"التكية النمساوية" في القدس: من مكان يقصده الحجاج المسيحيون إلى مركز استخباراتي

السبت 29 أبريل 2023 04:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
"التكية النمساوية" في القدس: من مكان يقصده الحجاج المسيحيون إلى مركز استخباراتي



القدس المحتلة/سما/

في قلب الحي الإسلامي، وسط البلدة القديمة في مدينة القدس، تقع "التكية النمساوية للعائلة المقدسة"، وهي دار ضيافة للحجاج المسيحيين افتُتحت في عام 1863، وتحولت لاحقاً إلى مكان يرتاده مديرو الاستخبارات والدبلوماسيون لإجراء مباحثات متكتمة في ظلال أشجار الزيتون المطلة على أسطح منازل المدينة.

Shutter Stock/ مكتبة التكية النمساوية في القدس

التكية النمساوية في القدس 

تأسست التكية النمساوية في عام 1856، وافتتحها الإمبراطور النمساوي المجري فرانز جوزيف الأول، في 19 مارس/آذار 1863، وهي أقدم بيت حج وطني في الأرض المقدسة، إذ تقع كنيسة "العائلة المقدسة" داخل المبنى الرئيسي.

كان المبنى في الأصل مكوناً من طابقين، ولكن مع ارتفاع عدد الحجاج كانت هناك حاجة إلى مزيد من الغرف، وطابق ثالث تمت إضافته في أواخر القرن التاسع عشر، فيما كانت التكية تُدار من قِبل راهبات الفرنسيسكان.

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى صادر البريطانيون المبنى، بحجة أنه "ملكية ألمانية"، ولكونه يُستخدم كمعسكر اعتقال للكهنة النمساويين والألمان والإيطاليين، وخلال فترة الانتداب البريطاني كان بمثابة دار للأيتام لعدد من السنوات.

بعد حرب 1948 أصبحت التكية مستشفى عسكرياً تحت إمرة المملكة الأردنية، وبعد حرب الـ6 أيام، استمر المبنى في العمل كمستشفى عسكري، ولكن هذه المرة من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي.

وفي ثمانينيات القرن الماضي أعيدت التكية إلى الكنيسة النمساوية، التي أجرت ترميماً واسعاً بعد سنوات من الإهمال والدمار.

بعد تجديده عاد المبنى إلى دوره الأصلي، حيث كان يستضيف سياحاً من النمسا والدول الأخرى الناطقة بالألمانية، وفقاً لما ذكره موقع iTravelJerusalem.

Shutter Stock/ التكية النمساوية في القدس

من مكان مقدس إلى مركز استخبارات نمساوي

تعود ملكية المؤسسة إلى رئيس أساقفة فيينا منذ تأسيسها، ولا تزال تخضع لإدارة "الجمعية النمساوية لشؤون الأراضي المقدسة"، وهي تبعية استفادت منها على مر السنوات منظمات نمساوية منخرطة في الدبلوماسية الموازية.

وإلى جانب وجود برنامج ثقافي موسع، تستضيف التكية كل عام عدداً قليلاً من المواطنين النمساويين الشباب الذين يقومون بعمل تطوعي، باعتباره بديلاً مسموحاً به للخدمة العسكرية الإلزامية.

ووفقاً لما ذكره موقع Intelligence Online الفرنسي، يصبح هؤلاء الشباب، الذين يُقيمون في الغرف الأساسية في التكية، عيون وآذان السلطات النمساوية.

وأشار الموقع إلى أن هؤلاء الشباب يلتقون بالبدو من إسرائيل أو الضفة الغربية، أو بالمستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية، ليكتبوا تقارير إلى فيينا عما يحصل هناك.

أين تقع التكية النمساوية، وممَّ تتألف؟

تمتلك التكية النمساوية مكاناً مميزاً في مدينة القدس، إذ تقع في منتصف الطريق بين باب العامود وحائط البراق، وتحديداً على طريق الآلام الشهير في القدس القديمة، الذي هو بحسب المعتقد المسيحي الطريق الذي سلكه السيد المسيح من باب الأسباط إلى كنيسة القيامة، عندما قام اليهود بتعذيبه وصلبه.

وتتألف التكية النمساوية في الوقت الحالي من فندق وحديقة ومقهى يطلق عليه اسم "Café Triest"، كذلك يمكن لأي شخص الصعود إلى سطح المبنى "مقابل رسوم" لمشاهدة المناظر الجميلة في القدس القديمة، لا سيما قبة الصخرة، إضافة إلى أنه بالإمكان رؤية جبال الأردن لو كان الطقس صافياً.

في حين أن موقع التكية النمساوية الرسمي على الإنترنت يعرف التكية على أنها "بيت ضيافة نمساوي"، يحتوي على 124 سريراً، وأنّ أي شخص ينوي السفر إلى التكية يجب أن يقدم إشعاراً مسبقاً قبل 16 شهراً.

أما داخل التكية فهناك أيضاً "كنيسة العائلة المقدسة"، يعود تاريخها إلى عام 1909، والتي تُقام فيها القداسات طوال أيام الأسبوع، إضافة إلى قاعة كبيرة كانت تستخدم قاعة طعام للحجاج، أما اليوم فهي مستخدمة للحفلات الموسيقية والمحاضرات.

Shutter Stock/ كافيه Café Tries