أكل عيش؟! ،،، محمد سالم

الأحد 19 يونيو 2022 11:30 ص / بتوقيت القدس +2GMT
أكل عيش؟! ،،، محمد سالم



-  قديمًا قالوا "خير لك أن تصمت؛ فيظنَّ الناسُ أنَّك جاهِلٌ، على أن تتكلَّم؛ فتقطَعَ الشَّكَّ باليقين".و هناك حكمة إيطالية تقول: "إيتا بوليتا فاستاتورى".. وهى نفسها: "إذا بُليتم فاستتروا" غير أن المسؤول - الغير رفيع- اشتهر  بأنه لا يستطيع أن يداري جهله، ففي واقعة حقيقية حدثت بالفعل، وليست نُكْتَةً؛ تقابل ثلاثة رجال: ياباني، والماني، وعم عشم، فقال الياباني: احنا أغبى واحد عندنا يصنع روبوت "إنسان آلي" في البيت، وقال الالماني : احنا أغبى واحد فينا يصنع "لابتوب" من منازلهم، فقال عم عشم : واحنا أغبى واحد فينا مسؤول غير رفيع!!


 - سجِّل الدبلوماسي الروسي "السوفيتي سابقًا. فينوجرادوف" الذي عمل في سفارة بلاده لدى القاهرة لمدة 9 سنوات، في مذكِّراته: "قد لا يكون من قبيل العبث ما قيل من أن سبب فشل الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت على مصر، هو وابِلُ النُّكَت التي أطلقها عليه المصريون، فنالت من هيبته، ومن عقله، وحتى من رجولته؛ الشيء نفسه تقريبًا حدث، في دول واقطار اخري من بلاد "الاكسلانسات".


 - " ليا عشم وياك ياجميل ، إن بحت بالسر تصونه .. مكتوب عليا أحب وأميل ، وحبيبى وحشانى عيونه " كلمات الجميل قوى بديع خيرى .. صاحب عم عشم.  أيه الناس دى؟ واللغة مطاوعاهم كدا ليه زى الحلاوة ..!!


 - من غير يمين.. ولا يسار ، عليا الطلال .. أن العم عشم . رجل خيف الروح ، صاحب"اللفتات" البارعَة أنه من الجيل الذي استخدم النكتة السياسية، جيل نشأ وشَبَّ في بيئةِ تماسٍّ مباشر مع الجار المصري؛ رائد النكتة في المنطقة بلا منازع. هذا التماسُّ جاء نتيجة القرب والدم  والنسب ، والإنتاج الفني المصري من سينما وأعمال فنية ومطبوعات، ثم المصاهرة، حيث تُعَدُّ نسبة المواطنين الفلسطينيين لأمهات مصريات بالآلاف؛ فهو جيل تأثَّر باللهجة المصرية، وتشرَّب الروح المصرية، واعتنق النكتة المصرية، وتنبَّه أخيرًا لجدية النكتة وأهميتها كسلاح في وجه الخوف والاضطهاد والقمع، فاستخدمها، و أخذ – بعض- الفلسطينين - ببساطة - النُّكَتَ المصرية والذوق الرفيع والدم الخفيف واللطافة، من الخال المصري الاسمر الجميل، رفيع القيمة والمقام والقامة.


 - عم عشم .. رجل طبعه القدر .. ابن البلد القديم الرجل الطيِّب النزيه، عم " عشم " الذي كان ابن نكتة محترِفًا بحكم عمله الأدبي الفكاهي ، و بحُكْمِ المهنة ابن نكتة مخضرَمًا، يستطيع أن يسيطر على مُحَدِّثه بِسَيْلٍ من القفشات الرائقة من وحي اللحظة؛ كانت له على ما سمعنا أعمال  قام فيها بالتأليف ، فتشعر وانت تستمع إليه أنه استوعب وهضم معظم الحكايات من الكتب و الأقلام، والأفلام العربية والعالمية.


 - للآسف عبس ..أنا عارف إنك متضايق ، أو واخد جدا على خاطرك أنا عارف إنى بقالى كتير معملتش حاجة عشان خاطرك ، لكنه "عبثاً يخبِّئُ سِرَّهُ في صَمتِهِ من قالَ أن الصمتَ لا يتكلَّمُ" لكنه تكلم .. وحذَّر من تَغَوُّل الكبار والصغار على كل شيء في الحياة العامة، في ظل وصول التصعيد ما بين أبناء شعبنا الفلسطيني عامة والقدس خاصة ودولة الاحتلال الصهيوني، الى أعلى درجاته، و"تغول" و"توحش" صهيوني غير مسبوق.


 وخداع وكذب وتضليل لحلف التطبيع العربي، الذين يعانون من عجز شامل، ولا يجيدون غير اسطوانة مشروخة اسمها القانون الدولي والشرعية الدولية وبيانات شجب واستنكار وقرارات لا تساوي قيمة الحبر الذي تكتب به؛ فالاحتلال الصهيوني استباح فلسطين؛ أرضا وبشرا ومقدسات. ولا يريد أن يترك لهذا الشعب المظلوم فُرجة واحدة ليتنفس منها، أو يمارس من خلالها الحد الأدنى من حقوقه الطبيعية والمشروعة. فلسطين قضية كل نفس سوية والفلسطينيون شعب مقاوم والتطبيع خيانة.. اللهم اخز من خذلهم وأعن من عاونهم. هكذا تكلم عشم.


 - ما بين ساعِ للسلطة وأطماع المنتفعين تضيع الأوطان؛ و كما نال كُتَّابٌ موهوبون، من كل شيء في عصر الانقسام الاسود، بدءًا من التجريف السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مرورًا بسيطرة  الموالسة على مقدَّرات البلد / بلدين!! وصولا إلى انسداد الأفق العام في وجوه أجيال جديدة ممن وُلِدُوا وعاشوا وبلغوا منتصف أعمارهم وشارفوا على الموت كَمَدًا، تحت حُكْما، بلغ من كل شيء أرذله، وقبل أن تصبح الأرجل في الركابات، لكن لم يستمع له الموالسة!



 - حاله.. يبسطها -ويُبَسِّطها- شاعرنا العربي الحكيم، وهو القائل: "في فمي ماءٌ .. وهل ينطق مَن في فِيهِ ماءُ"؟ فبدلا من إصلاح أنفسهم .. إصلاح أحوال العباد والجماد ، وجدوا أنفسهم فجأة في قمة السلطة، وتحوَّل الوضع المؤقَّت بمرور الوقت إلى وضع دائم. بحكومات منه فيه!!  " أعادة التدوير". أعاه تدوير الورق والكرتون، أعادة تدوير مخلفات بلاستيك ، أعادة تدوير  لأصحاب المصالح. وقد صاروا من أصحاب النفوذ الجُدُد، إلى آخر كل هذه البلاوي المعروفة، الجاثمةً على صدر البلاد و العباد ثم إن الشارع العادي -الذي جاءوا منه- يسخر منهم الان!

 


 - هذه كلمات الرجل ورأيت أن أعرضها عليكم وأنتم أحرار ؛ وحيث الأشياء لا تسمي بأسمائها الحقيقية. و هناك - على حد قوله- لا يكف السادة عن خوزقة بعضهم بعضا ونثر الخوازيق في طريق بعضهم البعض... أعلم أن الحياة مليئة بالسخافات وأن كل الناس تتعرض لأشياء من هذا القبيل، لكن ما حيلتي إذا كنت لا أستطع أن أحتمل قدرا كبيرا من هذه الاشياء في فترة وجيزة، قال الشاعر: " إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بُدَّ أن يستجيب البقر" وليس غريباً -والحال كذلك- أن البقر تشابه علينا!


- صعب عليا وقلت في عقل بالي: معلش مش ذنبه. كفارة يا عم عشم، وفي ميزان وطنيتك وإنسانيتك ودينك يا راجل يا طيب؛ واهو  أكل عيش.. يا عم عشم.. كله أكل عيش، و يا بخت من وفق راسين؟ حاسب علي السحلب يا عم عشم.