لأول مرة اختبر الفلسطينيون والإسرائيليون رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية يائير لبيد، كقائد لمعركة ضد فلسطينيين.
فلبيد، الذي ينحدر من عالم الصحافة، لم يكن أبدا قائدا عسكريا أو شخصا ذا خبرة عسكرية وإن كان هو شخصيا من يتحمل المسؤولية الكاملة عن العملية بصفته رئيساً للوزراء.
وبخلاف القادة الإسرائيليين السابقين، الذي قادوا حروبا ضد الفلسطينيين، فإن لبيد ظهر خلال العملية العسكرية التي انطلقت يوم الجمعة وانتهت مساء الأحد، وكأنه يتحرك في ظل وزير الدفاع بيني غانتس، وهو قيادي عسكري مخضرم.
وإضافة الى رغبتهما بإظهار نفسيهما على أنهما من انتصرا على حركة الجهاد الإسلامي، فإن كل من لبيد وغانتس يسعيان لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات العامة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وبدأ مساء الأحد، سريان اتفاق وقف إطلاق النار، بين إسرائيل وحركة “الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة، بوساطة مصرية.
وعلى مدار الأيام الثلاثة الماضية، شن الجيش الإسرائيلي غارات على قطاع غزة، ضمن عملية عسكرية بدأها الجمعة، ضد حركة “الجهاد الإسلامي”.
في المقابل، أطلقت “سرايا القدس”، الجناح المسلح لحركة الجهاد، رشقات صاروخية، وقذائف هاون باتجاه المواقع الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
وتسببت العملية الإسرائيلية باستشهاد 43 فلسطينيا، بحسب بيان لوزارة الصحة في قطاع غزة.
عملية أمنية وتبعات سياسية
واعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي يوني بن مناحيم، إن “ما جرى في قطاع غزة هي عملية أمنية ستكون لها تبعات سياسية في الانتخابات القادمة”.
وقال بن مناحيم: “اعتقد أن العملية في قطاع غزة بدأت بعد معلومات دقيقة من المخابرات والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بأن الجهاد الإسلامي يخطط لعملية كبيرة على حدود قطاع غزة وبما أن التهديد فوري فإن ذلك استوجب عملية لوقف هذا المخطط”.
واستدرك: “صحيح أن الدوافع لهذه العملية أمنية ولكن من المؤكد أنها ستستغل سياسيا”.
ولوحظ منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية، مساء الجمعة، بأن كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال يائير لبيد، ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، يقودان العملية.
وكثيرا ما نشرا بيانات مشتركة عن هجمات وبخاصة تلك التي أدت إلى استشهاد قياديين من حركة الجهاد الإسلامي.
وفي هذا الصدد، فقد أشار بن مناحيم إلى أن لابيد وغانتس يتنافسان في الدعاية الانتخابية في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة، بنيامين نتنياهو.
وقال: “حال انتهاء العملية العسكرية في قطاع غزة فإن كل منهما سيسعى لتحقيق مكاسب سياسية في الدعاية الانتخابية”.
وأضاف بن مناحيم، أنه “حسب المعلومات التي أسمعها فإن وزير الدفاع غانتس، هو الذي كان يقود كل شيء، وبالمقابل فإن لابيد يتحرك سياسيا أكثر”.
ووفق استطلاعات الرأي العام التي نشرت في إسرائيل ما قبل بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة فإن معسكر نتنياهو، يتقدم على المعسكر المشترك لكل من لبيد وغانتس في الانتخابات التي ستجري في الأول من نوفمبر/نشرين الثاني المقبل.
ولم يجر أي استطلاع عام خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وأشار بن مناحيم، إلى أن الأنظار توجه الى أول استطلاع ستنشر نتائجه خاصة بعد أن انتهت العملية العسكرية، فالاستطلاعات ستظهر مزاج الشارع الإسرائيلي.
واستدرك: “حتى لو أظهرت الاستطلاعات تقدما للبيد أو غانتس فإن السؤال هل سيقدر أي منهما على الحفاظ على ثقة الشارع حتى موعد الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني”.
وأضاف: “كما أن السؤال الأهم هل سيتمكن أي منهما من التفوق على شعبية نتنياهو الكبيرة؟ أنا لا اعتقد ذلك”.
وتابع: “لا أرى أن قتل أشخاص أو قادة يلحق هزيمة بتنظيم، هذا ما علمتنا إياه التجربة من الماضي سواء مع حركة فتح أو الجهاد الإسلامي”.
أزمة لبيد الأمنية الأولى
وفي السياق، قال المحلل السياسي الإسرائيلي آنشيل فايفر، في مقال بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الأحد، إنه “بعد خمسة أسابيع من توليه منصبه واجه رئيس الوزراء أزمته الأمنية الأولى”.
وذكر فايفر، أنه “في هذه المرحلة يمكن أن تكون الدفعة المثالية لمصداقية قائد ليس لديه سجل عسكري حقيقي أو خبرة في المناصب الأمنية العليا”.
وبخلاف جميع الحروب الإسرائيلية السابقة على غزة فلم تعلن إسرائيل أي أهداف لها باستثناء منع عمليات للجهاد الإسلامي.
وكان لبيد برر العملية العسكرية في قطاع غزة بأنها محاولة لمنع حركة الجهاد الإسلامي من تنفيذ عمليات ضد جنود ومواطنين إسرائيليين.
وبدا وكأن العديد من الدول الغربية، التي لا ترغب برؤية عودة نتنياهو إلى الحكم، قد قررت منح لابيد فرصة لإبراز نفسه فلم تسارع الى المطالبة بوقف العملية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية اعتبرت العملية دفاع عن النقس.
واعتبر فايفر أن عدم انضمام حركة “حماس” إلى المعركة وعدم تنفيذ أي عمليات ضد إسرائيل في القدس والضفة الغربية أو البلدات والأحياء العربية داخل إسرائيل، وانتهاء الجولة في أيام قليلة، “إنجاز لصالح لبيد”.
وقال: “كانت الحكومة المنتهية ولايتها (الحالية) أكثر عدوانية من إدارات نتنياهو السابقة في الرد على استفزازات أصغر من غزة، وردت بضربات جوية حتى ضد بالونات حارقة على إسرائيل. على الرغم من ذلك، لم يكن هناك أي تصعيد مثل هذا التصعيد منذ ما يقرب من 15 شهراً حتى الآن”.
ورأى المحلل السياسي الإسرائيلي، أن “لبيد سيكون قادراً على الادعاء بأن السياسة التي قادها مع بينيت كانت أكثر فاعلية من سياسة الرجل الذي يحاول استبداله في مكتب رئيس الوزراء”، في إشارة الى نتنياهو.
ومع انتهاء العملية العسكرية سيعود الإسرائيليون مجددا لتناول القضايا التي تؤثر على قرار اقتراعهم وأساسا غلاء المعيشة دون أن يكون واضحا تأثير ما جرى خلال الأيام الأخيرة في غزة على اتجاه المصوتين الإسرائيليين.