يثير الكشف عن يعقوب تايتل، المتهم بقتل فلسطينيين ووضع شحنة ناسفة، مرة اخرى في جدول العمل (وبيقين قرب الذكرى السنوية لمقتل رابين) مسألة مسؤولية معسكر المستوطنين عن القتلة السياسيين الذين يخرجون منه. يوجد لأناس اليسار مصلحة سياسية طبيعية في زعم انه توجد مسؤولية كهذه، كما توجد لأناس اليمين مصلحة طبيعية في التحلل منها. يذكر الزعم اليساري عن تايتل بزعم مشابه، عرض لحينه متصلا بيغئال عامير: لا ينبغي البحث في القاتل على نحو مفصول من كلمات تحريض معسكره. يسأل اصلا السؤال عن الزعمين معا: هل المعسكر كله آثم حقا؟ وبعبارة اخرى: متى يمكن جزم ان "الكلمات تقتل"، او انها ذات قدرة خطرة على الاقل؟ عندما يعرض السؤال بوضوح كهذا، يكون الجواب واضحا ايضا: "الكلمات تقتل" عندما تشير هي نفسها الى موضوعات كراهية: العرب، او اليساريين، او المثليين، او اليهود الخلاصيين ومن اشبه. في مقابلة ذلك، لا يوجد اي مسؤولية للمعسكر الذي يعبر عن عقيدة وضعية مشروعة، اذا بالغ عنصر متطرف من ذلك المعسكر في التصور ونفذ عمل قتل. بعبارة اخرى: ان من قال "رابين خائن"، و "اليساريون كارهون لاسرائيل"، و "المثليون سدوميون"، او حرض على مطاردة اليهود الخلاصيين – هو مسؤول على نحو غير مباشر ايضا عن اعمال يغئال عامير او تايتل. لكن سائر المستوطنين، او مؤيدي المشروع الاستيطاني، ليسوا مسؤولين عن اعمال هؤلاء القتلة؛ كما ان مؤيدي فكرة الدولة الفلسطينية غير مسؤولين عن الاعمال التي تنفذ باسم هذه الفكرة. قبل الانقضاض على المستوطنين كافة بسبب تايتل او عامير، يحسن ان نتذكر انه بعد ان نعد افعالهما، وسائر افعال الارهاب اليهودي في العقود الاخيرة – فان عدد العمليات التي تمت باسم فكرة الدولة الفلسطينية ما يزال اكثر من تلك التي تمت باسم فكرة ارض اسرائيل الكاملة. الموازنة ذات صلة ايضا وان لم تخرج العمليات التي تمت باسم فكرة الدولة الفلسطينية (كما ذكر جدعون ليفي هذا الاسبوع) من اليسار الاسرائيلي، بل من منظمات ارهابية فلسطينية، فيها من اصبح مع الايام شريكا سياسيا. وهكذا فان طلب رفض عقيدة، او وسط كامل اذا حدثت باسمهما عمليات، قد يكون عصا مرتدة على اليسار والفلسطينيين. الى ذلك اذا اردنا الربط بين هدف سياسي واعمال قتل، فان رباطا كهذا اقرب الى المخربين الفلسطينيين من قربه من تايتل. فان المخربين يصرحون عن ان اعمال قتلهم لها هدف سياسي، والمنشورات التي يصغونها لموازاة العمليات تفصل مطالبهم السياسية ايضا. في مقابلة ذلك لم تعبر منشورات تايتل عن اي مطالب، بل عن كراهية ببساطة للعناصر التي هاجمها. من اجل ذلك يبدو انه ينبغي الا نعرفه باللقب "المغسول" ارهابي (وهو لقب يمنح لقتلة ذوي برنامج سياسي)، بل ان يعرف على انه قاتل اوقاتل مستديم ببساطة. يذكرنا هذا اللقب ايضا بأن اعمال تايتل الخطرة في اخر المطاف لم تكن هي الشحنات الناسفة التي وضعها عند مدخل بيت البروفيسور شترنهل وابناء عائلة اورتيز في اريئيل – وهي اعمال لم تقتل اشخاصا برغم خطرها، لحسن الحظ. كانت اعماله الاخطر قتل فلسطينيين. اجل اصبح يتضح اكثر فاكثر، بحسب طبيعة العناوين انه حينما يتحدث عن مس طفيف بمفكر يهودي قياسا بقتل فلسطيني – فان الاعلام فضلا عن اليمين المتطرف والشرطة، شريك في هذه التراتبية المعوجة.