كشفت القناة الـ 14 بالتلفزيون العبريّ النقاب عن أنّه خلال الهجوم الذي شنّته حركة (حماس) في السابع من أكتوبر الماضي، تمكّن عناصر الوحدة من اقتحام إحدى أكثر القواعد العسكريّة سريّةً والواقعة جنوب الدولة العبريّة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ المُقاومين من (حماس) دخلوا القاعدة وباشروا بقطع الاتصالات وسرقة الحواسيب التي كانت في المكان، ولكنّه أضاف قائلاً إنّ وحدةً إسرائيليّةً من وحدات النخبة قامت بقتل الفدائيين الذين اقتحموا الوحدة والتي، بحسب القناة العبريّة، تُسّمى قاعدة (يركوني).
وكانت مجلة (ليموند دبلوماتيكا) الفرنسيّة قد قامت بإعداد تقريرٍ نادرٍ للغاية عن قاعدة (اوريم) التابعة للوحدة 8200، والتي تخضع مباشرةً لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) في جيش الاحتلال.
وبحسب المُختَّص الإسرائيليّ في الشؤون الأمنيّة، يوسي ملمان، فإنّ القاعدة هي إحدى أكبر قواعد التنصت الالكترونيّ في العالم، مشيرًا إلى أنّها تتواجد بالقرب من القرية التعاونية (أوريم) وتعتبر جزءًا مهمًا من تجهيزات وحدات التنصت المركزية التابعة للاستخبارات العسكريّة.
وجاء في التحقيق بأنّ القاعدة تضم 30 برجًا هوائيًا وصحونًا لاقطةً من أنواعٍ وأحجامٍ مختلفةٍ مهمتها التنصت على المكالمات الهاتفية واختراق العناوين الالكترونيّة التابعة لحكوماتٍ وشركاتٍ أجنبيّةٍ ومنظماتٍ دوليّةٍ ومنظماتٍ سياسيّةٍ، إضافةً إلى الأشخاص والأفراد.
وبحسب التقرير، فإنّ أهّم أهداف القاعدة التجسسية هو التنصت على الاتصالات اللاسلكيّة ومراقبة حركة السفن في البحر المتوسط، إضافةً إلى اعتبارها مركزًا هامًّا لشبكات التجسس عبر الكوابل البحريّة التي تربط إسرائيل بدول أوروبا عبر مياه المتوسط، إضافةً لامتلاك القاعدة محطات تنصت سرية تزيد من فاعليتها.
وفي أطار أهّم انجازات الوحدة 8200 التي حظيت بتغطيةٍ إعلاميّةٍ كبيرةٍ اعتراض مكالمة هاتفية جرت بين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والملك الأردني الحسين بن طلال وذلك أوّل أيام عدوان العام 1967، وكذلك اعتراض مكالمةً هاتفيّةً جرت بين ياسر عرفات ومسلحين تابعين لمنظمة جبهة التحرير الفلسطينية (أبو العباس) الذين اختطفوا عام 1985 سفينة الركاب الايطاليّة (اكيلي لاورو) في أثناء إبحارها في مياه المتوسط.
علاوةً على ذلك، لفت التقرير إلى أنّ المعلومات التي تجمعها القاعدة التجسسية يتّم مباشرةً نقلها إلى قاعدة الوحدة 8200، التي تقع وفق الصحيفة الفرنسية في مدينة هرتسليا، المتاخمة لتل أبيب، مُشيرًا إلى أنّ تقارير أجنبيّة أخرى أكّدت أنّ قيادة الوحدة تقع بالقرب من مقر الموساد الإسرائيلي في منطقة (بي غليلوت)، القريبة من تل أبيب.
كما أن المواد التي تُجمع في قاعدة التنصت يتم توزيعها على الموساد الإسرائيليّ وعلى عددٍ من وحدات الجيش الإسرائيليّ لاستعمالها، وجاء في التقرير الفرنسيّ أنّ مجندّةً إسرائيليّةً سابقةً، كانت تعمل بتحليل المواد الملتقطة، قالت إنّها عملت في إسقاط الاتصالات الهاتفيّة والبريد الالكترونيّ، لافتةً إلى أنّ العمل في القاعدة كان لذيذًا جدًا، على حد تعبيرها.
وأشار ملمان إلى أن مُعد التقرير هو الصحافي النيوزيلندي نايك هاغر، المختَّص في شؤون التجسس والتنصت، مُوضحًا أنّ الصحيفة الفرنسيّة عادت وأكّدت مرّةً أخرى ما كانت نشرته وسائل الإعلام الأجنبيّة، حول أن (الموساد) هو الذي يحظى بالشهرة في الإعلام الغربيّ وأيضًا الإسرائيليّ، مع أنّ قاعدة التنصت في كيبوتس (أوريم) لا تقِّل أهميةً عنه، إلّا أنّها ما زالت في الظل، على حد قوله.
ولفت ملمان إلى أنّ الوحدة 8200 التي لها قواعد في جميع أنحاء إسرائيل، هي الوحدة الأكثر جمعًا للمعلومات السريّة على الإطلاق في جميع الأجهزة الأمنيّة بالدولة العبرية، كما يتبيّن من التقرير الفرنسيّ ومن التقارير الأخرى التي تمّ نشرها في وسائل الإعلام الأجنبية، مشيرًا إلى أنّ الوحدة المذكورة لا تعتمد بتاتًا على جمع المعلومات من العنصر الإنسانيّ، إنّما يقتصر عملها على التنصت بأحدث الوسائل وأكثرها تقدمًا وتطورًا في العالم.
وبحسب المحلل ملمان، فإنّ القاعدة العسكريّة في الجنوب قادرة على التنصّت في آسيا وإفريقيا ومناطق أخرى، الأمر الذي حولّها إلى قاعدةٍ تملك جميع المقومات لأكثر القواعد تطورٍا في العالم مثل وحدة الأمن القومي الأمريكيّ (إن.إس.أو)، والتي تملك قاعدةً كبيرةً جدًا في بريطانيا، كما أنّها لا تقل تطورًا عن وحدة تنصت فرنسية مشابهة.
وأكّد مُعِّد التقرير بالختام أنّ الوحدات الغربية التي ذُكرت معروفة، أمّا أكبر قاعدة تنصت إسرائيلية، فهذه هي المرّة الأولى التي يتِّم الكشف عنها، على حد قوله.
ويبقى السؤال: كيف تمكّنت (حماس) من اختراق الحدود ودخول الجنوب دون أنْ تعرف الوحدة الاستخباراتيّة عن العملية؟ وكيف اقتحم مقاتلو الوحدة القاعدة الأكثر تطورًّا وتقدّمًا في العالم دون أنْ يشعر أيّ أحدٍ بذلك؟