الموت حرقا بدل فرحة النجاح …اجتمعوا للم الشمل و اقامة الافراح بعد عودة ابنهم محملا بشهادة الدكتوراه من مصر فماتوا حرقا و لم تتوصل فرق الانقاذ من اسعافهم او الوصول اليهم لانها غير مجهزة و لانها لا تملك مقومات التدخل في مثل هذه الماسي ..انها المحنة الاخرى مع الاحتلال في المخيمات المنسية في مواجهة لعنة الاحتلال و لعنة الانقسام و لعنة الاقربون الذين اسقطوا اهالي غزة من اهتماماتهم …
مأساة جديدة تعصف بغزة وتضاعف احزان و جروح أهلها المنكوبين على مدار السنة , صدمة تعجز الاقلام عن وصفها و مرارة تسمرت معها الابدان و شخصت معها الابصاروالنفوس…اللالاف اعلنوا الحداد و تجمعوا في القطاع في وداع ضحايا حريق مخيم جباليا و قد سكنهم الالم و الحزن , و حتى وان نقلت الصور جزءا من السواد الذي احاط بتفحم اجزاء ضحاياها من نساء و اطفال و رجال , فلا يمكن لها ان تنقل للعالم عمق الجراح , واحد وعشرون جسدا من عائلة واحدة ثلاثة اجيال بينها اجساد اربعة اطفال التحمت بجثث امهاتهم فشلت كل الجهود لفصلهم عن بعضهم البعض فتم دفنهم معا … حريق في احد البيوت بمخيم جباليا ياتي على الاخضر و اليابس و ينتهي بابادة افراد عائلة باكملها من الجد الى الحفيد..كانوا يريدون الفرح بعودة ابنهم الحامل لشهادة الدكتوراه من مصر و كلهم أمل و فخر من أجل واقع جديد ليكون مثالا لاطفال القطاع الذين لا يعرفون شيئا من العالم الا عبر الصور او الافلام خارج اوقات القصف و العدوان الاسرائيلي …
سيقولون أن سبب المأساة تخزين الاهالي لكميات كبيرة من الوقود الذي يحتاجونه في حياتهم , و سينسون ان الحاجة للوقود و الخوف من افتقاده لمدة طويلة في منطقة خانقة ومعزولة عن كل العالم ومحكوم علي اهلها ان يتولوا امورهم و يستجيبوا لحاجيات عائلاتهم الاساسية و ليس الكمالية بكل الطرق المتاحة لديهم , وسيقولون أن ما حدث كان نتيجة الامبالاة وسينسون أن لحماس التي تهيمن على غزة نصيب من المسؤولية و ليس كلها , وسيقولون أيضا أن ما حدث قضاء و قدرا و سينسون السبب الاول و الاساسي للجحيم المستمر في القطاع و هو الاحتلال الذي حكم على اكثر من مليوني غزاوي فلسطيني بالسجن و جعل حياتهم و انفاسهم تحت سيطرة سلطة الاحتلال الاسرائيلي التي تحاصر غزة منذ عقد و نصف وتمنع تنقلهم ووصولهم حتى الى الجزء الاخر من فلسطين وتحديدا الى الضفة الغربية للتواصل مع عائلاتهم و ينسون بذلك ما يفرص على مصر لتشدد الخناق حول غزة و تعبر من سعى او يسعى للخروج من سجنها الى أي فضاء اخر جريمة تستوجب العقاب .. بحر غزة عنوان الامل الوحيد المتبقي ومنبع الحياة ومصدر الرزق للاهالي لا يمكن الابحار فيه لاكثر من بضعة امتار لان اعين الاحتلال ترابض هناك لتفتك بمن يتجاسر على تجاوز الحدود البحرية التي رسمها من اجل الصيد البحري …
..نراهن على أن المأساة التي حلت بغزة اول امس ستمر و كان شيئا لم يحدث وقد لا يكون لها موقع في الاعلام العربي و الدولي سوى مساحة بسيطة في ركن من اركان اخر الصحف المتداولة و سيتجاهلون دورالاحتلال في وفاة هذا العدد الكبير من الضحايا حرقا اغلبهم من النساء وهوالذي حول القطاع الى اكبر سجن في العالم و حكم على أهله بالعيش في جحور مهددين ملاحقين في لقمة العيش لا حق لهم في الحرية و العدالة والكرامة او حتى بعبور الحدود من أجل لقمة نظيفة ..
المصيبة أن مأساة غزة و هي ليست الاولى و قد لا تكون الاخيرة ايضا بسبب استمرار الوضع على حاله منذرا بالاخطر ياتي بالتزامن مع قرار اممي جديد صوت له في يوم الكارثة التي حدثت في غزة ممثلو 167 دولة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير قرار اضافي سيظل عنوانا اضافيا في قائمة عشرات القرارات الاممية المنسية في ارشيف الامم المتحدة و ارشيف كل المنظمات الدولية …مخيم جباليا صورة للمعاناة في مخيمات الاجئين الفلسطينيين من غزة و الضفة الى لبنان و سوريا و الاردن مخيمات تم احداثها بقراراممي مند 1948 لتكون ملجا مؤقتا للاجئين قبل ان تتحول الى مقر دائم بات يضيق بسكانه الذين تضاعفواحتى بات الاكثر كثافة في العالم … مخيمات بلا ماء او كهرباء تعيش على ما توفر و تتطلع الى امل في اخر النفق يخرجون معه من دائرة الظلام و القتامة و البؤس الى موقع تحت الشمس ..وضعية المخيمات الفلسطينية بكل ماسيها نتيجة حتمية للاحتلال الاسرائيلي الجاثم على النفوس , احتلال امتهن تدنيس الارض و العرض وقهر العباد و اعدام البشر دون ذنب ,,اصابع الاتهام في جريمة غزة يجب ان توجه الى الاحتلال الذي يتحمل المسؤولية الاولى في تفحم عائلات باكملها استكثر عليهم الفرح بنجاح ابنهم العائد اليهم محملا بشهادة جامعية اعتقدوا في لحظة الفرح انها ستحمل اليهم مفتاح السعادة و الامل ..
كاتبة تونسية