خبر : عندما تتقمص المرأة شخصية الرجل .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي

الخميس 24 ديسمبر 2009 02:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
عندما تتقمص المرأة شخصية الرجل .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي



كثرت خلال الأعوام الماضية المؤسسات المنادية بحقوق المرأة ورفعت شعارات كبيرة منها محاربة الظلم الذي تواجهه المرأة العربية من الرجل لاستهانته بقدراتها وإمكانياتها وقوة شخصيتها وثقافتها وما تحمله بين جنباتها من قوة ذاتية قادرة على المشاركة الفاعلة فى صياغة وتقدم المجتمع فى كافة المجالات تحت شعار محاربة " ذكورية المجتمع " , و ما يشهده حاضرنا  أن المرأة اليوم  مارست بعضا من حقوقها وأثبتت ذاتها وحققت نجاحات لا ينكرها إلا ظالم أو جاهل أو متعنت متطرف أعمى وحققت حضورا مهما فى ساحات العمل التنظيمي والسياسي والثقافي والاجتماعي وغير ذلك وتقلدت أعلى المناصب ونجحت فى أداء دورها على أكمل وجه ولا يطيب لي استخدام مصطلح أنها نافست الرجل أو تفوقت عليه لأن مجرد استخدام لغة القياس يقلل من أهميتها وكأن المشكلة هي إثبات نديتها أو تماثلها مع الرجل وهذا فى حقيقة الأمر يجب أن يكون ليس هدف بحد ذاته , بل الأصل هو تحقيق النجاح فى أي مهمة تتقلدها بالضبط كما يفكر أي مسئول فى تحقيق ذات النجاح . و هذه ليست مجرد نظريات أو افتراضات تقال هنا أو هناك وليست كلمات فى مقالات يريد أصحابها تأكيد مساندتهم للمرأة لتحقيق مكاسب معينة ولكنها حقائق أصبحت واقعا ولا تحتاج الى أدلة لإثباتها. إن احتفاظ المرأة بخصوصيتها التى خلقها الله عليها أمر ضروري وحيوي خلال مسيرتها لنيل حقوقها ويجب أن تفخر بتلك الخصائص وتعمل على إظهارها وليس طمسها حتى تثبت قوتها وجديتها , وهنا يبرز السؤال : هل هدف المرأة هو التحول الى خصائص الرجل حتى تؤكد قوتها وتنافسه فى طبيعته ؟ وبالتالي نبرر بعض التصرفات التى تقبل أن تقوم بها بعض النساء ولا تخدم فى كثير من الأحيان كشف حقيقة شخصية المرأة المتمثلة بطيبة قلبها وحياءها ونعومتها وخفة ظلها وخفض صوتها مع المصاحب لهذا ذكاءها وقوة إقناعها وقدرتها على التأثير فى من يقابلها وحكمتها وغير ذلك من الصفات التى تميز المرأة عن غيرها , وفى نفس الوقت ضعف بنيتها وعدم قدرتها على تحمل كل مشاق الحياة وحاجتها الى شريك حياتها وسرعة تأثرها العاطفي مما قد يحرفها عن معرفة حقيقة بعض الأمور , وهذه ليست صفات سلبية بمجملها ولكنها متلاصقة بشخصية المرأة إذا فقدتها فقدت عنصر أساسي من مكوناتها , وعلي سبيل المثال عندما تتقمص المرأة شخصية الرجل فى خشونة صوته وطبيعة نعامله القاسية مع الآخرين فهي بذلك لا تحقق لذاتها إنجازا بقدر فقدانها تميزها , وعندما تدعي تحت شعار المساواة بأنها قادرة على تحمل كافة تبعات الحياة الزوجية داخل بيتها – مع وجود الزوج القادر على ذلك – فهذا تجاوز لدورها الأنثوي والأصل أن تجبر الرجل على تحمل تلك المسئوليات لا أن تسمح له بالتهرب منها – وقد يفعلها الكثير من الرجال - وتعتقد بأنها حققت حضورا مميزا أو انتصرت على الرجل , والحقيقة عكس ذلك تماما , ومن هنا نلمس الظاهرة المنتشرة هذه الأيام وهو تفضيل الرجل الزواج من المرأة العاملة ليس حبا أو قناعة فى حقها بالعمل بقدر النظرة المادية التي سيستفيد منها وبالتالي النظر للمرأة وكأنها مصدر للرزق , وهذا انحراف سلوكي فى تقييم مكانة المرأة ودورها , والعجيب أن المرأة تقبل بلعب هذا الدور من منظور تحقيق شخصيتها ودورها فى المجتمع , وعندما تفقد المرأة عنصر حياءها وترفع صوتها مقابل صوت الرجل بهدف إثبات قوة شخصيتها فهي بذلك تفقد أهم قوة تمتلكها وهي سلاح الحياء الذي لا يمكن لرجل الصمود أمامه بل يشعر أمامه الرجل بالنقص إذا استمر فى رفع صوته أمام المرأة التى تنظر إليه بنظرات هادئة مستغربة رفع صوته عليها وأمام هذا السلاح ليس أمامه إلا الهدوء والتراجع ومن ثم الاعتذار والشعور بالخجل , وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة . المرأة الأكثر تحملا من الرجل والأكثر قدرة على الصبر وهي صاحبة النفس الطويل , وهي القادرة على الاحتفاظ بهدوئها وضبط أعصابها , ولا ينكر أحد صلابتها ولكن فى نفس الوقت خلف كل تلك الصلابة ضعف لا تشعر به سوى المرأة نفسها عندما تكون وحيدة فى مكان لا يراها أحد قد تجدها تبكي دون سبب سوى شعورها أحيانا بالوحدة الذاتية بالرغم من وجود الكثيرين حولها , ومن هنا قالوا ستبقى المرأة اللغز الأكبر فى حياة الإنسان لأنها تحمل فى ذاتها الكثير من المتناقضات فى آن واحد , ولكنها قد تسيء استخدام كل تلك القوى المتزاحمة لديها فيحدث نوع من الخلل فى طبيعتها وبنيتها , ومن هنا لابد من الموازنة الدائمة والحساب الدقيق لكل التصرفات وعدم الانجرار وراء بعض الشكليات التى فى ظاهرها تشكل إيجابية للمرأة ولكن إذا تعمقنا سنجد أن ذلك لم يكن انجازا بقدر ما هو خسارة ما كان ينبغي للمرأة أن تخسره , لأن المرأة مهما حققت من نجاحات فى حياتها يجب أن لا تنسى نفسها أن الله خلقها امرأة ولن تكون رجلا أبدا , وبالطبع الحديث ينطبق على الرجال الذين يتنازلون طوعا عن كونهم رجالا لصالح النساء فهذا ليس فى صالحهم أبدا , ولابد من التوازن فى كافة الأمور .  رئيس مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps