
وبيّن الكاتب، “في كلّ ليلةٍ يتّم طرح في القناة إجماليّ نشاطات كثيرة للجيش الإسرائيليّ في غزة، مع وعودٍ بنشر أفلامٍ وصورٍ حصريّةٍ من الميدان”.
وفي 14 أكتوبر، نشروا في القناة مقطعًا لسيارةٍ إسرائيليّةٍ وهي تقوم بدهس إحدى الجثث ذهابًا وإيابًا.
وأوضح الكاتب، “مَنْ يشغلون القناة لم يكتفوا بالصور من غزة. ففي 11 أكتوبر قام مئات الإسرائيليين بأعمال شغبٍ في مستشفى (شيبا) عقب شائعةٍ بأنّه هناك يتم علاج عناصر حماس الذين اقتحموا الحدود”.
وتجمع مثيرو الشغب في المستشفى وقاموا بشتم الطواقم الطبية والبصق عليها، وخلال ساعة نشر في قناة (72 حورية) فيلم عن أعمال الشغب مع شعار “إخوتي الأبطال، أحبّكم، ما هؤلاء الأبطال الذين جاءوا للتنكيل بالعرب”.
وتابع، “هذه ليست المرة الأولى التي يتّم فيها الكشف عن حربٍ نفسيّةٍ يقوم بها الجيش الإسرائيليّ، المخصصة بالذات لمواطني الكيان”.
وكشفت (هآرتس) أنّه خلال عملية حارس الأسوار في 2021 أدار المتحدث بلسان الجيش الإسرائيليّ عملية تضليل ضد المواطنين بإسرائيل، هدفت لزيادة الوعي حول هجمات الجيش الإسرائيلي في غزّة والثمن الذي يقوم بجبايته من الفلسطينيين”.
ونشر الجيش على حساباتٍ وهميّةٍ بالشبكات الاجتماعيّة صورًا للدمار الكبير بغزّة وطلب من المتابعين المشاركة كي “يعرفوا بأننا نرد وبشكل كبير”، وفقًا لكاتب المقال.
وأردف، “في قناة (تلغرام) التي تُدار الآن يتوسلون للمتابعين كي يشاركوا التوثيق الذي نشروه، وكتبوا (أيها الأبطال، لا تنسوا أنّ كلّ هذه المضامين هنا هي حصرية وأنتم الأوائل الذين تطلعون عليها، شاركوا حتى يرى الجميع هؤلاء الباكين. يا جنود جيش الدفاع الأبطال اقضوا على حماس وقوموا بتسوية غزة مع الأرض، آمين”.
وذكر الكاتب، “أنه قبل سنتيْن نشرت (هآرتس) أنّ الجيش الإسرائيليّ قام بتوظيف مشغل قناة تلغرام باسم (أبو علي إكسبرس) للاستشارة في مواضيع الحرب النفسية في الشبكات الاجتماعية”.
ونشرت القناة ذات المائة ألف متابع أخبارًا حصريةً وأفلامًا وصورًا ظهر فيها شعاره بدون الإشارة إلى التعاون بينه وبين الجيش الإسرائيليّ.
وأكّدت الصحيفة، “أنّ الجيش ينشغل منذ سنوات في عمليات الحرب النفسية والتأثير ضدّ الأعداء في محاولة لتحطيم روايتهم والتأثير على السكان وتحقيق إنجازات عملياتية، وهذه العمليات سريّة بواسطة حساباتٍ وهميةٍ، دون ترك أيّ بصماتٍ للجيش، ولكن حسب القانون فإنّه محظور على الجيش استخدام هذه القدرة تجاه المواطنين في إسرائيل”.
وذكر المتحدث بلسان الجيش أنّ ” قناة 72 حورية غيرُ مُشغلّةٍ من قبل الجيش الإسرائيليّ”، ومع ذلك، فقد أكّد مصدرٌ عسكريٌّ رفيعٌ أنّ القناة قام بإدارتها رجال من الجيش بصورةٍ منهجيّةٍ.
على صلةٍ بما سلف، وَجَبَ التنويه أنّ الصحيفة العبريّة عينها نشرت تحقيقًا مطولاً أكّدت من خلاله أنّه على الرغم من المساعي الإسرائيليّة للهيمنة على وسائط التواصل الاجتماعيّ، فإنّ الفلسطينيين ومؤيّديهم أحكموا سيطرتهم على منصّة (تيك توك)، حيثُ قالت إنّه حتى اللحظة تمّ نشر 14 مليار مدونّة لصالح القضيّة الفلسطينيّة، فيما وصل عدد المدونّات الداعمة لإسرائيل لـ 8 ملايين فقط، الأمر الذي يؤكِّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ الرأي العام العالميّ يتبنّى بسواده الأعظم الرواية الفلسطينيّة، ويرفض ما تسوقه إسرائيل وداعميها في أرجاء المعمورة، على حدّ تعبيرها.


