العدوان على فلسطين يطيح بشعبية بايدن الانتخابية نحو حافة الهاوية..

الخميس 23 نوفمبر 2023 10:43 ص / بتوقيت القدس +2GMT
العدوان على فلسطين يطيح بشعبية بايدن الانتخابية نحو حافة الهاوية..



كتب الدكتور عوض سليمية:

لاول مرة في تاريخ المشهد السياسي الامريكي، تدخل السياسة الخارجية للولايات المتحدة كعامل تأثير في نمط تصويت الناخب الامريكي، وأصبحت قضية فلسطين تفرض نفسها كمعادلة على الاجندة الانتخابية للحزبين المتنافسين الجمهوري والديموقراطي الطامحين للوصول الى خط النهاية لانتخابات الرئاسة الامريكية 2024. فالعدوان الامريكي الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني والدعم اللامحدود الذي تقدمه الادارة الامريكية، كان العامل الاهم الي ساعد في اغراق شعبية الرئيس بايدن والحزب الديموقراطي في اوساط الناخبين الامريكيين خاصة ذوي الاصول، العربية، الاسلامية، الاسيوية واللاتينية ممن لهم سجل حافل في انتخاب الحزب الديموقراطي، والمطالبين بوقف العدوان على قطاع غزة فوراً وإحياء حل الدولتين.
في احدث استطلاع وطني نظمته شبكة [1]NBC News خلال الفترة من 10-14 نوفمبر على عينة استطلاع  شملت 1000 ناخب امريكي، وتم نشر نتائجه مؤخراً، أظهرت النتائج تراجع شعبية الرئيس جو بايدن إلى أدنى مستوى لها منذ توليه منصب الرئيس، في ظل اعتراض شرائح واسعة من الناخبين الامريكيين على سياسات الحزب الديموقراطي الداعمة للعدوان على الشعب الفلسطيني.

تآكل شعبية الرئيس بايدن في اوساط الناخبين الامريكيين من كلا الحزبين (ممن شملهم الاستطلاع 40% ديموقراطيين و39% جمهوريين) بسبب موقفه المنحاز لاسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، كانت في قلب نتائج هذا الاستطلاع والذي تناول عدد من القضايا السياسية الساخنة. حيث اظهرت النتائج ان ما نسبته 56% من المستطلعين لا يوافقون على طريقة تعامل الرئيس بايدن مع الحرب التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة. وان ما نسبته 30% من المستطلعين يرون ان اسرائيل ذهبت بعيداً في حربها غير العادلة على غزة وليس لها ما يبررها. كما أظهرت النتائج ايضاً ان ما نسبته 58% من المستطلعين يدعمون توفير الولايات المتحدة ودول العالم لمزيد من التمويل والمساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
في السياق، أظهرت نتائج الاستطلاع ان ما نسبته 57% عبرو عن عدم موافقتهم على الوظيفة التي يقوم بها بايدن كرئيس للولايات المتحدة، وهو اعلى مستوى للرفض سجلته استطلاعات الرأي منذ دخول بايدن البيت الابيض. وجاءت اعلى نسبة من الاعتراضات في اوساط الشباب الناخبين الذين تتراوح اعمارهم بين (18 و34 سنه) الذين يرو ان بلادهم ذهبت بعيدا جدا في سياساتها ضد الشعب الفلسطيني، وعبر عن هذا الموقف ما نسبته 70٪ ممن يرفضون طريقة تعامل بايدن مع الحرب في غزة. مقارنة باستطلاع سابق تم نشر نتائجه في سبتمبر الماضي، قال 46٪ من هؤلاء الناخبين إنهم يوافقون على أداء بايدن الوظيفي.
يقول العديد من الامريكيين المستطلعة ارائهم انهم لا يؤيدون سياسات الدعم لاسرائيل. وان سياسات الرئيس بايدن الداخلية والخارجية فاشلة ووعوده كاذبة. هذا الرأي عبرت عنه نتائج الاستطلاع التي اظهرت ان 62% من المستطلعين لا يوافقون على سياسات  بايدن الخارجية. بالمثل، فإن الغضب الشعبي على سياسات البيت الابيض الخارجية والداخلية باتت تهدد بخسارة الديموقراطيين لمنصب الرئيس، حيث اظهرت النتائج ان 46% من المستطلعين سوف يصوتون لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب، مقابل 44% في حال أعاد الرئيس بايدن ترشحه للمنافسه على منصب الرئيس.
الانحياز الامريكي الفاضح لحرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني، والذي سبقه تجاهل كامل لحق الشعب الفلسطيني منذ عقود من قبل الادارات الامريكية المتتابعة، احدث اهتزاز كبير في شعبية الرئيس بايدن والحزب الديموقراطي على وجه عام. وظهرت علامات التشقق والتمرد ليس فقط في الشارع الامريكي الغاضب الذي دفع بملايين المتظاهرين المطالبين بوقف العدوان على غزة والمنادين بالحرية لفلسطين. بل تخطى ذلك الى داخل الوكالات الفدرالية بما فيها الكابيتول هيل. وكانت وزارة الخارجية الامريكية من اوائل الوكالات الرسمية التي عبر عدد كبير من منتسبيها عن غضبهم من سياسات وزيرهم انتوني بلينكن المنحازة لاسرائيل، ويدعونه لضرورة ان يكون لوزارة الخارجية دوراً محايداً ومساعداً لانهاء الحرب على غزة. وسارع عدد من اعضاء الكونجرس الى رفع المذكرات للبيت الابيض تدعوه فيها لوقف الحرب، الى جانب مواصلتهم التقاط مكبرات الصوت امام البيت الابيض وعلى مقاعد الكونجرس للتعبير عن رفضهم لسياسات الادارة الديموقراطية الداعمة لاسرائيل والرافضة لوقف الحرب على قطاع غزة.
منذ عقود كان التعهد بإظهار الدعم غير المشروط لاسرائيل قضية انتخابية امريكية، وبطاقة العبور الاولى للترشح على قوائم عضوية الكونجرس الامريكي، و/أو تولي حقائب المناصب الرفيعة الاخرى داخل وخارج الولايات المتحدة، بفعل تأثير المال السياسي للوبي اسرائيل وجماعات الضغط والمصالح المؤيدة لاسرائيل منقطعة النظير. لكن اليوم، تؤكد المسيرات التضامنية على الارض الامريكية ونتائج الاستطلاع الى ان الاخطاء المتتالية التي ترتكبها الادارة الامريكية في سياساتها الخارجية، خاصه انحيازها الكامل لاسرائيل، اصبحت تؤثر سلباً على مزاج الناخب الامريكي الناقد لسياسات بلاده المعادية للفلسطينيين. وتعتبر نتائج الاستطلاع ايضاً، بمثابة اشعال وميض احمر امام الحزبين الكبيرين في امريكا ينذر بضرورة ان تستمع النخب السياسية في واشنطن لصوت الاغلبية العظمى الصامته التي تملك على الدوام اقوى اوراق الضغط الداخلية لتحديد الفائز في الانتخابات الامريكية القادمة 2024.
الاصوات الحُرة الهادرة في واشنطن وعبر العالم، المطالبة بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لاراضي دولة فلسطين، هي فرصة مواتية لتحفيز انصار الحق الفلسطيني للعمل على وضع قضية فلسطين على الاجندة الانتخابية للمرشحين لعضوية البرلمانات العالمية بمن فيهم المتنافسين لعضوية الكونجرس ومقعد البيت الابيض. بعد ان غاب تأثير مجلس الامن واختفت باقي مؤسسات الامم المتحدة. وهي فرصة ايضاً، لتشكيل حزام ضغط لدفع القادة العالميين والاقليميين للدعوة والحشد لمؤتمر سلام دولي، ينهي الاحتلال الاسرائيلي ويدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
باحث في العلاقات الدولية
مدير وحدة الابحاث والدراسات الدولية
[1] https://www.documentcloud.org/documents/24171452-230343-nbc-november-2023-poll_111923-release-v2