كان من المحزن رؤية السفيرة الاسرائيلية الى الامم المتحدة جبريئيلا شليف تحاول اقناع مشاهدي التلفزيون بان اسرائيل لم تتكبد هزيمة دبلوماسية مع قرار مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة تبني تقرير غولدستون. السفير، التي كررت على ما يبدو ورقة الرسائل من القدس، وجدت صعوبة في الاقناع بان تحسين نتائج التصويت – ست دول عارضت تبني التقرير، مقابل صفر اعتراض في القرار على التحقيق في "جرائم اسرائيل في غزة" في كانون الثاني – كان انجازا سياسيا. التصويت في جنيف يبرر في نظرة الى الوراء الجهد الذي بذله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، بالضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كي يتخلى عن التوجه الى الامم المتحدة. كان واضحا بانه اذا ما رفع التقرير هناك الى التصويت، فان اسرائيل ستقع تحت براثن "الاغلبية التلقائية" المؤيدة للفلسطينيين. عباس خضع في البداية للضغط المتداخل من نتنياهو والادارة الامريكية وبعدها تراجع تحت ضغط حماس وحظي بانتصار دبلوماسي على اسرائيل دون أن يقصد تقريبا. وعبرت نتائج التصويت عن فشل سياسة "التوجه لروسيا وللعالم الثالث" لوزير الخارجية. الاصدقاء الجدد لليبرمان من روسيا، الارجنتين والبرازيل صوتوا على عادتهم ضد اسرائيل – بالضبط مثلما فعلوا في عهد اسلافه، الذين اتهمهم ليبرمان باهمال هذه الدول. من الصعب أن نطلب من ليبرمان ان في زيارة واحدة الى امريكا اللاتينية سينجح في تغيير انماط التصويت التي تبلورت على مدى سنوات عديدة. ولكن قراره مقاطعة مناسبة في السفارة الصينية كعقاب على تصويتها في جنيف، يضع قيد الشك قدرته على التأثير في المستقبل. فكيف بالضبط سيقنع ليبرمان الصينيين بتأييد اسرائيل، اذا ما تعامل معهم بحرد؟ الرواية التي تبناها نتنياهو ردا على تقرير غولدستون تدحرج المسؤولية عن الازمة التي علقت فيها اسرائيل الى حكومة كديما ولا سيما الى رئيسة المعارضة تسيبي لفني. حسب صيغة نتنياهو، فان وزيرة الخارجية السابقة لفني تحمست ودفعت نحو عملية استخدام للقوة في غزة – والان ينبغي لنا أن ننظف وراءها. وقد تعلق بتصريحات لفني إبان "رصاص مصبوب" والتي اقتبست في تقرير غولدستون: "اسرائيل ليست دولة اذا ما اطلق عليها الصواريخ لا ترد. هذه دولة اذا ما اطلقت النار على مواطنيها ترد بانفلات عقال، وهذا امر جيد". نتنياهو محق في ادعاءاته بان حكومة ايهود اولمرت ورطت اسرائيل في "رصاص مصبوب" عندما كان هو في المعارضة. ولكن الثمن السياسي الذي تدفعه اسرائيل الان ينبع بقدر كبير من سياسته، وليس فقط من افعال اسلافه. واذا كان شك في ذلك، فقد ازاله زعيما بريطانيا وفرنسا، غوردون براون ونيكولا ساركوزي، اللذان كتبا لنتنياهو بعد عدم مشاركتهما في التصويت (وردا طلبه التصويت المضاد). بعد أن احترم براون وساركوزي حق اسرائيل في الدفاع عن النفس، شرحا لنتنياهو كيف يمكنه أن يخرج من الورطة. قبل كل شيء، التحقيق في الادعاءات بجرائم الحرب وفتح المعابر الى غزة. هذا حقا يتعلق بنتائج "رصاص مصبوب". ولكنهما يطالبانه ايضا بتجميد الاستيطان والعودة الى المفاوضات مع عباس حسب المبادىء التي عرضها الرئيس الامريكي براك اوباما – اقامة دولة فلسطينية وانهاء الاحتلال. هذا لم يعد يتعلق بما فعله اولمرت ولفني في السنة الماضية، بل بما سيفعله نتنياهو الان. بالترجمة من اللغة الدبلوماسية، فان زعيمي اوروبا يقولان لنتنياهو: "اذا جمدت الاستيطان ووافقت على الانسحاب من الضفة الغربية، سنضع جانبا غولدستون واتهاماته القاسية ضد اسرائيل. خلفهما يقف اوباما، الذي القرار النهائي في يده. اوباما يمكنه أن يفرض الفيتو في مجلس الامن ويصد هناك تقرير غولدستون، بثمن ضعضعة مصداقيته في نظر العرب والمسلمين وتآكل وعده لتشجيع الامم المتحدة والتعاون مع الاسرة الدولية. وعندما سيطلب نتنياهو من اوباما استخدام الفيتو، سيذكره اوباما بالجولة السابقة بينهما والتي "انتصر" فيها نتنياهو برفضه تجميد المستوطنات.