40 ألف شهيد وجريح ومفقود ، أكثر من مائتي ألف بيت بين تدمير كلي وجزئي ، تدمير 192 مسجدا ، تدمير مئات المدارس ، تدمير جامعات ومستشفيات ، فصف بيوت العجزة والأيتام والمعاقين ، قصف الطرق . ولا تزال آلة الجنون والهمجية والجبن واليأس الإسرائيلية تواصل مسلسل إجرامها .
وفي الصورة المواجهة المشرقة: لا تزال المقاومة الباسلة تواجه جيش الجبناء والعار الإسرائيلي بدباباته وطائراته وبحريته ، وتدمر كل يوم عددا كبيرا من دباباته ، وتقتل وتجرح العشرات من جنوده المذعورين ، ويخفي هو أعداد قتلاه وجرحاه ، واعتقل الصحفي أفرايم مردخاي الذي باح برؤيته لعشرات من الجنود الإسرائيليين القتلى ، ووصف ضراوة بشاعة رائحة جثثهم ، وطيب رائحة شهداء المقاومة الفلسطينية ، ووصفه يوافق ما في ديننا عن طيب رائحة الشهداء وسوء خبث رائحة قتلى أعداء الله _ عز وجل _ وما من ريب في أن وصفه كان فاجعا وصاعقا لعدونا لهذا البعد الديني تحديدا .
قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ، وهذه الحقيقة الربانية من أسباب شجاعة المقاومة الفلسطينية ، وجبن جنود عدونا . تزلزلت إسرائيل عسكريا ، وصار جيشها أضحوكة ومسخرة لعسكريات العالم ( أكتب صباحا ، والقصف يشتد برا وجوا ) ، ولم يتردد دوفلبان رئيس وزراء الأسبق فرنسا في الحديث عن فشل إسرائيل أمنيا ، وبيان أنها ترتكب جرائم ضد الإنسانية . وهي حائرة بائرة ضائعة . تحدد شروطا عالية السقف لوقف إطلاق النار ، ثم تسارع للتخلي عنها . هي الآن تشترط إعادة رهائنها للوقف .
باراك يقر بأن إسرائيل خسرت دعم أوروبا ، ويقصد أوروبا الشعبية التي يتظاهر مئات الآلاف من مواطنيها غضبا من جرائم كيانه في غزة ، ومن صدمته من صورة إسرائيل الحقيقية الهمجية الغابية التي فضحتها الحرب فضحا لا إصلاح لها بعده . أكذوبة واحة الديمقراطية وحرية الرأي والجيش الأكثر أخلاقية في العالم تمزقت أشلاء متناثرة في الحرب . كاتب إسرائيلي طالب في أول الحرب بعدم قتل أطفال الفلسطينيين أسوة بأطفال الإسرائيليين ، فلا فرق إنسانيا بين الطرفين ، فتلقى تهديدا بالقتل مع اطفاله ، فاختفى ، وحاله أسوأ من حال أفرايم ، وما أحسب الاثنين وأمثالهما سيبقيان في دولة الديمقراطية وحرية الرأي والضمير المزيفة الباطلة . الكذب حبله قصير مهما امتد واستطال في ظروف قد تواتيه صدفة .
وتستعين إسرائيل في عدوانها البربري على غزة الصغيرة بمرتزقة من أوروبا وأفريقيا وبعض الدول العربية ، ويا لعار التاريخ أن يشارك عربي في العدوان على غزة . وتشرف على المرتزقة منظمة بلاك شيلد ( الدرع السوداء ) بتمويل دولة خليجية . أي عقوبة يعدها الله _ عز قدره _ لهذه الدولة الصهيونية المجرمة ؟! وإسرائيل مع ما تلقاه من تأييد أميركي وأوروبي رسمي في محنة كبرى لا تقل عن محنة غزة ، والفرق الهائل أن غزة تنتظر النصر والمجد ، وإسرائيل تنتظر الهزيمة والخزي والعار والزوال من سجل الوجود ، وهو ما ينتظر بعضه كل من وقف معها . ” هآرتس ” تلح على نتنياهو بالاستقالة الفورية ، ومئات الآلاف من المستوطنين ينتظرون وقف الحرب للفرار النهائي من دولة الكذب والخوف والموت ، وفر منها حتى الآن ربع مليون لن يعود إليها أكثرهم أو كلهم ، والجنود الذين يطلب منهم الجيش الالتحاق به يبكون ويأبون الذهاب إلى محرقة الموت في غزة ، وأقاربهم وأصدقاؤهم وجيرانهم يحذرونهم من نكبة الذهاب المحتمة.
غزة تقاسي مقاساة هائلة ، لكنها تأبى إلا الثبات والنصر . وحتما ستنتصر بطولتها متآزرة مع قوى الإنسانية الرحيمة العادلة على جبن الجيش الإسرائيلي وهمجية كيانه وكل من ناصره في هذا العالم من الظالمين الآثمين ، وفي مطلعهم عرب الخزي والخيانة . وجل من قال ، وصدق وعده : ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين ” ، و : ” إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ” . جنود مقاومتنا ربانيون قرآنيون ، ومحال هزيمة جنود لهم هاتان الصفتان العظميان. صاروا ملتقى إعجاب وإكبار عسكريات العالم ، وقدوة شعوبه في مقاومة العدوان والطغيان في كل تجلياتهما الدموية والظالمة والمخربة .
كاتب فلسطيني