تصنف فلسطين والمنطقة بأنها ذات نشاط زلزالي متواضع، حيث تحصل هزات أرضية خفيفة يتم رصدها من خلال مستشعرات ذات حساسية عالية بشكل شبه يومي.
مساء أمس، عند الساعة 11.14 مساء تم رصد هزة أرضية بلغت قوتها 3.7 درجة على مقياس ريختر، وبعمق 10 كم في باطن الأرض، وكانت بؤرة الزلزال على بعد 10-13 كم جنوب شرق نابلس، وفق مرصد الزلازل الفلسطيني بجامعة النجاح.
تلك الهزة أثارت التخوفات لدى المواطنين، حول ما إذا كانت مرتبطة بهزات ارتدادية للزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال سوريا بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر يوم الاثنين الماضي، وأدى إلى مقتل 9655 شخصا (حتى إعداد هذا التقرير)، مع استمرار عمليات الإنقاذ حتى اليوم.
وتحدث مدير مرصد الزلازل الفلسطيني في جامعة النجاح د. رضوان الكيلاني، إنه "في علم الزلازل، إذا حصل 100 زلزال على الكرة الأرضية في نفس اللحظة، فليس شرطا أن تكون لها علاقة مع بعضها".
وأوضح أن ما حدث مساء أمس كان ضمن النشاط الزلزالي الاعتيادي الذي يتم رصده يوميا في المرصد، في عدة صدوع لها علاقة بالصدع الرئيسي للبحر الميت، مؤكدا أن طبيعة هذه الصدوع ذات نشاط زلزالي بهزات خفيفة تتراوح من 1-4 درجات على مقياس ريختر.
وأشار إلى أن عمق الهزات الأرضية والزلازل في المنظومة الزلزالية في منطقة فلسطين ضحل أي أقل من 30 كم في باطن الأرض، الأمر الذي يجعل السكان يشعرون بها، موضحا أن شعور السكان بالهزات يعتمد على عدة عوامل أهمها طبيعة التربة المقامة عليها المباني.
وأكد كيلاني أن الهزة التي حصلت أمس لها أكثر من تفسير، منها العلاقة بالنشاط الاعتيادي في فلسطين الذي يحصل على الصدوع المحلية، والذي تقاطع مع صدع الفارعة– الكرمل، وربما مرتبط بالزلزال الكبير الذي حصل في تركيا وسوريا، وذلك لكون فلسطين جزءا من المنظومة الصدعية التي سببت الزلزال، وبالتالي حفز بعض البؤر الزلزالية الموجودة على امتداد حفرة الانهدام أو تلك التي تتقاطع معها على صفائح ثانية.
وبين الكيلاني في التفسير الثالث لهزة أمس، أن يكون للزلزال الرئيسي زلازل قبلية وأخرى بعدية، وهي نشاطات زلزالية قوتها أقل من الزلزال الرئيسي، وأن المختصين حذروا من احتمالية حدوث زلزال كبير ومدمر، وفق القراءات التاريخية.
ووفق احصائيات مرصد الزلازل الفلسطيني فإن عدد الهزات الأرضية التي ضربت منطقة البحر الميت خلال العامين الماضيين بلغت 228 هزة أرضية، وتتراوح قوتها بين 0.7 الى 3.6 درجة على مقياس ريختر في آخر عامين.
ووفق الكيلاني، فإن ثقافة المباني المقاومة للزلازل المدمرة تكاد تكون معدومة في فلسطين خاصة التي تصل قوتها لسبع درجات على مقياس ريختر.
ويقرأ النشاط الزلزالي في فلسطين من خلال الشق التاريخي الذي وثق أكثر من 100 زلزال مدمر خلال ألفي عام، في منطقة حفرة الانهدام وصدع البحر الميت، وعبر الشق المرصود الذي يعتمد على أجهزة رصد للنشاط الزلزالي.
وتشهد حفرة الانهدام الممتدة على طول 1100 كم من العقبة جنوبا إلى جبال طرطوس شمالا نشاطا زلزاليا مستمرا، على طول منظومة صدع البحر الميت المقسم لثلاثة أجزاء رئيسية (وادي عربة، البحر الميت، غور الأردن)، ولكل واحد من تلك الصدوع نشاط زلزالي مسبب لهزات مختلفة، وفق ما يوضح الكيلاني.
ويشير الكيلاني إلى أن الزلازل في فلسطين ثلاثة أنواع (تكتونية، حثّية، بركانية)، فالتكتونية ليست من الزلازل التي تحدث بشكل دوري فهي متباعدة تحدث كل 100 عام أو 250 عاما أو أكثر، والنشطة هي الزلازل التي تحصل على الصدوع المحلية والزلازل التي تحصل بسبب نشاط بركاني تحت سطح الأرض وهي زلازل من النوع الخفيف، وتسبب أيضا نوعا من العواصف الزلزالية كما حصل في طبريا قبل سنوات، وكما حدث في بداية التسعينيات في العقبة، والثمانينيات في صدع الكرمل- الفارعة، فيما يرتبط النوع الحثي بالنشاطات البشرية كإقامة السدود المائية وغيرها.
وأوضح الكيلاني أن أخطر الزلازل هي التكتونية حيث تنتج من حركة كتل من الأرض وصفائح قارية أو محيطية، منوها إلى أن الصفيحة القارية في فلسطين تشكل الجزء الشرقي من امتداد حفرة الانهدام، والجزء الغربي منها يسمى صفيحة فلسطين- سيناء.
وتابع أن سبب الزلازل التكتونية بمنطقة حفرة الانهدام أن الصفيحة العربية تتحرك باتجاه شمال شرق صفيحة فلسطين، بمقدار قرابة 2.5 سم سنويا، وعندما تتحرك باتجاه شمال شرق تصطدم بالصدع الشرقي لصفيحة الأناضول، وأن هذا كان سبب الزلزال الرئيسي الذي حدث في تركيا الاثنين الماضي.
وفا