أظهرت عضيات شبيهة بالدماغ أنميت في المختبر من خلايا فرد مصاب بالتوحد، أن الخلايا العصبية المفرطة النشاط في الدماغ قد تساهم في هذا الاضطراب.
والعضيات عبارة عن كتل نمت صناعيا من الخلايا التي تشبه العضو المطلوب، وتلك المستخدمة في الدراسة الجديدة ُطورت لتشبه القشرة الدماغية، ما يسمح للعلماء من جامعة يوتا للعلوم الصحية بفحص هذا الجزء من الدماغ الذي ما يزال لغزا.
ونمت "أدمغة'' بحجم البذور في المختبر باستخدام خلايا جذعية من شخص مصاب بالتوحد، ما أتاح للعلماء معرفة كيف يمكن أن تختلف الخلايا العصبية في شخص مصاب بالاضطراب.
وقال كبير الباحثين يويكي وانغ، إن استخدام العضيات يمكن أن يساعد الباحثين على التحقيق في ما يحدث في المراحل الأولى من الحالات العصبية، قبل ظهور الأعراض.
ولإنشاء العضيات، نظر الفريق في كيفية تطور الدماغ بشكل طبيعي ودفع الخلايا الجذعية البشرية لاتباع نفس المسار.
وبدأت الخلايا الجذعية كخلايا ظهارية عصبية، وهي نوع محدد من الخلايا الجذعية التي تشكل هياكل ذاتية التنظيم، تسمى الوردات العصبية، في طبق.
ثم تُركت الخلايا لتنمو من تلقاء نفسها، وعلى مدى عدة أشهر، فتحولت الهياكل إلى كرات وزاد حجمها وتعقيدها بنفس الوتيرة التي يتطور فيها الدماغ في الجنين.
وبعد خمسة أشهر، وجد الفريق أن العضيات لديها ما يشبه "تجعدا واحدا من دماغ الإنسان، فيما يظهر في الجنين بعد 15 إلى 19 أسبوعا من الحمل" بحسب جامعة يوتا للعلوم الصحية.
واحتوت الهياكل على مجموعة من أنواع الخلايا العصبية وأنواع الخلايا الأخرى الموجودة في القشرة الدماغية، وهي الطبقة الخارجية من الدماغ التي تشارك في اللغة والعاطفة والاستدلال والعمليات العقلية الأخرى العالية المستوى.
وأشار وانغ: "بدأنا نفهم كيف تنشأ الهياكل العصبية المعقدة في الدماغ البشري من أسلاف بسيطة. ونحن قادرون على قياس الأنماط الظاهرية المرتبطة بالأمراض باستخدام عضيات ثلاثية الأبعاد مشتقة من الخلايا الجذعية التي تحتوي على طفرات جينية".
ويعد امتلاك القدرة على نمذجة جوانب الدماغ بهذه الطريقة فرصة للعلماء للنظر في الأعمال الداخلية لعضو حي يكاد يكون من المستحيل الوصول إليه. ونظرا لأن العضيات تنمو في طبق المختبر، فيمكن اختبارها تجريبيا بطرق لا يستطيع الدماغ الحي توفيرها.
واستخدم الفريق عملية مبتكرة للتحقيق في آثار الشذوذ الجيني المرتبط باضطراب طيف التوحد ونمو الدماغ البشري. ووجدوا أن العضيات المصممة بحيث تحتوي على مستويات أقل من جين SHANK3 المرتبط بالتوحد، ولها سمات مميزة، بما في ذلك النشاط العصبي المفرط، وتعطيل المسارات الجزيئية المحددة التي تجعل الخلايا تلتصق بعضها ببعض.
ويقول المؤلفون إن هذه النتائج تساعد في الكشف عن الأسباب الخلوية والجزيئية للأعراض المرتبطة بالتوحد. كما يوضحون أيضا أن العضيات المزروعة في المختبر ستكون ذات قيمة لاكتساب فهم أفضل للدماغ، وكيف يتطور، وما الخطأ الذي يحدث في أثناء المرض.
ومع ذلك، هناك جدل حول "الأدمغة الصغيرة" البشرية التي تنمو في المختبر، حيث يخشى بعض العلماء من أن يتم زرع هذه العضيات في نهاية المطاف في الحيوانات لفهم الاضطرابات العصبية بشكل أفضل.
ويأتي التحذير من فريق في جامعة كيوتو صدر في ورقة بحثية في عام 2021 يسلط الضوء على عدد من الآثار الأخلاقية التي يمكن أن تنشأ مع أبحاث عضيات الدماغ.
ويشار إلى أن عضيات الدماغ، التي تم إنشاؤها لأول مرة في عام 2008، هي كرات ثلاثية الأبعاد متشكلة من الأنسجة الشبيهة بالدماغ تنمو من الخلايا الجذعية - وعادة ما تكون من تلك الخاصة بالبشر.