معاريف - بقلم: تل ليف رام لم يعارض “الشاباك”، بصفته جهة مهنية، حجيج وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى الحرم حين أيقن بعدم وجود مس بالوضع الراهن. وكانت التوصية أنه يمكن إجراء الزيارة إذا جرت مبكراً في الصباح، بهدوء إعلامي وعلى مدى زمن قصير جداً.
الآن، يتبين من خلال ما نشره المراسلون السياسيون، بأنه حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع بن غفير حول تأجيل الزيارة، كان ألعوبة بواسطة الإعلام، وقد نجحت: مرت الزيارة بهدوء تام وانتهت في غضون 13 دقيقة.
في السطر الأخير، فإن الحل الوسط بين رئيس الوزراء الذي صادق على الحجيج إلى الحرم، ووزير الأمن القومي كان بالنسبة لي الشكل المتواضع والسري الذي ستجري فيه. كما أن الزيارة السريعة كانت تكفي لبن غفير كي تثبت لجمهور مصوتيه بأنه أوفى بوعده للحجيج إلى الحرم. بالمقابل، بدا رئيس الوزراء خاسراً. فحظوة تغيير السياسة ظاهراً سجلت كلها في “صالح” بن غفير الذي يثبت في مرحلة مبكرة قدرة على إدارة سياسة خاصة به. بالمقابل، يتعين على رئيس الوزراء التصدي الآن للآثار على المستوى السياسي، وربما أيضاً للجوانب الأمنية.
بعد أكثر من سنة ونصف من حملة “حارس الأسوار”، يدعي كبار رجالات هيئة الأركان بأن الردع حيال حماس أقوى مما في الماضي عقب نتائج الحملة في غزة. ربما يشيرون إلى أنه رغم موجة المقاومة المتصاعدة في “المناطق” [الضفة الغربية] وعدد القتلى العالي في أوساط الفلسطينيين، بقيت حماس على الجدار، ولا ترد بإطلاق الصواريخ من القطاع. إضافة إلى ذلك، تفرض الهدوء على المنظمات الأخرى.
في الجانب الآخر من المعادلة، نجد أن زمن الهدوء الذي اشترته حماس تستغله لإعادة البناء وللتعاظم العسكري وفي جهود تعزيز وتعميق الوعي في الشارع الفلسطيني داخل “المناطق”، بل وفي أوساط أجزاء من الوسط العربي في إسرائيل، بعد أن نالت التشجيع من اضطرابات “حارس الأسوار” في المدن المختلطة والنقب.
إلى جانب الأثمان التي دفعتها حماس في أثناء الحملة والإنجازات العملياتية القليلة في جباية ثمن من إسرائيل، فإن مكانتها المتعززة في وعي الشارع الفلسطيني كحارس للقدس والأماكن المقدسة، وكمن فرض على إسرائيل مواجهة عسكرية بعد إطلاق الصواريخ نحو العاصمة عشية حملة حارس الأسوار – هو إنجاز بالوعي لا يمكن تجاهل خطورته. هذا تحد سياسي – أمني لإسرائيل، يتمثل في تفكيك عناصر معادلة التأثير، التي تسعى حماس لمواصلة تعميقها.
بالفعل، الدولة ذات السيادة لا يمكنها أن تسمح لنفسها بوضع تتعرض فيه للابتزاز بالتهديد من "منظمة إرهاب"، ومعادلة القدس والحرم لدى حماس بالفعل يجب أن تتفكك. لكن يجب عمل ذلك ضمن سياسة مرتبة للحكومة ومع إدارة مرتبة للمخاطر. لكن ليس تحت الضغط وبامتشاق سريع مثلما حصل أمس بحجيج بن غفير للحرم.