هدنة (غزة).. وساطات قطرية مصرية امريكية، أم إنهزام ورضوخ “اسرائيلي”..

الأحد 26 نوفمبر 2023 09:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هدنة (غزة).. وساطات قطرية مصرية امريكية، أم إنهزام ورضوخ “اسرائيلي”..



كتب عدنان نصار:

دخلت هدنة الأيام الأربعة ، حيز التنفيذ ، وتبادلا  المقاومة الفلسطينية والاحتلال الأسرى..فهل الهدنة والافراج عن أسرى الاحتلال ، تم فعليا بوساطة قطرية ومصرية ومساندة امريكية ، ام ان المقاومة الفلسطينية فرضت شروطها بحكم صلابتها النضالية ، ومقاومتها القتالية التي غيرت مسار التقكير والتقدير السياسي والعسكري عند الاحتلال..؟ للإجابة ، لا بد من دخولنا بتفصيلات سياسية اولا ، ومن ثم ندخل في تفاصيل المعركة ..،فعلى الصعيد السياسي كسبت المقاومة الكثير من الأوراق العالمية ، والطبع العربية أيضا حتى مع دول لم تتفق معها سياسيا وايدولوجيا،  غير ان البعد السياسي بعد صلابة القتال والصمود دفع نخو تغيير مسارات سياسية متعددة ، وصبت في مجملها في مصب إستحالة الوصول الاسرائيلي الى مخبأ الاسرى الاسرائيليين ، وايضا عدم جدوى العدوان امام صلابة المقاومة من جهة ، وصبر الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتعايشه ايضا بصبر وصلابة مع عدوان همجي ، اوقع نحو 15 الف شهيد فلسطيني ، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء والمدنيين ، وما يزيد على 20 الف جريح ، وآلاف المفقودين .

كما أن البعد السياسي الضاغط عالميا وعربيا سواء عند حكومات وشعوب لعبوا دورا ضاغطا في تغيير مسار التضامن العالمي الذي أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد السياسي ، وسط ذهول من ركضوا نحو التطبيع او محاكاة سياسية لدول وقعت اتفاقيات سلام مع اسرائيل ، لعبت على هذه الملفات والاتفاقيات وهو لعب سطحي لم يكن فاعلا ، بإستثناء الموقف الأردني الرسمي الذي لوح بأوراق اتفاقية “عربة” او إلغاء التوقيع على اتفاقيتي الماء والكهرباء ..

ad

وفي البعد السياسي ، دفعت المقاومة الفلسطينية والصبر عند أبناء قطاع غزة ، إلى صناعة واعادة إنتاج مظاهرات التأييد الشعبي العالمي والعربي بمن فيهم يهود لا يؤيدون الصهيونية مطلقا ،  لغزة والقضية الفلسطينية بشكل اربك الاحتلال الاسرائيلي ، ناهيك عن الضغط الشعبي داخل دولة الاحتلال من أهالي الأسرى سواء بمظاهر التظاهر في تل ابيب او عبر الاعلام العبري ، مما دفع بإتجاه تغيير مسار حكومة الحرب الاسرائيلية ورضوخها سياسيا أمام هذا الواقع المربك للاحتلال ، وخروج السياسة الإسرائيلية من دائرة الأخلاق بعد هذا الاجرام الذي ارتكبته بحق اكثر من نسبة 3% من إجمالي سكان قطاع غزة البالغ نحو 2 مليون و 300 الف فلسطيني..
في البعد العسكري ، هنا  أجزم  ان المقاومة الفلسطينية وعلى مدى (48) يوما من العدوان الهستيري المجرم على قطاع غزة ، مستخدما كل ادواته العسكرية البرية والجوية والبحرية لم يتمكن خلالها مجلس حرب الغزاة الصهيوني من تحقيق أي هدف معلن من أهداف عدوانه على غزة ، فلا هو منتصر ولا هو قادر حتى على تحديد امكنة المقاومة الفلسطينية الصلبة ، ولم يتمكن من الاستدلال على أسراه..فكل ما فعله الاحتلال في الأيام التي تلت السابع من أكتوبر، هو تدمير البنى التحتية بكل ما أوتي من حقد صهيوني ، وتدمير ابراج ومساكن ، ومستشفيات كشفت فيه آلة الحرب الاسرائيلية عن انيابها ، وكشفت عن هستيريا العدائية المجرمة ، مستخدمة اسلوب دعائي واعلامي كذاب يقلب الحقائق ، ويحول الجلاد الاسرائيلي وسارق البلاد إلى ضحية.. ولم يكتف الاحتلال بكل هذا فالقتل العشوائي للمدنيين كان ديدنه ، والبربرية عنوان سلوكه ، والدموية مسار ساسة الاحتلال الذي من الممكن وضعهم في خانة “البلطجية” ..
عسكريا، المقاومة الفلسطينية أدخلت الاحتلال في دوامة الاختلال ، وفقدان التوازن عسكريا كقوة مفترضة انها “لا تقهر ” وتم قهرها ليس على يد جيوش عربية ، بل على يد مقاومة فلسطينية صلبة مسلحة بالعقيدة الايمانية والوطنية والحق ..كما عملت المقاومة الفلسطينية على “إفلاس” دولة الاحتلال بكلفة عدوان يومي وصل لأكثر من ،(270) مليون دولار ، وأكثر من ربع مليون مهجر من المستوطنين من غلاف غزة ومحيطها ، واعداد قدرت بنحو 800 الف عامل فقدوا وظائفهم ، امام هذا الواقع المندحر للاحتلال وجيشه ، ارغمت المقاومة حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو على الغاء كل عنترياتهم التي تشدقوا بها في بداية العدوان ، والقبول بشروط الهدنة ، وصفقة الأسرى الأولية، وما سيلي ذلك من صفقات لتبادل الأسرى ، وأعتقد أن ذلك سيقود إلى المزيد من الهدن أمام حالة الانعزال والانهزام الاسرائيلي عسكريا ، وسياسيا .
في ظل إنتكاسة السابع من أكتوبر للإحتلال ، سياسيا وعسكريا واخلاقيا ، لم يكن أمام مجلس الحرب الاسرائيلي ، سوى الإفلات من قبضة المقاومة الفلسطينية ، بما يليق بماء الوجه عند من لا ماء في وجههم “الاحتلال” ، فعملية البحث عن الافلات من قبضة المقاومة ، لم تكن عند الاحتلال الا انهزاما اضافيا ، فكانت صفقة وواسطة قطرية مصرية مقدرة بمساندة أمريكا التي وصل بيتها الأبيض إلى شبه قناعات ان العدوان الاسرائيلي لن يحقق أهدافه مطلقا في غزة ، وترسخت هذه القناعات عند صناع السياسة الأمريكية بعد اكثر من شهر ونصف على عدوان لم يسفر الا قتل للابرياء والمدنيين والنساء والاطفال ، ناهيك عن الضغط الشعبي داخل أمريكا الرافضة لدعم بيتها “الابيض” لإسرائيل في عدوان همجي سيزيد من “سواد”سمعة أمريكا عالميا وعربيا ..شخصيا ، ووفق رؤية تحليلية صحفية سياسية ، أقول ان ما حدث هو رضوخ اسرائيلي لشروط صلابة المقاومة الفلسطينية..وما خسرته اسرائيل من قتلى ضباط وجنود ، وعدة وعتاد بما فيهم فخر صناعتهم الميركافا في المعارك البرية ” لغزوة غزة ” كان أحد أبرز الدوافع للرضوخ الاسرائيلي لشروط المقاومة ، عبر وساطة قطرية مصرية أمريكية.
كاتب وصحفي اردني..