تفاجأ الجيش الإسرائيلي من تكتيك المقاومين وأسلوبهم في مواجهته خلال اقتحامه مخيم جنين، صباح اليوم الإثنين، مما أوقع قواته ومركباته العسكرية في عدة كمائن وأعاقت عليه استكمال العملية أو سحب جنود المصابين السبعة، مما دلل على مستوى التطور اللافت الذي وصلت له عناصر المقاومة.
وخيمت الصدمة على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وأصابها الشك حول نجاعة عمل الجيش الإسرائيلي في مخيمات الضفة خاصة مخيم جنين العصي والصعب دائما، واستغربت من معرفة المقاومين بخط انسحاب قوات الجيش بعد اقتحامها المخيم والذي كان عبارة عن طريق عبوات متفجرة كانت تنتظر القوات المنسحبة.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن الجيش الإسرائيلي يحقق إذا كانت العبوات الناسفة زرُعت سابقاً أم أنها زرعت فور اقتحام قوات الجيش لجنين، وكيف تمكن المسلحين من معرفة طريق الانسحاب أو تقييم ذلك، فيما قدّر مصدر عسكري بأن العبوة الكبيرة التي انفجرت بالمركبة العسكرية "الفهد" في جنين احتوت على 40 كلغ من المتفجرات.
وأوضح مسؤول في القيادة المركزية بالجيش، بأن استخدام مثل هذه العبوة الناسفة القوية يتميز به حزب الله على الحدود اللبنانية وحركة حماس على حدود قطاع غزة.
وأجبر أسلوب المقاومين الجيش الإسرائيلي على تأخير انسحابه من المخيم نظرا لتضرر واعطاب أكثر من 5 مركبات عسكرية "بحسب مصدر عسكري"، وفي ظل الصعوبة البالغة في إخلاء جنوده المصابين إثر تفجير العبوات، اضطر لاستخدام الطيران المروحي من نوع "أباتشي" للتغطية على قواته، ولأول مرة منذ "عملية السور الواقي -2002" أطلق منها صواريخ تجاه تواجد المسلحين.
يذكر أن الجيب الذي تم تفجيره في جنين صباح الاثنين من نوع "بانثر פנתר" وتعني "الفهد" المخصص لعمليات اقتحام مدن الضفة، وتم إدخاله للخدمة في العام 2021، ويمكنه حمل 14 جندياً وهو مصفح ضد الرصاص والعبوات الناسفة الصغيرة، تم تطوير دفاعاته ضد العبوات الناسفة بداية العام 2023، وتفجيره مثل صدمة للجيش.
واستغرقت عملية تخليص الجنود المصابين من مكان تفجير العبوات أكثر من ساعة، الأمر الذي دفع قادة بالجيش إلى التحذير من أن قواعد اللعبة تغيرت، فيما عبرت قيادة المنطقة الوسطىة بالجيش عن صدمتها مما حدث، بالقول: "لقد صُدمنا وهذا أمر خطير بالنسبة لمثل هذه الساحة ".
الموقع الاستخباري الإسرائيلي "إنتلي تايمز"، نوه أنه كان ينبغي على القوات أن تقدم نتيجة أسرع في جنين، فهذه ليس غزة أو جنوب لبنان بعد، وإذا كان الأمر كذلك فلتستخدم جميع الإمكانات، ومن الصعب تعريف تعقد عملية الاعتقال للفلسطينيين وإنقاذ المستعربين ودورية المظليين على أنها "حادثة تحت السيطرة".
من جانبه، أشار العميد أورن أبمان قائد لواء جنين بالجيش الإسرائيلي سابقاً، إلى أن الواقع تغير ومن الضروري التحول إلى حالة قتالية واستخدام كل الوسائل لإسكات مصدر النيران، وبحسب قوله: "المكان الذي يطلقون النار منه يجب أن يكون نقطة حمراء يجب تدميرها".
ولم يستوعب الجيش الحدث الصادم والذي أعاده إلى ذكريات بدايات انتفاضة الأقصى وعام 2002 حين كانت المقاومة تنفذ العمليات التفجيرية، مما دفعه إلى قوات إضافية إلى جنين بما في ذلك وحدة دوفدفان من أجل السيطرة على المنطقة في ظل وجود إطلاق نار كثيف من المسلحين.
وحول ذلك، قال رئيس هيئة الأمن القومي الإسرائيلي الوزير تساحي هنغبي: "إن جنين أصبحت مركزاً للمقاومة وإذا لم نتحرك في جنين سنلتقي بالعبوات في الباصات وفي قلب تل أبيب".
المواجهة القاسية من المقاومة في جنين اليوم، تعد بمثابة تطورا كبيرا في أداءها وأسلوبها في مواجهة الجيش الإسرائيلي ودروياته التي تقتحم الضفة في أي وقت تشاء، مما سيغير الحسابات في رؤوس قادة الجيش، حيث ما وقع اليوم يؤكد أن مخيم جنين وباقي قرى الضفة لم تعد مفروشة بالورود.
فيما اعتبرت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأن جنين أصبحت عبارة عن قنبلة موقوته، بينما رأي موقع "ميدا" العبري أن التهديد يتزايد والمقاومين أصبحوا أكثر جرأة من أي وقت مضى.
ويتفق القائد السابق للقيادة المركزية غادي شامني مع قوة جنين في جميع مواجهاتها مع الجيش الإسرائيلي، وقال: "لقد وصلت جنين إلى مستوى من القدرة يتطلب التفكير والتقييم من قبل الجيش الإسرائيلي، ولم تتفاجأ القوات بوجود عبوات في المنطقة فهي كانت دائما موجودة ، ولكن هذه المرة نجح الفلسطينيون".
وعلق الكاتب الإسرائيلي ميخائيل ميلشتاين على ما حدث، فقال: "أعيد اليوم عرض تحليل كنت قد نشرته قبل عام حول مسألة: لماذا جنين؟.. في العام الماضي ظلت المنطقة بؤرة التوتر الأمني في الضفة الغربية، في حين أن ما تغير هو الضعف المتزايد للسلطة الفلسطينية -غير موجود تقريبًا في المنطقة- وتزايد قبضة حماس التي تهدف إلى تكرار نموذج جنين في أجزاء أخرى من الضفة الغربية".