الأسرى... «الحرية أو الشهادة»..صادق الشافعي

الأحد 10 سبتمبر 2023 10:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT



لم يكن مفاجئاً أن تصل بركات حكومة دولة الاحتلال إلى الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون دولتها ومعتقلاتها، خصوصا بعد أن طالت هذه البركات عناوين وموضوعات عديدة وما زالت مستمرة في فرض بركاتها على عناوين أخرى.
لا يغير من هذه الحقيقة أنها جاءت بمبادرة من وزير الداخلية اليميني المتطرف "بن غفير"، الذي كان قد أعلن في دعايته الانتخابية أنه سيسعى للتضييق على الأسرى الفلسطينيين، وإلى الدفع باتجاه تبني الكنيست لعقوبة الإعدام.
ولن يكون مفاجئاً ان تمتد صلاحيات هذه القوانين لتشمل موضوعات عديدة أخرى، وقد تصل الى جثث الشهداء المحتجزة لفترات طويلة في أقبية وسراديب دولة الاحتلال وفي مقابر الأرقام.
وكما أن هذه القوانين وما سوف يتبعها في مسار تنفيذها من إجراءات نوعية قمعية ودموية وغير إنسانية، فإنها لم تشكل للحركة الأسيرة الفلسطينية مفاجأة كبرى.
فالحركة الأسيرة تعيش يومياً سياسات القمع والاضطهاد بكل تنوعها وقسوتها من قبل أجهزة الأسر والاعتقال، كما أنها قد خاضت معارك كثيرة مع أدوات هذه الأجهزة وفرضت إرادتها في العديد من تلك المعارك وانتزعت مكاسب عديدة وهامة لصالح الأسرى وحقوقهم.
ولم يتأخر رد أسرانا الأبطال، فقد أعلنت اللجنة الوطنية العليا للحركة الأسيرة، "نواجه إجرامًا جديدًا من عدونا في محاولاته لتقليص الزيارات لتصبح مرة واحدة كل شهرين، ومهدِّدًا بإجراءات أخرى تمس جوهر حياتنا وواقعنا الاعتقالي، فكان القرار بإعلان الإضراب عن الطعام يوم الخميس القادم 14/9/2023 ما لم يتراجع العدو وأدواته عن هذا القرار وعن كل ما يهدّد به، ويلتزم بعدم المس بحقوقنا التي انتزعناها بدمائنا ولحومنا وعذاباتنا".
الأهم في موقف الحركة الأسيرة أنه جاء بإجماع الحركة الأسيرة بكل قواها وتشكيلاتها، ثم ان الموقف جاء حازماً وشاملاً ورافضاً لكل الإجراءات، ومعلناً رفضها وإدانتها والتصدي الحازم والموحد لها وتحت قيادة موحدة تعبر عن الجميع بلا استثناء.
 ومع الوعي والإقرار بصعوبة المعركة ونوعية وفاشية القيادة الصهيونية التي تقف وراءها، فان التفاؤل والثقة يبقيان قائمين وقويين وراسخين في قدرة الحركة الأسيرة الموحدة على تحقيق انتصارات نوعية وهامة في هذه المعركة، وكما قالوا "فلا قيد المحتل ولا قضبان السجن ولا قهر السجان ولا عقود الأسر وسنونه تثنينا عن الاستمرار في كفاحنا ونضالنا ضد هذا المحتل الذي لا يفهم إلا لغة القوة، ولكم يا شعبنا نقول إن أبناءكم ما زالوا وسيبقون على عهدكم بهم، مقاتلين أشداء في وجه المحتل، صامدين كجبال فلسطين، ما كلت عزيمتنا، ونموت واقفين ولن نركع".
إن الموقف المساند لهؤلاء الأبطال من قبل جموع الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والمناضلة يشكل عاملاً هاماً ومساعداً، وربما حاسماً، في دعم نضالات الحركة الأسيرة، وفي انتزاع مطالبهم المحقة من دولة الاحتلال وأجهزة الاعتقال والأسر لديها.
وما زالت المؤسسات الأهلية المعنية بشؤون الأسرى وقضاياهم ودوائر السلطة الوطنية المختصة تقوم بقدر طاقتها في العمل في أوساط المجتمع الدولي وهيئاته ومؤسساته بالتعريف بواقع أسرانا في سجون الاحتلال ومعتقلاته، وفي مسعى لتشكيل رأي عام رسمي مدين لسياسات دولة الاحتلال، ثم السعي للوصول الى إجراءات عقابية ضدها.
ان تصدي الاسرى البواسل وكما عودونا، سيقود حتماً الى تحقيق مطالبهم والوصول الى انجازات لن تبقى في حدود الإجراءات التي قررت حكومة دولة الاحتلال فرضها على الاسرى بل يمتد فعلها وتأثيرها، وتشكل إنجازاً هاماً في مسار النضال الوطني الفلسطيني العام والشامل ضد الاحتلال أولاً، وبشكل عام ضد جميع خططه العدوانية والقمعية والتوسعية الاحتلالية.
ولكن ومجدداً، قضية الأسرى التي تفرض نفسها بالإجراءات العقابية الجديدة التي قررتها دولة الاحتلال ضدهم تطرح بقوة حال الانقسام الوطني الذي يعيشه ويتأذى منه الكل الفلسطيني. وتطرح معها تأثيراته بالغة الأذى على المسار العام والتفصيلي أيضاً لنضالنا الوطني ووحدته ووحدة أطره ومؤسساته وهيئاته وأدواته الجامعة.
ونتساءل، لماذا اتحد الأسرى القابعون في الزنازين؟ لماذا اتحد المقاومون والمناضلون في الميدان وخنادق القتال؟ ولماذا لا يتحد السياسيون؟ سؤال برسم الإجابة لنصل إلى مستوى الشعار الذي تبنته الحركة الأسيرة "الحرية أو الشهادة".