نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا أعده دانيال هيلتون قال فيه إن المغنية الأيرلندية شينيد أوكونور التي توفيت يوم الأربعاء عن عمر 56 عاما كتبت رسالة لمدير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير وصفته بأنه “بدون روح” وذلك بعد تلقيها تهديدات بقتلها من جماعة يقودها.
وجاءت التهديدات مباشرة بعد إلغائها في حزيران/يونيو 1997، حفلا موسيقيا نظمته نساء فلسطينيات وإسرائيل في القدس لدعم فكرة عاصمة مشتركة. وكان مصدر التهديدات هي جماعة داعية إلى التفوق اليهودي اسمها “الجبهة الأيديولوجية”.
وكانت المغنية الأيرلندية قد أصبحت من أشهر نجوم الموسيقى في العالم، بعدما تربعت أغنيتها “لا شيء يقارن بك” على قوائم أشهر الأغاني حول العالم في 1990، واعتنقت الإسلام في 2018 وغيرت اسمها إلى “شهادة صدقت” مع أنها ظلت تستخدم اسمها الأصلي شينيد أوكونور.
وكان بن غفير في حينه رمزا قياديا في الجبهة الأيديولوجية، وذهب إلى الإذاعة ليتباهي بأنه كان وراء إلغاء الحفل. وقالت أوكونور في رسالتها إنه “تباهى” بشأن “نجاحه” ومنع ظهوري. وقالت “لدي بعض الأشياء لأقولها ردا على التهديدات الأخيرة على حياتي”. و”دائما كنت متعاطفة مع الشعب اليهودي وحزينة لما عانوه خلال القرون”، مضيفة أنها درست التقاليد اليهودية.
وتذكرت أوكونور عندما كانت طفلة وشاهدت التلفاز عشية الميلاد “الرجال الإسرائيليين والفلسطينيين وهم يضربون بعضهم بعضا في مكان ولادة دينهم”. وكتبت لبن غفير قائلة “كيف سيكون هناك سلام على الأرض إن لم يكن هناك سلام في القدس”. واقتبست في رسالتها من كتاب الخروج من العهد القديم “لو أطعتني بإخلاص وحافظت على عهدي، فستكونوا مملكة الكهنة والأمة المقدسة”. وذكرته أيضا بأن عليه ألا ينسى الوصية الثالثة والسادسة “لا تحلف كذبا باسم الرب إلهك ولا تقتل”. وأنهت رسالتها لبن غفير بالقول “لن يكافئ الله من يرهبون أطفال العالم، ولم تنجح في أي شيء سوى خراب روحك”.
وكانت خطط أوكونور المشاركة في احتفال “القدس المشتركة: عاصمتان لشعبين” والذي دعمته السفارة البريطانية، مصدر غضب لليمين المتطرف في إسرائيل. ووصف إيهود أولمرت الذي كان عمدة القدس في حينه المهرجان بأنه “استفزازي” و”دعاية مضادة لإسرائيل”، وهو نفسه الذي أصبح رئيسا للوزراء وحذر قبل فترة من اندلاع حرب أهلية بسبب التعديلات القضائية التي دفعتها حكومة اليمين المتطرف التي يترأسها بنيامين نتنياهو، ويعتبر بن غفير أحد وزرائها.
وكتبت أوكونور لاحقا عن الحادث بأن مشاركتها كانت في “حفلة نظمتها مجموعة من النساء الفلسطينيات والإسرائيليات لدعم فكرة المشاركة في المكان، ولكن الجماعات اليمينية المتطرفة هددت بقتلي وفرقتي، لم أكن مستعدة للموت من أجل تفاهات الآخرين أو تعريض فرقتي للخطر، ولهذا لم نذهب”.
وأصبح بن غفير زعيما لحزب القوة اليهودية والوجه المثير للجدل والمعروف في حكومة نتنياهو، حيث يشرف على الشرطة وقوات الأمن.
وحتى قبل حادث 1997 كانت أوكونور مؤيدة للقضية الفلسطينية وتلوح بالعلم الفلسطيني في حفلاتها. وشاركت في حفلتين في منتجع قيسارية عام 1995، وأثارت الجدل عندما تعاركت مع مصور قرب كنيسة القيامة بالقدس.
وتوقفت في عام 2014 عن المشاركة في حفل بقيسارية بعدما لبّت نداء حركة المقاطعة لإسرائيل ردا على الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت أوكونور تتفاوض على ظهور حي في حفلة يسمح فيها للفلسطينيين في إسرائيل والمناطق المحتلة للأداء معها. وأخبرت “هوت برس” مجلة الموسيقى والسياسة الأيرلندية “كان وضعا صعبا لم يحسم (مثل بطاطا ساخنة)، عندما قال شخص لا علاقة له وبطريقة سرية إن الأمر حسم، وهو ما لم يحدث”.
وأضافت “في الوقت نفسه، إن الفنانين حمقى/جاهلين بشكل كبير ولم أكن أعرف، ولم يقل لي من خلال وكيل الحجز أنني لو عتّبت قدمي هناك فإنني أكون خرقت المقاطعة الثقافية هذه، وأكون مثل من داس على الشعب الفلسطيني” (استخدمت كلمة أخرى). و”كانوا يعرفون بهذا الوضع، لكنهم لم يخبروني به عندما حاولوا إقناعي وعلى مدار عام للمشاركة في الحفل”، و”على أي حال، فقد أصبحت لاحقا موضوعا للتحرشات من كل شخص، يمين ويسار ووسط لأنني أوافق على ما يحدث للشعب الفلسطيني، وهو ما لم أفعله، ولم أكن ذاهبة إلى هناك لأنها حفرة قذرة. وبطريقة ما، فإنني أشعر بالأسف للشباب من الطرفين بسبب هذا الوضع، لأنهم وبسبب النزاع الذي لم يتسببوا به، لا يستطيعون الحصول على حياة عادية، بما فيها الموسيقى والموسيقيين”.
وقالت أوكونور إنها اتهمت سابقا بأنها داعمة للسلطات الإسرائيلية “لكنه أمر بعيد عن الحقيقة”. و”دعونا نقول، على المستوى الإنساني، لا شخص له عقل، بمن فيهم أنا، لن يكون لديه أي شيء سوى التعاطف مع المحنة الفلسطينية، ولا شخص عاقل على وجه البسيطة يوافق على ما تفعله السلطات الإسرائيلية (بنت الحرام)”، كما أخبرت “هوت بريس”.
وأشارت إلى حفلتها في قيسارية عام 1995 “لم تكن هناك مقاطعة ولم يكن هناك ما يمكن وصفه “شيء عظيم” ولم تكن لتحصل على أي شيء لو ذهبت، وفي الحقيقة، كرهت المكان كثيرا ووجدته أكثر الأماكن التي زرتها قسوة، وما زالت ندوبه علي من الصحافي الذي دفع كاميراته في صدري”. و”هو المكان الوحيد الذي لم أرد الذهاب إليه مرة أخرى، ونتيجة لذلك، فخلال الـ 25 عاما الأخيرة، كلما جاء أي شيء عن إسرائيل في الأخبار، فإنني أغلقها. ومن وجهة نظري، إسرائيل لم تكن موجودة، ولهذا لم أواكب ما يجري هناك، إسرائيل كلمة سيئة بالنسبة إلي” كما قالت.
“لم أعتقد أنني سأنتمي إلى دين، وتركت الإسلام حتى الآخر لأنني كنت متحيزة ضده”، و”لكنني عندما بدأت القراءة وقرأت الجزء الثاني من القرآن وحدي، اكتشفت “يا إلهي لقد وصلت” و”كنت مسلمة طوال حياتي بدون أن أعرف””.
ورغم تقديرها للدين اليهودي والشعب اليهودي، إلا إنها قالت عند اعتناقها للإسلام “كل الكتب المقدسة تقود إلى الإسلام مما يجعل بقية الكتب المقدسة زائدة عن الحاجة”. وقالت “بدأت بدراسة الكتب المقدسة من الأديان المختلفة وحاولت البحث عن “حقيقة” الله، ولم أعتقد أنني سأنتمي إلى دين، وتركت الإسلام حتى الآخر لأنني كنت متحيزة ضد الإسلام”، كما قالت في مقابلة تلفازية عام 2019، و”لكنني عندما بدأت القراءة وقرأت الجزء الثاني من القرآن وحدي، اكتشفت “يا إلهي لقد وصلت” و”كنت مسلمة طوال حياتي بدون أن أعرف””.