اعتبر وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم الجمعة، أنّ هناك الكثير من النفاق في الهجمات التي تُشنّ على قطر والدعوة لمقاطعة كأس العالم فيفا التي تستضيفها البلاد، معتبراً أن الأسباب المقدَّمة لمقاطعة كأس العالم غير صائبة.
وقال، في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، نُشرت اليوم الجمعة، إن هذه الأسباب يُروّج لها من قبل عدد قليل جداً من الأشخاص، في 10 بلدان على الأكثر، وهي لا تمثل العالم على الإطلاق. وإذ عبّر عن أسفه لهذه الدعوات، أكد أن العالم يتطلّع لهذا الاحتفال، كما وصفه، وأشار إلى أنه قد بيع أكثر من 97 بالمائة من البطاقات.
ورداً على سؤال لماذا انتظرت قطر حتى عام 2020 لإصلاح قانون العمل، بعد الانتهاء من معظم أعمال البنى التحتية، ورغم حصولها على حق استضافة كأس العالم في عام 2010، لفت إلى أن بلاده اعترفت بالمشاكل المتعلقة برعاية العمال، وهذه الإصلاحات تتطلّب وقتاً، وقد قطعنا شوطاً كبيراً في إصلاح تشريعاتنا، مؤكداً في المقابل أنه ما زالت هناك ثغرات، وقطر مصمّمة على إصلاحها.
وسئل: "لماذا يُلقى اللوم بشأن هذه المشكلات بشكل منهجي على عاتق الحكومة، بينما يلقى في أوروبا على الشركة في أقل حادثة تحصل؟ لماذا هذا الكيل بمكيالين؟"، معتبراً أن هناك من لا يتقبّل فكرة أن تستضيف دولة صغيرة في الشرق الأوسط مثل هذا الحدث العالمي.
وتعليقاً على حديث المنظمات غير الحكومية عن وفاة آلاف العمال خلال التحضيرات لكأس العالم، في وقت تعترف الحكومة القطرية بثلاث وفيات فقط، أوضح أنّ قطر تقوم كلّ عام بجمع ونشر أرقام الوفيات، مع تقسيمها بحسب العمر، الجنس، سبب الوفاة، ونوع العمل، لافتاً إلى أن معظم هذه الوفيات غير مرتبطة بالعمل، وهي تعكس الصورة الديمغرافية لقطر، التي تضمّ مجموعة سكانية متنوعة للغاية.
وإذ لفت إلى أن الدوحة بصدد مراجعة هذه البيانات لتحديد العدد الدقيق للوفيات المرتبطة بحوادث العمل، اعتبر أن الواضح أن الأرقام التي نقلتها وسائل الإعلام كاذبة أو مضلّلة.
وأوضح وزير الخارجية القطري سبب رفض بلاده طلب منظمة العفو الدولية من "الفيفا" إنشاء صندوق من عائدات كأس العالم بهدف تعويض العمال، مشيراً إلى أن مثل هذا الصندوق موجود بالفعل، وقد صُرفت 350 مليون دولار منه العام الماضي، وذهبت الأموال إلى العمال الذين حُرموا من رواتبهم، والذين تخضع شركاتهم الآن للمقاضاة، أو الموظفين الذين أصيبوا أثناء العمل، أو لتغطية حالات الوفيات المرتبطة بالعمل، مؤكداً أن هذه الآلية تعمل بشكل جيد للغاية، فلماذا تكرارها؟
وأشار المسؤول القطري إلى قراءته قبل أيام تعليقاً يقول إن قطر غير مستعدة فكرياً أو وثقافياً لتنظيم كأس العالم، متسائلاً: "هل هذه العنصرية مقبولة في أوروبا في القرن الحادي والعشرين"، مضيفاً: "كرة القدم ملك للجميع. ليست نادياً للنخب"، مؤكداً أن 450 مليون عربي مسرورون اليوم لأن منطقتهم تنظم أخيراً كأس العالم.
وتطرّق الوزير القطري، في معرض حديثه عن الاستعدادات لكأس العالم، إلى قضية درجات الحرارة، ونظام التكييف في الملاعب خلال المباريات، لافتاً إلى أن درجات الحرارة في فترة استضافة كأس العالم أكثر انتعاشاً من تلك في أوروبا خلال فصل الصيف، مذكراً بأن بعض الملاعب الأوروبية تستخدم تقنية التسخين خلال فصل الشتاء، ولا يُشكل الأمر أي مشكلة، متسائلاً: "لماذا يشكل التكييف في ملاعبنا مشكلة، على الرغم من أن التكنولوجيا المستخدمة أكثر حداثة وتأثيرها على البيئة محدود أكثر؟".
وأكد وزير الخارجية القطري أن قوات الأمن الآتية من فرنسا والمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى ستعمل جنباً إلى جنب مع الشرطة القطرية، مشدداً على أن العمل سيُنسّق ولن يتصرّف هؤلاء الأفراد بمفردهم، فقطر مسؤولة عن سلامة الجميع، مؤكداً أن قطر من أكثر دول العالم أماناً، وستكون هذه النسخة من كأس العالم واحدة من الأكثر أماناً في التاريخ.
وشدد الوزير محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على أن قوات الأمن القطرية ستضمن أن يكون كأس العالم آمناً، مشيراً إلى أنه لن تحصل مواجهات إلا إذا حصلت تصرفات تعرّض أشخاصاً للخطر، مؤكداً أن هذه هي الحالة الوحيدة التي ستتدخل فيها.
وإذ أكد أن الشعب القطري شعب مضياف، وأن العالم بأسره مرحب به في قطر، دعا المشجعين إلى احترام قوانين بلاده، كما يُتوقع من القطريين احترام قوانين الدول الأخرى عندما يقومون بزيارتها.
والأسبوع الماضي، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني لمجلس الشورى، إن بلاده تعرّضت، منذ فوزها بشرف استضافة كأس العالم لكرة القدم، لحملات تشويه غير مسبوقة لم يتعرّض لها أي بلد مستضيف، مشيراً إلى أنه "تعاملنا مع الأمر بداية بحسن نية، بل واعتبرنا بعض النقد إيجابياً ومفيداً يساعدنا على تطوير جوانب لدينا تحتاج إلى تطوير".
وأضاف أمير قطر في كلمته: "ولكن ما لبث أن تبين لنا أن الحملة تتواصل وتتسع وتتضمّن افتراءات وازدواجية معايير، حتى بلغت من الضراوة مبلغاً جعلت الجميع يتساءل عن الدوافع والأسباب الحقيقية من وراء هذه الحملة".
وأكد الشيخ تميم أن بلاده سوف تواصل تعزيز مصادر قوتها، وبناء قدراتها في مجالات مثل الإعلام المهني، والتعليم العالي، وإنتاج المعرفة، والاستثمار، والوساطة لحل الصراعات بين الدول، واستضافة المناسبات العالمية الكبرى.