يستطيع الرضع في مرحلة ما قبل تعلم الكلام، إدراك الأفعال المشينة التي يأتي بها الكبار، ما يثبت أن الوازع الأخلاقي لدى البشر لا يرتبط بالأساس بالبيئة الاجتماعية والثقافية التي ينشأ بها الطفل.
ونقلت مجلة "فوكاس" الإيطالية دراسة أفادت بأن الصغار في هذه المرحلة وعلى الرغم من عجزهم عن وصف ما يدركونه، إلا أنهم بمجرد المراقبة والنظر يمكنهم التمييز بين السلوكيات المختلفة، وفقا لدراسة نشرتها مجلة "Nature Human Behavior".
وأوضحت الدراسة أن الرضيع عندما يرى شخصا يأتي بشيء مشين، فإنه يستخدم نظراته للتعرف على هذا الشخص، وربما لمعاقبته.
توصل الباحثون إلى تلك النتائج من خلال تجارب سلطت الضوء على سلوكيات الاعتداء الجسدي، حيث عرضوا أمام الرضع مشاهد إيذاء جسدي، وذلك استكمالا لدراسات سابقة أفادت بأن الأطفال الصغار يمكنهم التمييز بين الضحية والمعتدي، ما يجعلهم ينفرون من الأخير.
عرض الباحثون على الأطفال مقطع فيديو لشخصين يضرب أحدهما الآخر، وأخضعوا الرضع لنظام يتتبع نظراتهم، يمكن من خلال هذا النظام حذف صورة الشخص الذي يركز عليه نظر الرضيع لفترة معينة.
كرر الباحثون التجربة عدة مرات مع استحداث بعض المتغيرات في كل مرة، اتضح بعد انتهاء التجارب أن الرضع عمدوا إلى إخفاء عدد أكبر بكثير من المعتدين مقارنة بالضحايا، من خلال مراقبتهم لفترة طويلة.
ويلخص عالم النفس ياسوهيرو كاناكوجي من جامعة أوساكا في اليابان الدراسة قائلا إن: "دراستنا تشير إلى أن الأطفال قبل النطق اختاروا معاقبة المعتدي من خلال متابعته بنظراتهم".
واختتم بقوله: "بما أن هذا السلوك موجود لدى الصغار، فمن المحتمل أن يكون البشر قد اكتسبوا سلوكا أخلاقيا فطريا عن طريق التطور، وقد تكون عقوبة السلوك العدواني التي أقرتها المجتمعات قد تطورت عن طريق ذلك".