رام الله / سما / تقول صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية الصادرة اليوم في تعليق افتتاحي ان واقف الادارة الاميركية والحكومة الاسرائيلية اضعفت مصداقية الرئيس محمود عباس في نظر شعبه لانهما لم تقدما له شيئاً يمكن ان يقدمه لشعبه باعتباره تقدما نحو تحقيق حل قائم على اساس دولتين (فلسطين الى جانب اسرائيل في أمن وسلام). وفي ما يأتي نص المقال:"يبدو القرار الذي اتخذه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم الترشح لولاية ثانية كتصرف رجل وصل الى نهاية حدود حياته السياسية. وعباس هو المدافع الفلسطيني الرئيسي عن اتفاق سلام يتم التوصل اليه بالتفاوض عليه مع اسرائيل على اساس الدولتين. واذا ما التزم بتهديده بالتنحي، فان ذلك قد يشكل ضربة مدمرة لتلك العملية، ان لم يقض عليها. ومن الممكن ان الرئيس عباس يراوغ، ويستخدم تهديده بالاستقالة كأسلوب تكتيكي. ولكن ليس هناك من شك في ان التحركات الاخيرة من جانب الادارة الاميركية واسرائيل تركته ذليلا ودمرت ما تبقى من مصداقيته لدى شعبه الفلسطيني وحركته "فتح". وجاءت القشة الأخيرة الاسبوع الماضي عندما اشادت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون برئيس الوزراء الاسرائيلي لاظهاره "ضبط النفس"، وبدا أنها تدعم رفض اسرائيل وقف توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة كشرط مسبق لمحادثات السلام. وأتى ذلك في اعقاب حدثين وقعا اخيراً وقوضا بشدة صورة الرئيس الفلسطيني لدى ناخبيه المحليين. ففي نيويورك، اجبر على مصافحة نتنياهو علنا خلال اجتماعهما مع الرئيس الأميركي باراك اوباما. ولكن معظم الضرر حدث عندما رضخ لضغط اميركي لتأجيل مصادقته على تقرير القاضي ريتشارد غولدستون حول جرائم الحرب خلال الهجوم الاسرائيلي على غزة- ثم تراجع عن قراره تحت هجوم شرس من وزرائه. وتآكل مركز عباس باضطراد مع مرور الزمن لأنه ليس لديه اي شيء يعرضه بعد سنوات من متابعة استراتيجية سلام مستندة الى التسوية عن طريق المفاوضات- باستثناء المستوطنات الاسرائيلية المتسعة على الارض الفلسطينية المحتلة. واذا كان رمز مثل عباس لا يستطيع البقاء في المناخ الحالي، فان من المرجح ان تحل مكانه قيادة اكثر راديكالية لا تعرف التنازل. ولا يستطيع اي زعيم فلسطيني او يمكن ان يقوم بالتفاوض في الوقت الذي يتواصل فيه الاستعمار الاسرائيلي في الضفة الغربية. ورفض نتانياهو الدعوة لوقف توسيع المستوطنات يعني فعليا انه لن يكون هناك اي حل على اساس الدولتين. واذا كان هذا هو الحال، فان المتوقع هو معركة طويلة ومريرة لنيل حقوق متساوية داخل دولة واحدة. وهذا سيعني نهاية اسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. وهو يشبه من نواح عديدة النضال ضد التمييز العنصري في جنوب افريقيا. واذا كان نتانياهو يعتقد انه حقق فوزا من خلال رفضه وقف المستوطنات، فانه مخطىء. ان ذلك اشبه بمشروع انتحار قومي".