أثار الاتفاق الائتلافي المبرم بين حزب "الصهيونية الدينية" الذي يرأسه عضو الكنيست المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، وحزب "الليكود" ضمن مساعي تشكيل الحكومة المرتقبة لنتنياهو، حالة من القلق لدى المواطنين العرب إزاء عواقب هذا الاتفاق.
وينص الاتفاق على منح امتيازات لليهود لشراء الأراضي بأسعار رخيصة في النقب والجليل، بهدف التهويد هذه المناطق وتوسيع الاستيطان الإسرائيلي، ويشمل ذلك تخفيضا على أسعار الأراضي لليهود فقط بالإضافة إلى منح الجنود ومنهم القدامى والاحتياط وقوات الأمن امتيازات خاصة.
وبموجب الاتفاق، سيتم إدخال قوات كبيرة من الشرطة إلى هذه المناطق للتضييق على المواطنين العرب وحصار بلداتهم وتفعيل الدوريات الخضراء وسلطات تطبيق القانون لقمع العرب ومنعهم من التوسع.
كما يتيح الاتفاق إزالة الحواجز البيروقراطية في سياسة التعامل مع الأراضي والتنظيم والبناء، وتسريع المعاملات لليهود مستمدة الشرعية من قوة "قانون القومية" الذي يعتبر أن تطوير المستوطنات اليهودية هو "القيمة الوطنية" التي يجب تعزيزها وترسيخها، حيث سيتم منح امتيازات وتسهيلات وإعفاءات اقتصادية كثيرة لليهود، خصوصًا لمن أنهوا خدمتهم بالجيش الإسرائيلي، وتوسيع قانون "لجان القبول" في البلدات اليهودية والمستوطنات الصغيرة لمنع العرب من السكن فيها.
هجمة على ما تبقى من الأرض
وبهذا الصدد، اعتبر عضو المكتب السياسي للتجمع والنائب السابق، واصل طه،أن "هذه الاتفاقية تندرج في إطار استمرار محاولات تهويد الجليل والنقب، والهجمة على ما تبقى من أراضي العرب في الجليل والنقب".
وأكد أن "هذه الاتفاقية عنصرية بامتياز، وهي تهدف إلى التضييق على المدن والقرى العربية في الجليل والنقب خدمة لهذا اليميني المتطرف الذي يزرع ويدير مدرسة في كراهيته للعرب الفلسطينيين في مناطق الـ48، ولذلك هذا يهدد الوجود وإمكانيات الاستقرار والحفاظ على العلاقات بين المؤسسة والمواطنين العرب".
وأشار طه إلى أن الطريقة الوحيدة للتصدي لهذه الاتفاقية هي إقامة جبهة وطنية للتصدي للفاشية، ولا يكفي ما تقوم به لجنة المتابعة العليا والأحزاب العربية".
المس بحقوق العرب
وبدوره، قال رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس مجلس محلي عرعرة عارة، المحامي مضر يونس، إنه "لم يطلع والطواقم المهنية على الاتفاقية الائتلافية بين الليكود والصهيونية الدينية، ولكن بيان اللجنة القطرية الذي أصدرناه كان واضحا ويقول إننا نحكم على الأمور ضمن السياسات التي توضع، وقد حذرنا من المساس بأي حق من حقوق العرب وبأي قرارات حكومية وهذا هو موقفنا العام".
وأوضح أن "أي قرار فيه مساس أو تفرقة أو تمييز ضد المجتمع العربي ستحاسب عليه الحكومة".
وحول الأدوات التي تمتلكها القيادات العربية ووسائل الضغط التي تكفل عدم المس بحقوق العرب، ذكر أن "هذا الموضوع هو أبعد من اللجنة القطرية التي تمثل الرؤساء، فنحن هنا نتحدث عن قضية تخص جماهيرنا مجتمعنا والموقف الأول والأساس في هذه القضية هو موقف لجنة المتابعة، لكن على مستوى التخطيط والميزانيات فهو شأن اللجنة القطرية ونحن نؤمن بأن لنا حقوق ويجب أن نحصل عليها غير منقوصة".
وأضاف "هناك عمل مهني قُدم وعليه وضعت خطة اقتصادية ليست كافية، لكن من ناحيتنا يجب أن تنفذ، وهذا هو الموقف، وطبعا نحن من ناحيتنا إستراتيجيا على مستوى القطرية والمتابعة والوجهة القانونية والجماهيرية واللقاءات والتنسيق، لن نترك بابا مشروعا أو متاحا إلا وسنطرقه لنيل حقوقنا كاملة".
تحد كبير أمام سياسات الحكومة القادمة
وقال النائب السابق ومؤسس المركز العربي للتخطيط البديل، د. حنا سويد، إنه "لا أستهجن أبدا أن يقوم سموتريتش وحزبه أو بن غفير وحزبه بالتأكيد والتشديد على هذه القضايا من خلال اتفاقياتهما الائتلافية مع الليكود، على أساس أن لهما تاريخ طويل من خلال جمعية ’ريغفيم’ التي تتابع عمليات البناء ومخالفات البناء وحماية الأراضي من عبث العرب كما يزعمان، فهما لهما سجل طويل في هذا المجال، وأنا غير متفاجئ من رغبتهما في تضمين سياساتهما ونهجهما التقليدي ضمن الاتفاقات الائتلافية لكي يضمنوا أن يكون لهما مراقبة وتأثير كبيرين في تهويد الجليل والنقب، والحث على بناء المستوطنات الجديدة وممارسة سياسة الترانفسير تجاه سكان القرى البدوية غير المعترف بها".
وأضاف "أنهما (بن غفير وسموتريتش) يستندان ويستمدان شرعيتهما من البند 7 في قانون القومية، والذي ينص على أن الاستيطان اليهودي هو هدف من أهداف الدولة، وهما يتطرقان في الاتفاقية إلى لجان القبول في المستوطنات لمنع تسلل ودخول العرب للسكن في البلدات التي أقيمت على أراضيهم، وإعطاء تسهيلات كبيرة لليهود في النقب والجليل من أجل تشجعيهم على السكن في الجليل والنقب وخلق التوازن الديمغرافي الذي لطالما حلما به".
وختم سويد بالقول إن "كل ما كنا نتحدث عنه ونحذر منه، الآن جاءت هذه الحكومة لتضعه على برنامجها العملي، وعليه من الضروري جدا أن ننتبه ونستعد لهذه المنازلة وهذا التحدي الكبير أمام هذه السياسات".