تغيّرٌ إستراتيجيٌّ بقواعد الاشتباك: زئير "عرين الأسود" يُعيد المُقاومة المُسلحّة

الجمعة 14 أكتوبر 2022 04:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
تغيّرٌ إستراتيجيٌّ بقواعد الاشتباك: زئير "عرين الأسود" يُعيد المُقاومة المُسلحّة



وكالات / سما/

السؤال المفصليّ والمركزيّ الذي بات يؤرّق دوائر صُنع القرار في كيان الاحتلال إزّاء ارتفاع عدد عمليات المقاومة الفلسطينيّة المُسلحّة هو: هل عادت المُقاومة إلى سابق عهدها؟ وهل التطورّات الأخيرة تؤكِّد أنّ مسار التسوية، الذي فُرِض على الشعب الفلسطينيّ في العام 1993 باتفاق أوسلو المنكود، وموبقاته كالمفاوضات العبثيّة والتنسيق الأمنيّ بين الاحتلال (الجلّاد) والسلطة الفلسطينيّة (متزعمة الضحيّة) في طريقهما للاندثار بفعل زئير الأسود من (عرين الأسود)؟

 في السياق، يُواصِل الإعلام العبريّ، الذي يعكِس أفكار وآراء المُستويين السياسيّ والأمنيّ في دولة الاحتلال الإسرائيليّ محاولاته لسبر غور ظاهرة بروز مجموعة (عرين الأسود) في العديد من المدن والقرى والمجمعات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، مُشدّدًا نقلاً عن مصادر وازنةٍ في كلٍّ من تل أبيب ورام الله أنّ إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة تخشيان جدًا من اتسّاع التأييد لهذه المجموعة، التي تتشكّل من مقاومين وأسرى محررين ولا تنتمي لأيٍ من التنظيمات الفاعلة على الساحة الفلسطينيّة، مُضيفة في ذات الوقت إلى أنّ عدم انتماء المجموعة لأيّ تنظيمٍ فلسطينيٍّ يجذِب إليها العديد من المؤيّدين، والسؤال الكبير الذي يُدوِّخ دوائر صُنع القرار في الكيان: هل عادت المقاومة الفلسطينيّة المُسلحّة؟ وإذا عادت كيف يُمكِن محاربتها في ظلّ تفكك السلطة وأجهزتها الأمنيّة، الأمر الذي يُضعِف نشاط جيش الاحتلال.

 وبالإضافة إلى ذلك، تُقِّر المصادر الأمنيّة في تل أبيب أنّ (عرين الأسود) قد أعطت زخمًا كبيرًا للمقاومة التي بدأت بكتائب تتمركز بشكلٍ رئيسيٍّ شمال الضفة الغربية، من جنين الى نابلس وطوباس وطولكرم، وأصبحت في غضون أسابيع صداع إسرائيل، على حدّ تعبير عاموس هارئيل، محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبرية.

 على صلةٍ بما سلف، ادعى تقرير لموقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، أنّ (عرين الأسود) مجموعة “تتكون من أسرى محررين وشبان قرروا مواجهة إسرائيل وقد تلقوا دعما شعبيًا واسعًا”، وزعم التقرير أنّ النابلسي (الشهيد إبراهيم النابلسي) نجح في تجنيد شبان آخرين لتنفيذ عمليات إطلاق نار على مركبات المستوطنين وجنود الجيش الإسرائيليّ في المنطقة”، لافتًا الى أنّ “القائد الجديد للمجموعة هو محمود البنا”.

  ad

 ونقل الموقع عن مسؤولين في جيش الاحتلال قولهم إنّ “المجموعة تضم عشرات الشبان المسلحين بالمسدسات والبنادق، وبعضهم ينتمي للجهاد الإسلامي وحماس والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، لكنهم قرروا القتال سويةً، وهذا مثال آخر على هشاشة وضع السلطة الفلسطينيّة”.

 علاوةً على ما ذُكِر أعلاه، لفتت المصادر الإسرائيليّة إلى أنّه في هذه الأيام يبرز أيضًا مخيم شعفاط، الذي يحاصره الاحتلال، كما يحاصر نابلس، منذ حوالي الـ 5 أيام لعزل سكانه واقتحامه بهدف إحباط المزيد من العمليات أوْ اعتقال المشبوه بهم في التنفيذ، لكنّ أهالي المخيّم أعلنوا عصيانًا ويستمرون بالتصدي، متمثلين بأهالي مخيم جنين، لاقتحامات قوات الاحتلال وسط وقوع الإصابات في صفوفهم.

 وقد وصّف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنّ “ما يجري في الضفة الغربية على درجةٍ عاليةٍ جدًا من الأهمية وطبعًا هو صادم للكيان، ولكلّ القوى السياسية في دولة الاحتلال، لأنّهم اعتبروا خلال العقود الماضية أنّ الضفة انتهت ودخلت في مرحلة السكون والخمود والركود، ولن يأتي يوم تستطيع هذه الضفة بسبب الصعوبات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بها أنْ تقف على قدميها وتقاتل”، كما قال.

 

وأضاف السيّد نصر الله أنّ “اليوم في الضفة الغربية مقاومة شعبية حقيقية وانتفاضة شعبية حقيقية، مقاومة بالسلاح والرصاص وبالعبوات، وهذا تطور مهم حصل في الأيام القليلة الماضية، كان الذي يحصل في الضفة، كل جمعتين أوْ ثلاثة أوْ شهر عملية، اليوم كل يوم يوجد عملية وكلّ يومٍ توجد عمليتين وثلاثة”.

بدوره اعترف الكاتب البريطاني دافيد هيرست في مقال نشره موقع (ميدل إيست آي) البريطانيّ، “إن جيلاً جديدًا من الفلسطينيين يتصدر اليوم القتال ضدّ إسرائيل”، موضحًا انّ المقاومة في الضفة الغربية باتت “تورث من جيل إلى جيل”.

وفي الختام وجب التأكيد أنّ صحيفة (يسرائيل هايوم) الإسرائيليّة اليمينيّة-المُتطرفة، نقلت عن محافل رفيعةٍ المُستوى في تل أبيب قولها إنّ (عرين الأسود) تجمع النقاط في الشارع الفلسطينيّ، وأنّ شعبيتها ترتفع من يومٍ إلى يومٍ في جميع أرجاء الضفّة الغربيّة. “إنّ عناصر (عرين الأسود) يقومون عمليًا بتحريك الشارع الفلسطينيّ بالضفّة الغربيّة، ويُحاوِلون التحبب على الجمهور، مُستغلّين أيضًا وسائط التواصل الاجتماعيّ بكثافةٍ”، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ “الكثير من الشباب يتماهون مع مبادئ المجموعة الثوريّة ويعتبرون أنّ تحقيقها بات ممكنًا”، كما أكّدت المصادر بتل أبيب.

راي اليوم