تواصل وسائل الإعلام المحلية في الأردن الاهتمام بخطاب الملكة رانيا العبدالله زوجة العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في عاصمة أيرلندا الشمالية، ضمن مشاركتها قبل يومين في تجمع لأكثر من ألفي ناشط وقائد شاب في قمة “عالم شاب واحد” في الذكرى الخامسة والعشرين لاتفاق “الجمعة العظيمة” الذي وُقع بين حكومتي بريطانيا وأيرلندا في بلفاست.
استذكرت الملكة رانيا جهود الملك الراحل الحسين بن طلال من أجل إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، وما تبع ذلك من التزام وخطوات من قبل الملك عبدالله الثاني. وأكدت أن تحقيق السلام مَهمة لمدى الحياة وتتطلب تكريس كل ذرة من وقتنا وإمكانياتنا.
وأشارت الملكة إلى أن توقيع اتفاق الجمعة العظيمة في عام 1998 عزز تفاؤل الملك الحسين بتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وسلطت الضوء على دور الملك الحسين في مفاوضات واي ريفر في ذات العام، حيث كان يحارب السرطان ويخضع للعلاج الكيماوي آنذاك.
وأشارت إلى أنه بالرغم من سوء حالته الصحية إلا أنه أصر على السفر إلى الولايات المتحدة للمساعدة في دعم مفاوضات السلام. وقالت “أَدرك أن وقتنا على هذه الأرض محدود، خاطف ويجب ألا نستخف به أبداً”. وأعادت إلى الأذهان كلمات الملك الحسين خلال توقيع اتفاقية واي ريفر حين قال “إن لم أمتلك إلا ذرة واحدة من القوة، كنت سأبذل كل ما في وسعي لأكون هنا، وأساعد قدر استطاعتي”.
وأضافت: “الملك الحسين اختار أن يعيش حياته بملئها مستغلاً كل لحظة ممكنة لتحقيق السلام للأجيال القادمة”.
وأشارت الملكة رانيا إلى أنه بعد خمسة وعشرين عاماً من توقيع اتفاقية “واي ريفر”، “يبدو وكأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أصبح للكثيرين أمراً مُجرداً. استعارة لكراهية مستعصية – مكان يُفضل العالم نسيانه”.
وقالت “عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا في هذا العام على أيدي إسرائيليين فاق أياً من السنوات الخمس عشرة الماضية. وفي كل ثانية.. من كل دقيقة، من كل يوم.. تُسلب حرية ملايين الفلسطينيين، تُسلب حقوقهم وهويتهم”.
وأضافت “أسر فلسطينية تُهجّر من أراضيها. مصلون في الأقصى يتعرضون للهجوم والوحشية. عائلات تدفن تحت أنقاض المنازل، في الوقت الذي يُسجن فيه أطفال في سن الثانية عشرة لمجرد رمي الحجارة”.
وتابعت “بالرغم من الرياح المعاكسة القوية، يواصل الملك عبدالله السير في طريق السلام الصعب، وفي أغلب الأحيان الموحش”، منوهة إلى أنه “حان الوقت ليعج ذلك المسار بالآخرين.. ويقوم القادة الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء بإنصاف شعبيهما. وأن يخرج القادة في كل مكان من تقاعسهم وينهمكوا بالعمل اللازم لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط وحول العالم”.
ولفتت قائلة: “بالطبع ليس الأمر بتلك السهولة. ولن ألوم شكوككم، فقد شهدتم أزمات مالية، وأزمات صحية عالمية، وأزمات مناخية، كل ذلك خلال سنوات نشأتكم. لكن كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش ذات مرة: “نعاني من مرضٍ عضال اسمه الأمل”.
وأوضحت “المعجزات لا تحدث بين ليلة وضحاها.. المشاكل المعقدة تستعصي على الحلول المتسرعة”. وأضافت “لا يمكنك تحقيق السلام بضربة قلم، تماماً كما لا يمكنك شفاء جرح رصاصة بضمادة. والحقيقة هي: علينا أن نأخذ وقتنا حتى نحسن استغلاله”.
وقالت الملكة رانيا: “في وقت نتحدث فيه عن تطورات تكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي، من المعيب أن العديدين لا زالوا يتمسكون بالتفكير البدائي أن لون البشرة يحدد قيمة الإنسان. ومن العجيب أن المساواة الجندرية ما زالت هدفاً وليست واقعاً”.
وأضافت “ومن المفارقات أن أولئك الأكثر تضرراً من الصراعات – النساء والشباب الذين يعانون من ويلاتها بشكل يومي، غُيبوا تاريخياً عن محادثات السلام، على الرغم من امتلاكهم الحافز الأكبر لإيجاد تسويات مبتكرة يتطلبها السلام الحقيقي”.
ويذكر أن “عالم شاب واحد” هي منصة عالمية تشجع القادة الشباب من أنحاء العالم، وتستضيف قمة سنوية تُعقد في مدينة مختلفة كل عام. ويشارك في القمة قيادات شبابية من 190 دولة وأكثر من 250 منظمة.
وعبر حسابها على موقع “انستغرام”، نشرت الملكة رانيا مجموعة من الصور عن مشاركتها “قمة عالم شاب واحد” في بلفاست، الاثنين، وعلقت عليها قائلة: “سعيدة برؤية العديد من القيادات الشابة يلتقون لبحث التقدم من أجل مجتمعاتهم”.