قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الأسبوعي، اليوم السبت، إنّ "حكومة الاحتلال ودّعت الرئيس جو بايدن بمزيدٍ من عطاءات البناء في المستوطنات".
ولفت المكتب الوطني إلى أنّه "كما كان متوقعًا، لم يكن الاستيطان مدرجًا على جدول أعمال الرئيس الأميركي جو بايدن في محادثاته ولقاءاته مع القادة الاسرائيليين وهذا مؤشر سلبي على موقف الإدارة الأميركية من هذا الملف ومن حل الدولتين، الذي يتظاهر الرئيس الأميركي بتأييده، فيبدو أنّ هذه الإدارة تسير على خطى الإدارة السابقة ولكن بوسائل ناعمة، تلك الإدارة التي نأت بنفسها عن وصف الاستيطان بغير الشرعي أو أنه مخالف للقانون الدولي، وفي صدد الزيارة فقد طغت على سياسة حكومة الاحتلال مناورات تضليل هي امتداد لمناورات التضليل الإسرائيلية التي لا تتوقف كلّما تعلّق الأمر بالنشاط الاستيطاني، الذي تقوم به في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، فهذا ما كنا نشهده في محطات سياسية مختلفة وخاصة عندما يتعلق الأمر بعلاقات دولة الاحتلال مع الولايات المتحدة الأميركية، ولهذا ما يؤكده هو ما حصل عامي 2010 و2016 عندما قام جو بايدن بزيارات لإسرائيل وهو يشغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة، حين وجهت حكومة بنيامين نتنياهو صفعات للإدارة الأميركية بالإعلان عن عطاءات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية بتركيز على البناء في مدينة القدس، وهكذا في جميع زياراته لإسرائيل كنائب للرئيس كانت حكومات إسرائيل تستقبل جو بايدن بالترويج لقرارات عطاءات استيطانيةٍ جديدة".
وشدّد المكتب الوطني على أنّ "المشهد عام 2022 لم يتغيّر من حيث الجوهر، ففي سنوات سابقة كانت حكومات إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو تستقبل نائب الرئيس بقرارات استيطانية تحمل كمًا لا بأس به من الاهانة المباشرة للإدارة الأميركية، وهذه المرة أي عام 2022 تقرر الحكومة الإسرائيلية الانتقالية برئاسة يئير لبيد توديع الرئيس بالترويج لقرارات بعطاءات استيطانية جديدة لمخططين في القدس الشرقية، ففي اليوم الذي كان فيه جو بايدن يهبط بطائرته في مطار بن غوريون، كان من المقرر مناقشة الترويج لمستوطنتين جديدتين في القدس الشرقية، غير أن رئيس الحكومة الانتقالية الاسرائيلية يائير لابيد عكس الاتجاه وقام بإلغاء المناقشة المزمعة للجنة تخطيط منطقة القدس التي كان من المفترض أن تعقد في 18 تموز الجاري ، من أجل تجنب الإحراج أثناء زيارة بايدن للمنطقة، ليتم تحديد المناقشة بعد أسبوع أي في 25 تموز، وكانت لجنة التخطيط الاسرائيلية تناقش إيداع خطتين لـبناء 2000 وحدة الأمر الذي يوجه ضربة قاسية لتطوير القدس الشرقية كعاصمة فلسطينية، إذ تغلق المخططات، جفعات حشاكيد بالقرب من بيت صفافا ومخطط القناة السفلى بين هار حوما وجفعات هاماتوس، آخر ممر متبقي يربط بين بيت صفافا وشرفات وباقي الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية".
وتابع التقرير: "في الوقت نفسه أعلن وزير شؤون القدس والبناء والاستيطان في حكومة الاحتلال زئيف الكين، أنّ إسرائيل سوف تواصل تغيير الواقع في القدس الشرقية وترسيخ ضمها وفق خطة الحكومة للعام 2018 وإغلاق ما أسماه بالفجوات والفوارق بينها وبين القدس الغربية، فقد أعلنت وزارته بالشراكة مع بلدية الاحتلال عن إنشاء مركزين بتكلفة إجمالية قدرها 50 مليون شيكل في العيسوية وبيت حنينا، واستكمال اختراق النفق الأول أسفل مستوطنة التلة الفرنسية لربط مستوطنات غور الأردن و"معاليه أدوميم" بالقدس المحتلة، ومنها إلى مدينة "تل أبيب" عبر الطريق الالتفافي (443) الذي ينتهي العمل به مع منتصف العام 2024، وأكدت أن النفق هو أحد أربعة أنفاق أسفل مستوطنة التلة الفرنسية المقامة على أراضي جبل للمشارف بالقدس المحتلة، بطول إجمالي يبلغ حوالي 4.4 كم وعمق حوالي 40 مترًا، نفقان باتجاه مستوطنة "معاليه أدوميم"، وبالاتجاه المعاكس بطول 1.5 کیلو متر لكل منهما مساران في كل اتجاه ونفقان باتجاه مستوطنة (بسغات زئيف) وبالاتجاه للعاكس، وتأتي إقامة هذه الأنفاق ضمن مخطط تغيير منظومة حركة السير والمواصلات في مدينة القدس الشرقية وتسهيل دخول وخروج للمستوطنين بأسرع وقتٍ وجلب المزيد من المستوطنين وبناء المزيد من المستوطنات ضمن خطة "القدس الكبرى" التي من ضمن بنودها ضم الخاصرة القدس الشرقية أو (البوابة الشرقية) وهي 67 ألف دونم تمتد من مستوطنة (كيدار) جنوب شرق أبو ديس حتى قرية مخماس شمال شرق القدس".
وأشار التقرير إلى أنّ "الاحتلال يعمل على إقامة شبكة الطرق والأنفاق والجسور هذه ضمن حزام استيطاني يلتف حول القدس الشرقية ويبتلع أراضيها ويحاصرها لصالح المشروع الاستيطاني وإنشاء مباني الرفاه والرعاية الاجتماعية في الأحياء في شرق للدينة ومساعدة السكان على الحصول على خدمة أفضل حسب الادعاءات المتكررة وتخفيف الازدحام الموجود في المؤسسات العامة في غرب للدينة، كما تزعم بلدية الاحتلال أنه تم تسجيل إنجاز هام في مشروع فصل المستوى عند مفترق الثلة الفرنسية، حيث اخترق أول نفق تحت الأرض عند مفترق الثلة الفرنسية باتجاه معاليه أدوميم ونفقًا آخر باتجاه بسغات زليف، كجزء من نظام النقل المستقبلي في القدس، والذي يشمل أيضًا توسيع عدد مداخل المدينة بتكلفته حوالي 1.2 مليار شيكل، لتقليل الازدحام وتدفق المستوطنين من وإلى القدس الشرقية باتجاه الشارع السريع 443 تل أبيب القدس، وتسهيل الوصول إلى خدمات السكك الحديدية الخفيفة في للحطة أسفل مستوطنة التلة الفرنسية في أحد أكثر التقاطعات مركزية وازدحامًا في القدس".
كما بيّن التقرير أنّ "سلطات الاحتلال تواصل تسوية أوضاع البؤر الاستيطانية، التي تحولت إلى ملاذات آمنة لمنظمات الارهاب اليهودي وتبييضها وفقًا لما يسمى قانون التسويات، حيث اعترفت وزارة الداخلية الإسرائيلية بحوالي 29 بؤرة استيطانية، في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وذلك خلال عام من تولي الوزيرة اليمينية المتطرفة أيليت شاكيد منصبها كوزير للداخلية وذلك في إطار محاولاتها التودد للمستوطنين، حيث تحول الوزارة كل عام مبلغ 3.3 مليار شيكل (970 مليون دولار)، كمنحة لحوالي 200 مستوطنة وتدعي شاكيد إن اعتراف وزارة الداخلية بهذه البؤر الاستيطانية، وتحويل ميزانية لها، سيفتح المجال أمامها، لتلقي ميزانيات من الوزارات الأخرى، وكانت الحكومة الإسرائيلية قد خصصت مبلغ 29.5 مليون شيكل من أجل ربط بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة بشبكة الكهرباء وإعداد خرائط هيكلية لها تمهيدا لشرعنتها، وجرى رصد هذا المبلغ من خلال دائرة الاستيطان، التابعة للهستدروت الصهيونية، التي تشكّل ذراعًا تنفيذيًا للحكومة وهي ميزانية حصل عليها حزب "يمينا" بموجب الاتفاق الائتلافي، وأقرها رئيس الحكومة السابق ورئيس "يمينا" السابق، نفتالي بينيت، الذي يتولى حاليًا حقيبة الاستيطان، ويعتبر تمويل البؤر الاستيطانية العشوائية بندًا مهمًا في خطة عمل دائرة الاستيطان للعام الحالي، كما أنّ ربط البؤر الاستيطانية بالكهرباء مشروط بمصادقة المستوى السياسي، بهدف شرعنة هذه البؤر، وبعد مصادقة وزير الأمن، بيني غانتس على ذلك، وقد أجرت دائرة الاستيطان في الأسابيع الأخيرة ترسيم خرائط لعشرات البؤر الاستيطانية العشوائية، بهدف تنفيذ ما تسميه "تحسينات أمنية"، مثل نصب كاميرات أو عربات إخماد نيرا، وتعمل "الإدارة المدنية" من أجل المصادقة على أي بؤرة استيطانية ترتبط بالكهرباء وتنفذ فيها التحسينات الأمنية".
وجاء في التقرير أيضًا: "ينشط في السنوات الأخيرة ما يسمى "منتدى استيطان الشباب" من أجل شرعنة بؤر استيطانية عشوائية وربطها بشبكة الكهرباء، وباتت الحكومات الإسرائيلية تطلق على هذه البؤر تسمية "استيطان الشباب"، إلّا أنّ هذه البؤرة مرتبطة بشبكة الكهرباء في مستوطنات بصورة غير رسمية، وأشارت إلى أنّ بؤر استيطانية عشوائية كثيرة هي "بلدات برجوازية" بطبيعتها، وتشمل بيوتًا واسعة، لكن في بؤر أخرى يسكن سكانها في كرافانات"، وقُدمت في السنوات الأخيرة خطط تهدف إلى شرعنة بؤر استيطانية عشوائية، ففي العام 2020، قدم وزير الاستيطان حينها، تساحي هنغبي، من حزب الليكود، خطة لشرعنة 46 بؤرة استيطانية، قسم منها كأحياء في مستوطنات وقسم آخر كمستوطنات جديدة".
وقال التقرير إنّ "عنف المستوطنين يزداد ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم بغطاء كامل من جيش وسلطات الاحتلال وإدارته المدنية، وهذا ما أكدته منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية الحقوقية، التي اعتبرت عُنف المستوطنين جزءًا من سياسة حكوميّة للقوّات الرسميّة، لا تسمح به فقط، بل وتُتيح تنفيذه وتشارك فيه، وذلك كجزء من استراتيجيّة نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ لتوسيع واستكمال عمليّة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، فعُنف الاحتلال- المنظّم الرسميّ أو غير الرسميّ- هو "جزءٌ لا يتجزّأ من نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ الطامح إلى تهويد المكان، أي سائر المنطقة الممتدّة بين النهر والبحر، والذي يعتبر هذا النظام الأرض موردًا وُجد أساسًا لخدمة الجمهور اليهودي فقط، ولهذا الاعتبار تخصّص الأرض بشكل شبه حصريّ لاحتياجات المستوطنات اليهوديّة القائمة من تطوير وتوسيع وإقامة بلدات يهوديّة جديدة، وفي موازاة ذلك حسب "بتسيلم" يعمل هذا النظام على تشظية المجال الفلسطينيّ وتفتيته وعلى تجريد الفلسطينيّين من أراضيهم وزجّهم في معازل ضيّقة ومكتظّة، وقد وثقت "بتسيلم" العديد من الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها المستوطنون خلال النصف الأول من العام الجاري 2022، في الضفة الغربية والقدس المحتلة وبما يشمل الضرب ورشق الحجارة والتهديد والوعيد وإحراق الحقول وإتلاف الأشجار وشتّى المزروعات وسرقة الثمار واستهداف المنازل وتخريب السيّارات وإغلاق الطرق وإطلاق النّار، وأحيانًا القتل كما جرى مؤخرًا في قرية سكاكا في محافظة سلفيت والاعتداء على المزارعين في الغور، وتعرّض عائلات فلسطينية للرشق بالحجارة، والتهديد من قبل المستوطنين في الخليل أمام أعين جنود الاحتلال الذين لم يتحركوا ولم يمنعوا هذه الانتهاكات، حيث يتعدّد الوكلاء القائمين على التنفيذ (الحكومة والجيش والإدارة المدنيّة والمحكمة العليا والشرطة وجهاز الأمن العام "الشاباك" ومصلحة السّجون وسُلطة الطبيعة والحدائق، وغيرها)".
أمّا على صعيد التوسّع في النشاطات الاستيطانيّة، أشار التقرير إلى أنّ "سلطات الاحتلال صادقت على مجموعة من المخططات الاستيطانيّة لتوسيع البناء في عدد من المستوطنات المقامة في الضفة الغربية المحتلة، المشاريع الاستيطانية تستهدف مستوطنات في محافظات القدس و بيت لحم والخليل ورام الله والبيرة وجنين وسلفيت ، وأن سبع مستوطنات من أصل تسع تم استهدافها بهذه المخططات تقع في المنطقة التي تعرف "بمنطقة العزل الغربية"، وأبرز هذه المخططات، هو المخطط في مستوطنة "بيتار عيليت" الذي استهدف 303 دونمًا من أراضي بلدتي نحالين وحوسان في بيت لحم لبناء 1061 وحدة استيطانية جديدة، وكذلك المخطط الاستيطاني الذي يستهدف مستوطنة "ميفو هورون" في رام الله بواقع 258 دونمًا من الأراضي الفلسطينية المجاورة التي تعود لقريتي بيت نوبا وبيت لقيا، لبناء 210 وحدة استيطانية إضافية في المستوطنة في الناحية الشمالية الشرقية منها، كما تمت المصادقة على مخططين استهدفا مستوطنة "إفرات" وعلى وجه التحديد البؤرتين الاستيطانيتين إلى الشمال منها وهما "غفعات هداغان" و"غفعات هاتمار" حيث تم دعم البؤرتين بمزيد من التوسع بـ223 وحدة استيطانية على حساب الأراضي الفلسطينية المجاورة التي تعود لكل من بلدات الخضر وأرطاس ، فضلاً عن مخطط لإقامة مركز "تطوير خدمات" في المنطقة التي تتوسط مستوطنة "شاكيد" ومستوطنة "حنانيت" و"تل مناشيه"، ومخطط في مستوطنة "كريات أربع" في قلب مدينة الخليل لإقامة 30 وحدة استيطانية على ما مساحته 9 دونمات من الأراضي الفلسطينية التابعة لكل من خلة الضبع وخلة السنسل".