رغم حالة التجييش اليميني المتطرف الذي يشهده الشارع الإسرائيلي، وحالة التجنّد لمنح جيش الاحتلال مزيدا من الصلاحيات لقمع الفلسطينيين، ردّا على الهجمات الفدائية الأخيرة، لكن هناك أصواتا إسرائيلية تظهر بين حين وآخر تخرج عن هذا الإجماع بإعلان رفضها للسياسة الاحتلالية القمعية التي ينفذها الجيش.
آخر هذه الأصوات صادرة عن عوفر كاسيف عضو الكنيست من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة- حداش، الذي تسبب في حدوث عاصفة إسرائيلية واسعة النطاق، حين أدلى بحديث إذاعي مع راديو "كول براما" التابعة للمتدينين المتطرفين، جاء فيه أن "الفلسطينيين الذين يطلقون النار على جنود الجيش الإسرائيلي ليسوا إرهابيين، بل مقاتلين فدائيين على غرار الثوار الذين قاتلوا الاحتلال النازي في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي".
وأضاف في تقرير أعده يهودا شليزنجر مراسل صحيفة إسرائيل اليوم، نقلا عن كاسيف أن "تعريف الفلسطيني الذي يطلق النار على جندي إسرائيلي هو أنه واحد من مقاتلي حرب العصابات، صحيح أننا نعارض العنف، ونؤيد النضال السلمي ضد الاحتلال، ولا أريد أن يقتل أحد، لكن من حق أي مسلح أن يضرّ بقوة عسكرية محتلة، بحسب التعريف المتعارف عليه دوليا وتعريف الأمم المتحدة، التي تنص على أنه يحق لشعب محتل استخدام الوسائل المسلحة ضد الاحتلال، ورغم أنني ضده، لكن لا يمكنك تسميتهم إرهابيين، لأن الإرهاب الكبير الحقيقي هو الاحتلال ذاته".
وأشار إلى أن "المسلحين الفلسطينيين اليوم يمكن النظر إليهم كما نظر غالبية الجمهور في ألمانيا إلى أولئك الذين قاتلوا الاحتلال النازي في بولندا، ووصفوهم بالثوار، ولم يسموهم إرهابيين".
تعيد هذه المقولات الإسرائيلية إلى الأذهان ما ذكره الكاتب المسرحي والمذيع التلفزيوني الإسرائيلي الشهير "يارون لندن" حين أعلن بصوت عال في ذروة انتفاضة الأقصى وما شهدته من عمليات استشهادية بالقول إن "العمليات "العدائية" التي يشنها الفلسطينيون ضد اليهود جديرة بأن تندرج في إطار حرب التحرير الوطنية، وليس إرهاب الدولة".
وسبق لكاسيف أن أعلن في وقت سابق أن "قطاع غزة يتعرض لمجزرة بحق الأبرياء الفلسطينيين، لأن الحكومة الإسرائيلية أنتجت شرعية لقتل العرب، ما يعني تدحرج الوضع فيها لما شهدته ألمانيا قبل ثمانين عاما، ومهد الطريق لحصول المحرقة النازية، والجنود يطلقون النار على الفلسطينيين كما لو كانوا "كالبط في مرمى الصيد"، بفعل ما أوجدته الحكومة من أجواء تمنح الشرعية لقتل العرب، وهي ذاتها الأجواء التي شهدتها ألمانيا قبل ثمانية عقود حين تم التمهيد لحدوث الهولوكوست.
أما البروفيسور في الكيمياء بالجامعة العبرية بالقدس المحتلة "عميرام غولديبلوم"، فقد "اتهم المستوطنين الإسرائيليين بأنهم إرهابيون، وأن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي مشغل لصناعة الإرهاب، وأن العمليات الإرهابية الحقيقية بدأت قبل 51 عاما في العام 1967، حين بدأ مشروع الاستيطان، ما جعل كل بيت أقامته إسرائيل في المناطق الفلسطينية تهديدا على الوجود الفلسطيني، فالإرهاب لا يقتصر فقط على إطلاق النار، أو استخدام السلاح، بل يتمثل بوجود عائلة يهودية تسكن في هذا البيت المقام على أرض فلسطينية، إذن نحن أمام عائلة إرهابية".
وأكد أن "إسرائيل تمارس إرهاب الدولة ضد الفلسطينيين، وكل من لا يحتج على إرهاب الدولة الإسرائيلية شريك له بطريقة أو بأخرى، في حين أن كل جهد من شأنه أن يوقف إرهاب الدولة وجيه ومقدر، حتى إن بعض أقطاب اليمين الإسرائيلي يعتبرون من النازيين الجدد، ووصف عناصر حركة "إم ترتسو" اليمينية بأنهم فتيان هتلر".
عربي 21