البصق على مسيحيي القدس: تصريح لقاتل الشهيد معطان يثير جدلاًُ والمسيحيون يشتكون "الإضطهاد"

الثلاثاء 03 أكتوبر 2023 04:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
البصق على مسيحيي القدس: تصريح لقاتل الشهيد معطان يثير جدلاًُ والمسيحيون يشتكون "الإضطهاد"



القدس المحتلة/سما/

أظهر مقطع فيديو جديد بصق عشرات الإسرائيليين المتطرفين من اليهود المتدينين بشكل مستفز نحو المسيحيين والكنائس في القدس المحتلة. وتنتشر ظاهرة الكراهية بسرعة في المدينة المقدسة ومناطق أخرى، بما في ذلك حيفا التي شهدت في الآونة الأخيرة حالات تدنيس متعددة للكنائس.

وأفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير مساء الاثنين، بأن هذه الحوادث وقعت خلال اليومين الأخيرين خلال احتفالات "عيد العرش" اليهودي، حيث توافد عدد كبير من اليهود المتدينين إلى البلدة القديمة في القدس وصولاً إلى حائط البراق لأداء طقوس تلمودية.

ونقلت الصحيفة تصريحات مسؤولين في كنائس القدس، حيث شهدوا تصاعداً ملحوظاً في هذه الظاهرة المثيرة للقلق في الفترة الأخيرة.

وأشارت الصحيفة إلى ادّعاء شرطة الاحتلال الإسرائيلية صعوبة متابعة القضايا القانونية ضد المرتكبين، خاصةً أن المعتدين يبصقون على الأرض وليس مباشرة نحو الأشخاص.

ولفتت الصحيفة إلى أن أحد مقاطع الفيديو "يظهر مجموعة من المؤمنين المسيحيين يغادرون الكنيسة في شارع باب الأسباط، وهم يحملون صليباً كبيراً"، في الوقت الذي كانت تجري فيه مسيرة ضمن طقوس تلمودية يهودية في محيط الحرم القدسي، و"عندما لاحظ اليهود وجود المسيحيين بدأوا بالبصق عليهم، وبصق معظمهم على الأرض بجانبهم".

 

كما أشارت الصحيفة العبرية إلى أن ظاهرة بصق يهود باتجاه مداخل الكنائس في البلدة القديمة في القدس المحتلة ليست جديدة، لكنها تصاعدت في الآونة الأخيرة، بحسب مصادر في الكنائس.

وعلى صوت الاحتجاجات تكشف الصحيفة عن تصريحات للبطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، الذي أكد أن "البصق ليس ظاهرة جديدة، ولكنها أصبحت أكثر شيوعاً في الآونة الأخيرة"، ارتباطًا بزيادة عدد مجموعات اليهود الحريديم والصهيونية الدينية في البلدة القديمة. وأضاف: "لا شك أن هناك بعض الحاخامات يؤيدون ذلك أو حتى يشجعونه".

ووجه الكاردينال بيتسابالا الاهتمام أيضاً إلى وجود أعضاء من اليمين المتطرف في حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية، قائلاً: "ربما لا تشعر بعض هذه الحركات بأنها تتلقى الدعم، لكنها تشعر بأنها محمية".

وفي شهر أغسطس/ آب الماضي، التقى قائد لواء القدس في شرطة الاحتلال الإسرائيلي دورون تورجمان بعدد من رؤساء الكنائس في القدس المحتلة، وأعلن التزامه بمكافحة ظاهرة العنف والتمييز ضد المسيحيين والمؤسسات الدينية المسيحية. ومع ذلك، ظلت هذه الظاهرة مستمرة.

ومنذ بداية العام، فتحت شرطة الاحتلال 16 ملفاً تحقيقياً عقب حوادث تخريب وعنف وتضييق على المسيحيين والمؤسسات الدينية المسيحية. وحقق مع 21 شخصاً يشتبه بضلوعهم في هذه الأحداث، ولكن لم تتوافر معلومات حتى الآن حول معاقبة أي منهم.

 "عادة يهودية مباركة"

وفي تطور يثير الجدل، صرّح المستوطن إيليشع يارد، وهو أحد المشتبه بهم في جريمة قتل الشهيد قصي معطان من قرية برقة في شرق رام الله، في 4 أغسطس/ آب الماضي، بأن عادة البصق على المسيحيين ومقدساتهم هي "عادة يهودية قديمة ومباركة".

ونشر يارد هذا التصريح عبر حسابه على منصة "إكس"، حيث قال إن "عادة البصق بجوار الكهنة أو الكنائس هي تقليد يهودي قديم يمتد منذ سنوات طويلة"، زاعماً وجود "بركة خاصة في الشريعة اليهودية" عند ممارستها.

وفي منشوره التحريضي، أضاف يارد، الذي كان ناطقاً باسم النائبة في الكنيست الإسرائيلي ليمور سون هار ميلخ من حزب "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية)، قائلاً: "ربما نكون قد نسينا، تحت تأثير الثقافة الغربية، ما هي المسيحية بالنسبة لليهود. ولكن يجب علينا أن نتذكر أن ملايين اليهود الذين عاشوا في المنفى خلال الحملات الصليبية والتعذيب في محاكم التفتيش، والمؤامرات الدموية، والمذابح الجماعية، لن ينسوا أبداً تلك الأحداث".

وأثار هذا التصريح استنكاراً من جهات إسرائيلية، بما في ذلك منظمة "تاغ مئير"، التي أدانت منشور يارد، وأكدت أن "اليهود الذين يبصقون على المسيحيين في القدس ينتهكون تعاليم الدين ويعرضون اليهود في جميع أنحاء العالم للخطر. شرطة إسرائيل بقيادة المجرم (ايتمار) بن غفير تعرض سلامة اليهود والعرب على حد سواء للخطر".

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين تدوينة على تويتر/ إكس الثلاثاء، قال فيها "أدين ظاهرة البصق القبيحة على المسيحيين وإيذاء أي إنسان بسبب دينه أو معتقده. هذه الظاهرة لا تمثل قيم اليهودية".


وأضاف "حرية الدين والعبادة هي قيم أساسية في إسرائيل. مئات الآلاف من السياح المسيحيين يأتون إلى إسرائيل كل عام لزيارة الأماكن المقدسة لهم ولنا،وأنا أدعو جميع مواطني إسرائيل إلى احترام تقاليد وإيمان كل من يأتي إلى أبواب القدس، المدينة المقدسة".


بدوره، قال وزير السياحة حاييم كاتس إن "القول بأن البصق على المسيحيين عادة قديمة وحتى مقبولة أمر فظيع. إن تصرفات حفنة من المتطرفين تجعل الناس يكرهون اليهودية، وتضر بصورة إسرائيل وتؤثر على السياحة".

كما أدان كبير الحاخامات الأشكناز في إسرائيل، ديفيد لاو، الأمر وقال: "نحترم جميع الأمم التي تأتي لتكريم مدينة القدس المقدسة. ... من المؤكد أن هذه الظواهر غير الأخلاقية ليس لها أي علاقة مع الشريعة اليهودية."

و انتقد مجلس الكنائس العالمي في القدس، الثلاثاء، “الاضطهاد” الذي يتعرض له المسيحيون من قبل جماعات إسرائيلية متطرفة وصمت الحكومة الإسرائيلية إزاء ذلك.


جاء ذلك وفق منسق مكتب مجلس الكنائس العالمي بالقدس يوسف ضاهر تعقيبا على “بصق” متطرفين إسرائيليين على الأرض أثناء خروج مسيحيين وهم يحملون الصليب من كنيسة بالبلدة القديمة في القدس.


وقال ضاهر للأناضول: “نشعر بالاضطهاد لنا كمسيحيين وللمسيحية كدين في البلد”.


وأضاف: “يوجد اضطهاد يهودي إسرائيلي يتم تشجيعه سواء من خلال إهمال الشرطة أو بالكلام الذي يصدر عن وزراء الحكومة الإسرائيلية”.


وأردف: “الأمر مرتبط بالحكومة الإسرائيلية وإهمال الشرطة والسلطات للموضوع لأنه لو قامت الشرطة بدورها لا يتم الاعتداء على ممتلكات كنسية ولا يتم الاعتداء على المسيحيين بالبصق”.


ولفت إلى أنه “على مقربة من مكان الاعتداء الإثنين، يتواجد عناصر شرطة وأمن إسرائيليون بشكل دائم”.


وقال: “لو كانت الشرطة الإسرائيلية جادة لما كانت تسمح بمثل هذه الاعتداءات، هناك إهمال من السلطات وهذا يشجع هؤلاء المتطرفين”.


ويقدر ضاهر أعداد المسيحيين الفلسطينيين بالقدس بنحو 8 آلاف، إضافة إلى أن مئات آلاف المسيحيين يزورون المدينة وخاصة الأماكن الدينية المسيحية فيها.


وأشار إلى أن الكنائس “قدمت إلى الشرطة الإسرائيلية في الأشهر الماضية، العديد من الشكاوي المدعومة بأشرطة فيديو ولكن دون جدوى”.


وقال المنسق: “نحن نقدم الشكاوي المدعومة بالفيديوهات التي تظهر وجوه المعتدين ولكن لا توجد اعتقالات”.


وأضاف: “سجلنا حوالي 12-13 اعتداء على ممتلكات كنسية، أما البصق فهو مستمر، ويزداد ونحن نشاهده وهو يتكرر، أسبوعيا هناك حادثة او حادثتين”.


ورأى ضاهر، أن ما يجري هو “كراهية للمسيحية”، وقال: “الكنائس أصدرت بالأشهر الماضية نحو 12 بيانا دعت في آخر 2 منها لتوفير الحماية الدولية ولكن لا أحد يتحرك”.


وعادة ما تعلن الشرطة الإسرائيلية التحقيق في حوادث الاعتداء ولكن لم تشير إلى تقديم أي لائحة اتهام ضد معتدين.