"تايم": اهتمام الملك تشارلز بالإسلام وتعاطفه مع الفلسطينيين يسهم في جسر الخلافات

الأربعاء 14 سبتمبر 2022 03:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
"تايم": اهتمام الملك تشارلز بالإسلام وتعاطفه مع الفلسطينيين يسهم في جسر الخلافات



واشنطن/سما/

 نشرت مجلة “تايم” الأمريكية مقالا للكاتب “إي أتش هيللر” الباحث في وقفية كارنيغي للسلام العالمي، والزميل البارز في المعهد الملكي للدراسات المتحدة وجامعة كامبريدج، قال فيه إن علاقة الملك تشارلز الثالث الفريدة بالإسلام يمكن أن تجسر الانقسامات.

فمع اعتلاء الملك تشارلز الثالث العرش البريطاني، فإن التركيز سيكون على الرمزية السياسية التي يحملها الملك الذي لا يتمتع بسلطة تنفيذية. لكن الملك يحمل لقبا آخر وهو “الحامي للدين والراعي الأعلى لكنيسة إنكلترا”، فكيف سيفسر الملك هذه المسؤوليات وتحديدا تلك المتعلقة بالدور الديني، ربما أثارت دهشة البعض، وتحديدا عندما يتعلق الأمر بالإسلام.

فقبل ثلاثين عاما تقريبا أراد الأمير تشارلز أنه يكون “حامي الأديان” بدلا من “حامي الدين” لكي يعكس التنوع الديني في بريطانيا، وأثار هذا عاصفة في فنجان، لأنه لم يعن أنه يريد تغيير الدور التقليدي بقدر ما يريد الزيادة عليه.

كان الملك تشارلز واضحا في التعبير عن إعجابه بالإسلام والمجتمعات الإسلامية في بريطانيا وخارجها، كما عبّر عن تعاطف أكبر مع المسلمين عندما كانوا يعانون من أوضاع سياسية صعبة

ويمثل الملك الجديد نوعا متميزا من المؤمن الأنغليكاني، لكنه أظهر بطريقة أخرى إعجابا بالكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والإسلام، وهما دينان يقعان خارج المجال الأنغليكاني وعليه قيادتهما اسميا.

وعندما يتعلق الأمر بالتقاليد، فقد أشار الملك وعلى مدى السنوات الماضية لرينيه غينون، الذي ألهم عددا من الحركات (المتناقضة أحيانا) الناقدة للإفراط في الحداثة ومحاولة إعادة اكتشاف عالم الميتافيزيقيا، أو عالم ما وراء الطبيعة في عصر علماني. وفي الوقت الذي اعتنق فيه غينون الإسلام، إلا أن معظم تحليله الفلسفي اتبعه غير المسلمين الذين يحاولون فهم حداثة متجذرة في الميتافيزيقيا والتقليد، وربما كان الملك الجديد أشهرهم.

وبعيدا عن الاهتمامات الباطنية، فقد كان الملك واضحا في التعبير عن إعجابه بالإسلام والمجتمعات الإسلامية في بريطانيا وخارجها. ومع أنه من غير المعتاد أن يظهر الملك التسامح والأدب مع الأديان على أراضيه، والتي قد تكون سياسة جيدة، إلا أن الملك الجديد ذهب بعيدا في عالم أصبحت فيه كراهية الإسلامية أمرا شائعا. وعندما يتعلق الأمر بالمجتمعات المسلمة حول العالم، فقد تحدث الملك بوضوح عام 1993: “ما يجمع بين عالمينا أقوى مما يفرقنا، مسلمين، مسيحيين ويهودا، الجميع أهل كتاب”.

وعبّر الملك الجديد عن تعاطف أكبر مع المسلمين عندما كانوا يعانون من أوضاع سياسية صعبة، سواء في أوروبا أو في أماكن أخرى أبعد. وزعم روبرت جوبسون في كتابه “تشارلز في السبعين” أن الملك متعاطف بشكل مهم مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. وزعم أنه لم يوافق على القيود التي فرضت على الزي الإسلامي في عدد من الدول الأوروبية.

وأكثر من هذا، فقد أنشأ “موزاييك” في عام 2007 وهي مؤسسة تقدم برامج تدريبية وإشرفية للشباب المسلم في بريطانيا. وأصبح راعيا لمركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية، حيث ألقى خطابه الأشهر عام 1993 “الإسلام والغرب”.

كوليّ للعهد، مدح الملك تشارلز مفكرين مثل مارتن لينغز، الخبير في شكسبير، والذي اعتنق الإسلام وما قدمه من خدمات لهذا الدين، وكتب مقدمة لواحد من كتب لينغز. واهتمام الملك بالمجتمعات الإسلامية في بريطانيا واضح. كما أن اهتمامه واضح بالمجتمعات الإسلامية في الماضي، وما قدمته من مساهمات للحضارة الغربية. ففي كلمته عام 1993، لاحظ أن “قرطبة في القرن العاشر كانت أكثر المدن تمدنا في أوروبا”، و”قيل إن 400 ألف مجلد في مكتبة الخليفة كانت أكثر من كل الكتب الموجودة في أوروبا مجتمعة. وإذا كان هناك سوء فهم في الغرب عن الإسلام، فهذا بسبب الجهل عن الدين الذي تدين به ثقافتنا وحضارتنا للعالم الإسلامي”.

الملك تشارلز متعاطف بشكل مهم مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. ولا يوافق على القيود التي فرضت على الزي الإسلامي في عدد من الدول الأوروبية.

وعندما تحدث تشارلز في الأزهر بمصر عام 2006، قال: “نحن في الغرب ندين لعلماء الإسلام، لأن كنوز العلم الأوروبي الكلاسيكي ظلت محفوظة لديهم في العصور المظلمة”. كل هذا أمر غير عادي  ويصدر من شخصيات بريطانية أو أوروبية أو غربية عامة. لكن تشارلز متميز بأمر أكثر من هذا، وهو تأكيده أن لدى الإسلام ما يقدمه للغرب اليوم.

ففي واحد من خطاباته، لاحظ أن “الإسلام يستطيع تعليمنا اليوم طريقا في الفهم والعيش في العالم وهو ما افتقدته المسيحية، ففي قلب الإسلام، الحفاظ على وحدة الكون”. وفي وقت تتم فيه شيطنة الإسلام والمسلمين في الغرب، فإن الملك الجديد لا يحترم فقط، بل يقوي المجتمعات المسلمة. ولا يتحدث بطريقة مؤدبة وبكياسة عن الدين، بل ويناقش أن الغرب بحاجة للإسلام هنا والآن.

وهذا أمر لا يمكن موازاته أو العثور عليه لدى أي رمز غربي سياسي عام. طبعا ما يمكن لتشارلز قوله كولي للعهد وما يستطيع قوله كملك أمران مختلقان. ومع تعود بريطانيا على آراء ملكها الجديد، فالعالم سيتعود على رئيس دولة يرى الإسلام من منظور مختلف عن الموجة الشعبوية في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهذا أمر مثير للاهتمام، إن لم يكن هناك شيء آخر.