من هذه اللحظة ومنذ الآن؛ علينا أن ننسى المقولة سيئة الذكر ؛ دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 67، وكلّما أسمع بترديد هذا القول أشعر كم نحن أمّة فاشلة، ترزح تحت كل معاني الذلّ والإنكسار.
هذا الكلام موجّه للشعبين الأردني والفلسطيني فقط، فهما اللذان يرتبطان بعلاقة خاصة فيما يتعلق بكل تفاصيل قضية فلسطين، لا يمكن القول أبدا بأنّ الفلسطيني وحده هو المعني بذلك، فالإرتباط والترابط وثيق بينهما، وعليهما قراءة ما سيجري مستقبلا بدقّة وعناية .
لست قلقا أبدا من صعود اليمين المتطرّف على سدّة الحكم في دولة الإحتلال، فقد يكون ذلك فأل خير، ومقدّمة لما سيجري، وما علينا سوى متابعة ما يحدث اليوم من مناكفات واتهامات لا حصر لها بين القيادات السياسية في الكيان المحتل، حتى أن العديد من المحللين هناك باتوا يحذّرون من حرب أهلية بوادرها تلوح في الأفق .
هي ليست أمنيات بل حقائق واضحة على أرض الواقع، ولن أخوض في تفاصيلها، ولكن علينا المتابعة والترقّب ومعرفة موطأ أقدامنا جيدا خلال المرحلة المقبلة، والتي ستكون من أصعب المراحل علينا فلسطينيين وأردنيين .
ad
لا مجال أمامنا سوى التكاتف الجاد والحقيقي، فالمواجهة باتت قريبة مع اليمين المذكور، والفكر الصهيوني ما زالوا يحلمون بتطبيقه في الضفتين الغربية والشرقية، وهناك دعوات جادّة في الكيان لأجل ضمّ الضفة الغربية، وبعد ذلك عمليات التهجير للضفة الشرقية، والتي هي وطن الفلسطينيين كما يقول ذلك الفكر .
الإنتفاضة الفلسطينية الشاملة قادمة، ولن تكون كسابقاتها أبدا، ستكون بمثابة ثورة شعبية تشعل الأرض من تحت أقدام الإحتلال، سنشاهد السلاح الفلسطيني هذه المرّة وليس الحجارة فقط، وسيكون الأردن هو المستفيد الحقيقي من اندلاع هذه الإنتفاضة، لأنها ستؤكّد بصورة حاسمة مدى تمسّك الفلسطيني بأرضه، ورفضه أي وطن بديل، وحينها؛ على الفلسطيني أن يدافع عن الأردن، وعلى الأردني أن يشدّ الهمّة دفاعا عن فلسطين والتي تعني الكثير له.
ما هو قادم ينذر بأخطار، يجب أن نكون متنبّهين لها، وهذا يستدعي تغييرا جذريا في السياسة الأردنية، بحيث تخرج من حالة النعومة والمهادنة إلى المواجهة القويّة مع استخدام أي أوراق متاحة، ومنها إعلان واضح بدعم المقاومة الفلسطينية المسلّحة، وهي مقاومة شرعية ما دامت فلسطين ترزح تحت الإحتلال.
لذلك؛ لا مجال للمساومة على كل فلسطين من نهرها إلى بحرها، لا أريد دولة في الضفة ولا في غزة، لا أرغب أبدا بقدس شرقية، ما هو مصير حيفا وعكا ويافا وصفد وطبريا واللد والرملة؟ أليست مدنا فلسطينية غادرها آباؤنا وأجدادنا قبل أقل من ثمانية عقود؟
قلت سابقا؛ أنا لاجيء فلسطيني، تم احتلال قريتنا في حرب 48 عام النكبة، كيف لي أن أنسى قريتي، وكيف لي أن أقبل بدويلة فيما تبقّى من الضفة أو غزة؟ أنا بريء من كل مقولاتهم حول دولة على حدود 67، هذا لا يعنيني أبدا، ومن يعنيه ذلك فليذهب إلى الجحيم .
وجود اليمين المتطرف في الحكم قد يمثّل فرصة نموذجية لكل أردني وفلسطيني، على الشعبين الإرتقاء بالعلاقة إلى الحدّ الأعلى والإبتعاد عن صغائر الأمور، فالإستهداف الصهيوني هو للشعبين تباعا، وخندق واحد هو الذي يجمعنا، خندق الصمود والتحدّي والتصدّي دفاعا عن الأردن وعن فلسطين من النهر إلى البحر .
فلنتذكّر دائما وأبدا.. فلسطين من النهر إلى البحر، اعتمدوا ذلك بصورة واضحة لا لبس فيها، لن نقبل بدويلة كرتونية على مقاس عبّاس وغير عبّاس، وكل ما يردده السياسيون هو محض كلام فارغ لا علاقة لنا به، وليذهب هؤلاء أيضا إلى الجحيم الذي بات في انتظار الكثيرين.
كاتب من الاردن