عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن صدمته من إصدار الرئيس محمود عباس مرسوما بتعيين نفسه رئيسا للمجلس الاعلى للهيئات القضائية لما يشكله من ضربة ساحقة لآخر ركائز استقلال القضاء، والذي يعد استقلاله صمام الأمان للاستقرار والسلم الأهلي، وأهم أركان الديمقراطية وضمانات حقوق الإنسان.
وكان الرئيس أصدر مرسوماً بتشكيل هيئة جديدة تحت اسم "المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية" ونصب نفسه رئيساً عليها، ما اعتبره المركز سابقة خطيرة، منح بموجبها الرئيس نفسه سلطة مطلقة، بعد أن بات المسيطر الفعلي على كافة السلطات في فلسطين.
وأكد المركز أن المرسوم المذكور مخالف في شكله ومضمونه للقانون الأساسي الفلسطيني ومبدأ المشروعية، وكافة الأعراف الدستورية، ويشكل خرقاً واضحاً لالتزامات فلسطين، وخاصة المادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ومبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء لسنة 1985.
ف في بيان له :"وتأتي هذه الخطوة في ذيل تاريخ طويل من تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وهي حالة تصاعدت وتيرتها منذ الانقسام الفلسطيني في العام 2007. وكان أبرز حلقات هذا التغول، ما كشفه أحد رؤساء مجلس القضاء الأعلى، المستشار سامي صرصور، من أنه كان قد وقع على استقالته قبل تقلده لمنصبه، ليلعن عن قبولها من قبل الرئيس الفلسطيني بعد ذلك، في أول خلاف مع السلطة التنفيذية. وبذلك تمت الإطاحة بالمستشار صرصور في العام 2016، بعد أقل من عام من تعيينه، في سابقة تشي بإحدى أدوات سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
ومن ثم جاء المرسوم الرئاسي بإقالة مجلس القضاء الأعلى في العام 2019 وتعيين مجلس انتقالي بحجة إصلاح القضاء، وهي خطوة خطيرة تم خلالها عزل عدد من القضاة بذريعة الإصلاح".
وبموجب المرسوم الجديد، يتمتع المجلس المذكور بسلطة إشراف عليا على كافة الجهات والهيئات القضائية في فلسطين بما فيها مجلس القضاء الأعلى، المحكمة الدستورية العليا، القضاء الشرعي، والهيئة القضائية لقوى الأمن.
ورأى المركز أن المرسوم يمثل خروجاً على مبدأ المشروعية، حيث يستحدث هيئة قضائية أعلى من مجلس القضاء الأعلى، دون وجود سند دستوري أو حتى تشريعي، وهو أمر مخالف لمبدأ المشروعية، حيث أن المرسوم الرئاسي مجرد قرار إداري، لا يمكن بموجبه استحداث جسم مشرف على السلطة القضائية، حيث أن مثل هذه الصلاحية منوطة حصرياً بالقانون الأساسي.
وبموجب المرسوم المذكور بات الرئيس الفلسطيني مسيطراً على السلطات الثلاث في دولة فلسطين، حيث يستحوذ على صلاحية التشريع منذ العام 2006 بحجة غياب المجلس التشريعي وعدم قدرته على الانعقاد.
وأكد المركز على أن المرسوم الصادر يتعارض مع مبدأ المشروعية ويتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني والتزامات دولة فلسطين الدولية، بل هو بمثابة إصدار شهادة وفاة لأي أمل في وجود ديمقراطية فلسطينية أو سيادة قانون أو لمبدأ الفصل بين السلطات، ويؤسس لحالة من الحكم المطلق شكلاً ومضموناً، لن يكون من السهل المناص منها، وستورث الشعب الفلسطيني عبئاً مضافاً إلى عبء الاحتلال الإسرائيلي.
وطالب المركز الرئيس الفلسطيني بضرورة التراجع فوراً عن هذا المرسوم للحيلولة دون تشكيل سابقة خطيرة في واقع ومستقبل سيادة القانون واستقلال القضاء.