رفع الغطاء الفلسطيني أولاً..مهند عبد الحميد

الثلاثاء 07 يونيو 2022 10:18 ص / بتوقيت القدس +2GMT
رفع الغطاء الفلسطيني أولاً..مهند عبد الحميد



الصراع المحتدم بين شعب واحتلال يحتاج إلى قراءة مغايرة للخطاب السياسي والإعلامي الفلسطيني المعتاد.
تقول التقارير الصادرة عن مراكز ومؤسسات الاختصاص في الأشهر الخمسة الأولى وخمسة أيام من شهر حزيران للعام 2022، إن عدد الذين استشهدوا برصاص جيش الاحتلال بلغ 71 مواطناً ومواطنة. فيما أصيب مئات بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والضرب بالهراوات. وبلغ عدد الذين تعرضوا للاعتقال 3249 مواطناً ومواطنة. وهدمت سلطات الاحتلال ما يزيد على 50 منزلاً وشردت سكانها في صيغة عقاب جماعي أو بسبب مخالفات، ودمرت عشرات بيوت الصفيح ومنشآت زراعية، وخربت أراضي زراعية واقتلع المستوطنون مئات الأشجار وحطموا عشرات المركبات ودمروا ممتلكات. فضلاً عن العقوبات الاقتصادية كالغرامات والحصار الخانق الذي يتعرض له قطاع غزة، والسطو على المقاصة واقتطاع الأموال المخصصة لأسر الشهداء وللأسرى لنزع الشرعية عن النضال الفلسطيني والتعامل معه كعمل إرهابي غير شرعي ومرفوض جملة وتفصيلاً.    
ليس من الصعب إطلاق مصطلح حرب مفتوحة منظمة تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، هذه الحرب تختلف عن أي حرب أخرى، من زاوية استمرارها في كبح حق تقرير المصير وتفكيك البنى الاقتصادية الاجتماعية وقطع الطريق على كل تطور طبيعي للسكان الأصلانيين.
ومن زاوية التعايش العربي الرسمي والدولي معها وتأمين الغطاء السياسي لها من الناحية العملية. حيث يتاح للدولة التي تشن الحرب التوسع في إبرام اتفاقات «سلام»  وفي عقد أشكال من التعاون الأمني والاقتصادي فوق المألوف، وفي نفس الوقت تنتزع دولة الأبارتهايد الاستعماري «الحق» في «الدفاع عن النفس» في الوقت الذي تتنكر فيه لكل شيء وتعتبر صراعها مع الشعب الفلسطيني غير قابل للحل إلا بتصفية حقوقه الوطنية والسياسية وإخضاعه بشكل كامل.
ويتيح النظام العربي والدولي لهذه الدولة الاستفراد بشعب أعزل ويصادق على اعتبار مقاومته المشروعة للاحتلال والاستيطان والأبارتهايد باعتبارها أعمالاً غير مشروعة تنتمي للإرهاب، رغم انسجامها مع القانون الدولي.
عند التدقيق في الصراع على الأرض، سنجد عمليات اعتقال يومية منهجية تمارسها المؤسسة الأمنية ضد الشبان المحتجين ممن يعترضون على سرقة الأرض وعلى بناء بؤر استيطانية جديدة ويتصدون للمستوطنين الذين يقتلعون الأشجار.
وتعتقل السلطات أيضا المحتجين المحتملين أو أقارب محتجين محتملين فيما يشبه حملة القمع المكارثية الأميركية التي اقتلعت المعارضة.
وسيشاهد المدقق أو المراقب عمليات القتل اليومية الإسرائيلية تستهدف الشبان والشابات المقاومين والمحتجين على الاعتداءات والانتهاكات، بهدف استئصال النزوع الشعبي الطبيعي للتحرر من احتلال مؤسس على نظام أبارتهايد استعماري جشع.
في فلسطين يشاهد العالم عملية قتل لفلسطيني واحد كل يومين، ويتركز الاستهداف على فئات المجتمع الحيوية المؤهلة افتراضياً لانتزاع الحرية من المستعمرين.  
يلاحظ أن أغلب المستهدفين في العشرينيات من العمر، ويوجد نسبة 20% من الشهداء من فتيان تتراوح أعمارهم بين 18 عاماً وأقل.
وقد شرعنت حكومة بينيت لجنودها حرية القتل، أصبحت يدهم خفيفة على الزناد يكفي تعثر امرأة على الحاجز لإردائها قتيلة، يكفي قذف طفل حجره على الجنود لقتله، يكفي قيام المراسلة التلفزيونية شيرين أبو عاقلة وطاقمها بواجبها في نقل ما يجري من استباحة إسرائيلية لقتلها.
لا تتورع حكومة الاحتلال عن تغطية القتل خارج القانون طالما أن الهدف هو اجتثاث روح المقاومة والتمرد الشعبي على احتلال غير شرعي.
لا تعترف دولة الاحتلال ومنظروها، بأن الخنق والإذلال والقتل والاعتقال والاعتداء على الرموز الوطنية (العلم) والرموز الدينية كالمساجد وبخاصة المسجد الأقصى ومسجد الصخرة والكنائس وبخاصة كنيسة القيامة وكنيسة المهد، ونهب الأرض وكل مواردها، وتكديس منظومة الأوامر العسكرية والقوانين العنصرية، لا تعترف بأن كل هذه الأسباب وغيرها تولد العنف بكل أشكاله المشروعة وغير المشروعة تولد الانفجارات والانتفاضات والهبات.
ولا تقر بأن حل هذا التناقض يكون بإنهاء الاحتلال ونظام السيطرة الاستعماري وقوانينه البائدة، ولا تتعظ بأن الحل بالقتل والقمع وبالمزيد من القتل والقمع كان على مدار عقود من الاحتلال حلاً فاشلاً ومنبوذاً من سائر البشر ما عدا الفاشيين والعنصريين.
ورغم ذلك يواصل المستعمرون الإسرائيليون القتل والقمع والمزيد منهما، يواصلون خيارهم المدمر لنا ولشعبهم الذي شوهه الاحتلال أيما تشويه.
لا تكتفي دولة الاحتلال بحرب يومية وعمليات التصفية والكبح وتنفيذ الأهداف، فلا يُشبع مثل هذا الأسلوب غريزة التطرف والكراهية لدى المعسكر الفاشي الديني المترامي الأطراف والممثل في الكنيست وفي المؤسسة الأمنية وفي الحكومة ومؤسسات الدولة الأخرى، هؤلاء يريدون عملية عسكرية كبيرة على غرار عملية ما يسمى السور الواقي في العام 2002 التي قامت بتدمير أجزاء من مخيم جنين بيتاً بيتاً وطاردت كل المقاومين المحاصرين في جنين ونابلس البلدة القديمة الذين تعرضوا للتصفية الجسدية أو الاعتقال، معسكر كهانا وإيتمار بن غفير وتدفيع الثمن وجماعات الهيكل والأحزاب الدينية والقومية يريدون تمشيط جنين وربما نابلس كما قاموا بتمشيط كل المدن الفلسطينية بيتاً بيتاً واعتقلوا أعداداً كبيرة من الشبان في العام 2002.
يريدون محاولة كي الوعي الفلسطيني وإعادة الاعتبار للردع الإسرائيلي، والتحكم في الحياة التفصيلية لكل مواطن فلسطيني.
في مواجهة ذلك، مطلوب قطع الطريق على الاستباحة الفاشية الإسرائيلية لجنين ونابلس، سواء بأسلوب الخطوة خطوة أو دفعة واحدة، قطع الطريق يبدأ بعدم السماح لقوات الاحتلال الاستفراد بالشبان وقتلهم بدم بارد، من خلال تحويل المواجهة بين مجموعات الشبان والقوى الغاشمة للاحتلال، إلى مواجهة بين شعب واحتلال.
ومن الخطأ اكتفاء التنظيمات ونخب مثقفة وإعلامية بالتغني ببطولات الشبان وعدم الاكتراث بالخسارة الفادحة جراء الصدام مع جحافل المعتدين.
وقطع الطريق يكون برفع الغطاء الفلسطيني عن الغطاء العربي والدولي للاستباحة والاستفراد الإسرائيلي بالشعب الأعزل وبشبانه البواسل.
رفع الغطاء الفلسطيني يكون بالاعتراض السياسي الصريح على الصفقات الأمنية والاقتصادية والسياسية العربية مع دولة الاحتلال.
ويكون برفع الغطاء الفلسطيني عن لجنة القدس ومنظمة المؤتمر التعاون والجامعة العربية، يكون بكسر الصمت الفلسطيني المريب. وأولاً وقبل كل شيء رفع الغطاء عن اتفاق أوسلو الذي يستخدم لمواصلة تصفية الحقوق الفلسطينية المشروعة.