في وقت يتباهى جيش الاحتلال الإسرائيلي أن منظومته الدفاعية المسماة “القبة الحديدية” تحقق له إنجازات عملياتية تحميه من صواريخ المقاومة، كشفت أوساط عسكرية عن تعرض الجنود العاملين بهذه المنظومة لمرض السرطان، وهي ظاهرة آخذة في التصاعد بسبب تعرضهم لإشعاع الرادارات والأنظمة الإلكترونية.
وقد كشف أفيف لافي مراسل موقع “زمن إسرائيل” عن “نشر معهد التخنيون دراسة في المجلة العلمية للأبحاث البيئية تفيد أن جنود القبة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان بثماني مرات من الشباب في أعمارهم”.
وأضاف لافي أن “موران ديتش الباحثة في جامعة “بار إيلان” في مجال العلاقات الدولية ـ والتي أسست جمعية لمساعدة مرضى الأورام – لاحظت ظاهرة مقلقة، مفادها أن العديد من مرضى السرطان المواظبين على زيارتها في الجمعية هم من جنود القبة الحديدية ووحدات الدفاع الجوي مثل مقلاع داود والسهم وحيتس”، مشيرًا إلى أن “ديتش شعرت أن شيئًا ما يحدث، فلجأت للجيش، وطلبت البيانات للتحقق من ذلك بالعمل المشترك، لكنه تجاهلنا، على الرغم من أن بعض الجنود طلبوا من وزارة الحرب الاعتراف بإعاقتهم، ولكن تم رفض طلبهم، ولجأ بعضهم للإجراءات القانونية التي لا تزال جارية”.
وأكد لافي أنه “بالتوازي مع البحث الأكاديمي، فقد بدأ الجيش يبحث في هذه القضية بقوة في السنوات الأخيرة، وفي الجهاز الطبي أخذوا جميع الجنود الذين خدموا في القبة الحديدية بين 2009 و2018، وأخذوا آلاف الجنود من الجبهة الداخلية، ودققوا البيانات في السجل الوطني للسرطان”، لافتا إلى أن “النتائج على مدى عقد من الزمن تفيد بإصابة 13 من العاملين في القبة الحديدية بالسرطان، أي إن 1 من كل 330 ممن تسرّحوا من القبة الحديدية أصيب بالسرطان، مقارنة بواحد من كل 400 تسرّحوا من الوحدات الأخرى”.
وأشار إلى أن “جيش الاحتلال زعم أن هذا العدد من الجنود المصابين بالسرطان، ليس له دلالة إحصائية أو أهمية طبية، لكن مصادر عسكرية وجهت انتقادات شديدة لهذه المنهجية في التقييم، فضلا عن عدم تعاون الجيش مع الباحثين، وعدم إعطائهم بيانات، مع العلم أن متوسط فترة نضج السرطان 15 عامًا، فيما القبة الحديدية لم تبدأ العمل إلا في 2011، رغم أن أقلية من الجنود أصيبوا بالمرض قرب نهاية خدمتهم، والباقي حوالي عام أو عامين بعد التسريح”.
وأوضح أن “الحاجة ملحة لبناء جسر ترابي وفصل الأماكن التي يتواجد فيها الجنود قرب الرادارات خشية تعرضهم للإشعاع، ولأنه لم يكن لديهم معدات خاصة، على الرغم من أن المناطق العالية الإشعاع مُسيجة، ومسيطر عليها، والجنود يعرفون أين لا يُسمح لهم بالدخول، وأين يُسمح لهم بالبقاء، لكن لا يتم اتخاذ الاحتياطات بسبب الخوف من التأثير طويل المدى من الإشعاع، والخوف من التأثير الفوري الحاد للإشعاع القوي على أنسجة الجسم”.
ويتزامن هذا الكشف عن تسبب القبة الحديدية بتفشي مرض السرطان بين جنودها، مع حديث عن تراجع جدوى هذه المنظومة من النواحي العسكرية والعملياتية، لأنها باتت تضع علامة استفهام استراتيجية عميقة حول تكامل نظرية الردع الخاصة بالأمن الإسرائيلي، ما أنشأ معضلة حقيقية أمام صناع القرار العسكري للاحتلال، لأن من سلبيات هذه المنظومة الدفاعية أنها سمحت لهم بالعيش في ظل الصواريخ، رغم إسهامها بتقليص الضرر الذي يلحق بالجبهة الداخلية.