أعلنت جمعية المصارف في لبنان بعد اجتماع طارئ، اليوم الجمعة، الإقفال لمدة 3 أيام بدءاً من الاثنين المقبل، وذلك بعد سلسلة عمليات اقتحام مسلّحة لبنوك من قبل مودعين، وسط إعلان مجموعات أخرى أنّ "الانتفاضة لتحرير الودائع بدأت".
وقالت الجمعية، في بيان لها، إنّ قرار الإقفال أيام 19 و20 و21 سبتمبر/أيلول الجاري "أتى بعد الاعتداءات المتكررة على المصارف، وما يتعرّض له القطاع، وبخاصة موظفو المصارف من تعديات جسدية وعلى الكرامات، وبعد الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي يتعرّض لها الزبائن الموجودون في داخل الفروع التي تتعرض للاقتحام".
وأشارت الجمعية إلى أنّ مجلس الإدارة اتخذ قراراً بالإقفال "استنكاراً وشجباً لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة، على أن يعود إلى الاجتماع مطلع الأسبوع المقبل للنظر بشأن الخطوات التالية".
وشددت جمعية المصارف اللبنانية في بيانها على "نبذ العنف بكافة أشكاله لأنّ العنف لم ولن يكون هو الحل، بل بإقرار القوانين الكفيلة بمعالجة الأزمة بأسرع وقتٍ ممكن، لأنّ معالجة أزمة انهيار نظامية كالتي تمرّ بها البلاد لا يمكن أن تحل إلاّ بخطط شاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة المسببات وتقوم بمعالجتها بشكل متكامل".
وتتجه الأنظار الآن إلى انعكاس قرار المصارف بالدرجة الأولى على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الذي أخذ في الأيام القليلة الماضية مساراً تصاعدياً سريعاً وقد تجاوز اليوم 38 ألفاً و200 ليرة لبنانية.
وسجّلت، صباح اليوم الجمعة، عملية اقتحام لبنك "بيبلوس" في منطقة الغازية جنوبي لبنان، من قبل مودع مسلّح عمد إلى احتجاز الموظفين والزبائن حتى نجح في تحصيل جزء من وديعته المصرفية، ومن ثم سلّم نفسه إلى القوى الأمنية، وسط معلومات بأن ابنه كان يرافقه، وذلك قبل أن تكرّ سُبحة الاقتحامات في بيروت وغيرها من المناطق اللبنانية، ليتجاوز عددها حتى ساعات الظهر 6 عمليات.
ونفّذ مودع عملية اقتحام لمصرف "بنك لبنان والمهجر- بلوم بنك" في منطقة الطريق الجديدة بالعاصمة بيروت، وقام باحتجاز رهائن حتى تحصيل وديعته المصرفية.
وقد شهدت بعض فروع المصارف التي سجلت فيها عمليات اقتحام في بيروت تجمعات لمواطنين غاضبين وداعمين للمودعين الذين يطالبون بتحرير ودائعهم من المصارف، والتي تحتجز جنى عمرهم منذ 3 سنوات بلا حسيب أو مساءلة.
وبحسب المعلومات، فإنّ بعض فروع المصارف في بيروت بشكل خاص بدأت إقفال أبوابها في ساعات الظهر، وطلبت من الموظفين المغادرة حفاظاً على سلامتهم، فيما شددت إجراءاتها الأمنية على مداخلها.
من جهتها، قالت "جمعية المودعين"، في تغريدة لها، إنّ "حرب استعادة الودائع قد بدأت، ولن يطفئ غضب المودعين إلا استعادة حقوقهم كاملة".
سريعاً، دعا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الداخلي المركزي، بعد ظهر اليوم الجمعة، للبحث في الإجراءات الأمنية التي يمكن اتخاذها في ضوء الأحداث المستجدة على المصارف.
وناشدت جمعية المصارف في لبنان، أمس الخميس، في بيانها، الدولة اللبنانية "تحمّل أدنى مسؤولياتها إزاء تدهور الوضع الأمني وعدم التخاذل مع المخلّين به، وسوقهم إلى المحاكمة المختصة لكي يحاكموا محاكمة عادلة"، متوعّدة بأنّ المصارف "لن تتأخر بعد اليوم عن ملاحقة المعتدين حتى النهاية".
وقالت إنه "على الجميع أن يعي أنّ هذه الاعتداءات ليست هي الحل بل إنّ الحل يكمن في تحمّل الدولة مسؤوليتها في الإسراع في تأمين حل شامل وعادل لجميع المواطنين".
ويوم الأربعاء الماضي، تمكّنت الشابة سالي حافظ من الاستحصال على جزء من وديعتها المصرفية بالقوة من بنك "لبنان والمهجر" في بيروت، وذلك من أجل تأمين كلفة علاج شقيقتها المصابة بمرض السرطان، في حين اقتحم المواطن رامي شرف الدين "بنك ميد" في منطقة عاليه بمحافظة جبل لبنان، ونجح بدوره بالقوة في الاستحصال على جزءٍ من وديعته الدولارية.
وتواصل المصارف في لبنان احتجاز الودائع لديها منذ بدء الأزمة الاقتصادية في البلاد أواخر عام 2019، والتي تدهورت خلالها قيمة العملة الوطنية بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، في وقت يتخطى فيه سعر صرف الدولار حاجز 38 ألف ليرة لبنانية وسعر الصرف الرسمي لا يزال 1507 ليرات، الأمر الذي انعكس بتدهور القدرة الشرائية عند المواطنين الذين باتوا محاصرين بغلاء شامل طاول حتى الخدمات الصحية والطبية والاستشفائية.
وارتفعت معدلات الجرائم في لبنان في هذه الفترة، ولا سيما السرقة والنشل، ما يجعل الأمن الاجتماعي في البلاد محطّ أنظار، وسط تحذيرات من فوضى أمنية، لا سيما مع اقتراب الاستحقاق الأكبر المتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.