خلوني اخذ منه شعرة .. زوروني في المنام يما …مو خسارة في ربي العالمين و فلسطين …هاي ماما عرفتها من شعرها … الاولاد ماتوا جوعانين ماتون من غير ما ياكلو …صرخات تمزق القلوب و ربما لا تقوى الجبال على حملها فكيف بالبشر.. عندما تنحني ام حملت ابناءها عاما بعد عام لتودعهم جميعا و كانهم لم يكونوا و يسجد اب على ركبتيه ليخطف اخر قبلة من طفله انتظره سنوات طويلة ليخطفه الاحتلال خلال لحظات ..هذا هو المشهد القادم من غزة و مهما كتبنا و مهما حاولنا نقل المأساة فان الاكيد ان ما يشعر به الغزاويون اليوم يفوق الوصف و تعجز كل لغات العالم في نقله..
لا ندري حتى هذه اللحظة كم سيتعين على غزة ان تقدم من الشهداء حتى تتوقف المذبحة ..رائحة الموت تنتشر عبر الفضائيات معلنة عما اقترفه تتار العصر ..يحدث كل ذلك فيما تتواصل زيارات الدعم و التاييد لكيان الاحتلال من قادة الغرب و اخرهم الرئيس الفرنسي ماكرون الذي جاء ليصب الزيت على النار و هو يبشر بتوسيع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش لتشمل المقاومة الفلسطينية , و نسي الرئيس الفرنسي في غمرة اندفاعه و حماسته لدعم مجرم الحرب ناتنياهو ان هذا التحالف الدولي المعلن منذ عقدين من الزمن فشل في كل محطاته و ضاعف معاناة الدول التي راهنت عليه للقضاء على الارهاب و بقي العراق شاهدا على هذا الفشل الذي حطم بلد الرافدين حولته الى ساحة للطائفية و الارهاب و الفساد قبل الانسحاب منه ليتكرر الامر ذاته في افغانستان التي اعاد هذا التحالف الذي تقوده امريكا و بعد عشرين عاما على حربه المعلنة على طالبان اعاد الافغان هدية لهذا التنظيم …و ربما فات ماكرون الذي كان يفترض ان يدعو بقوة الى هدنة انسانية تنتصر للعدالة الدولية و المواثيق القيم المشتركة و لكنه اختار بدلا من ذلك التغريد على انغام صاحب القرار في البيت الابيض بايدن الذي اعلن بوضوح رفضه طلب هدنة انسانية في غزة معارضا بذلك كل الاصوات الاممية و المنظمات الحقوقية التي ما انفكت تحذر من كارثة انسانية تزداد خطورة يوما بعد يوم …لسنا بصدد مناقشة الرئيس الفرنسي ما اذا كانت حماس حركة ارهابية او حرحة مقاومة و جزء من الشعب الفلسطيني فهذه مسألة سيحسمها الفلسطينيون امام انظار العالم و هم قادرون على ذلك …و لعل الرئيس الفرنسي يريد اسقاط جزء من تاريخ فرنسا و هي تقاوم النازيين و تتصدى لهم لتكون فرنسا المواطنة والحقوق و الحريات و هذه ايضا مسألة اخرى لا نخال الاعلام الفرنسي الذي اصيب بعمى البصر و البصيرة ازاء جرائم الاحتلال في غزة يمكن ان يتعاطى معها بعد ان سقط في الاختبار ..
و كأن كل مشاهد الخراب و الدمار و الموت المنتشر في غزة الشهيدة و هي تنعى يوميا اطفالها و نساءها و شبابها و كان كل ذلك لا يكفي لفرض هدنة انسانية اكثر من مطلوبة لانقاذ الارواج و تجنب طوفان الدم القادم على وقع القصف الهمجي اليومي و رسائل التأييد و الدعم للاحتلال لمواصلة ما بدأه حتى و ان كان الثمن القضاء على كل اهالي غزة …و من يدري ان كان ذلك يمكن ان يكبح جما حالة الاحتلال التي تسعى لجعل اخبار الموت و الدم أمرا مالوفا في نظر الراي العام الدولي رغم المظاهرات الاحتجاجية اليومية التي تندد بالمحرقة الحاصلة في غزة في مختلف عواصم العالم بما في ذلك العواصم الغربية التي ينقاد قادتها لسياسة الترهيب و الاحتلال بشكل مثير للمخاوف بشأن ما سيؤول اليه الامرأمام تواتر صكوك البراءة من قادة العالم الحر لتبرئة جيش الاحتلال من قصف مستشفى المعمداني و مستشفى القدس و ملاجء الاونروا و المباني السكنية على رؤوس اصحابها و الاسواق الشعبية …
و لكن ما نعرفه أن هناك مهمة خطيرة تنتظر الاعلاميين و السياسيين و رجال القضاء و تستوجب توثيق كل الجرائم الاسرائيلية و تسجيل ما يحدث و عدم اسقاط اسم من اسماء الاطفال و الرضع و النساء و الرجال و كل من امتدت اليهم الة الدمار الاسرائيليى لتقديمها اجلا او عاجلا الى محكمة العدل الدولية التي اعلنت انها ستحدد تحدد موعد جلسات بشأن الآثار القانونية عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.. صحيح ان المحاكمة لن تكون غدا و ان العدل لن يتحقق بعد هذه الحملة المسعورة للاحتلال و حلفاءه و لكن الاكيد ان التوثيق لهذه الجرائم و ما سبق ايضا ليس خيارا و ليشس ترفا .. الاولوية الان لانقاذ الارواح و رفع الكابوس عن اطفال غزة و انهاء المجزرة المفتوحة للقضاء على جيل كامل من الفلسطينيين و المضي قدما في بناء مشروع اسرائيل الكبرى الذي اسقطه الفلسطينيون الذين لم يتركوا ارضهم و لم يستمعوا لدعوات جيش الاحتلال بالمغادرة رغم الترهيب و الدم و اسقطوا بذلك مخطط الاحتلال لتكرار سيناريو النكبة مع اقتراب ذكرى وعد بلفور في الثاني من نوفمبر القادم ..
الى أن تتوقف المجزرة قد نجد ملاذا في كلمات نزار قباني
الغاضبون
يا تلاميذَ غزَّةٍ…
علّمونا..
بعضَ ما عندكمْ
فنحنُ نسينَا…
علّمونا..
بأن نكونَ رجالاً
فلدينا الرجالُ..
صاروا عجينا..
علِّمونا..
كيفَ الحجارةُ تغدو
بينَ أيدي الأطفالِ،
ماساً ثمينَا..
كيفَ تغدو
درَّاجةُ الطفلِ، لُغماً
وشريطُ الحريرِ..
كاتبة تونسية