الغارديان: من المكسيك إلى فلسطين الصحافيون هدف للرصاص في هجمات قاتلة

الإثنين 16 مايو 2022 01:28 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الغارديان: من المكسيك إلى فلسطين الصحافيون هدف للرصاص في هجمات قاتلة



لندن/سما/

من المكسيك إلى فلسطين أصبح الصحافيون في مرمى الأهداف القاتلة، إذ نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لعدد من مراسليها قالوا فيه إن استهداف الصحافيين وقتلهم هو إشارة قاتمة عن حرية الإعلام.

وجاء فيه أن يسينا موليندو لاحظت قبل عشرة أيام من اغتيالها أمام بقالة في المكسيك رجلين يلاحقانها على دراجتين. وحذر أحدهما الصحافية التي تعمل في صحيفة “الفاريز” (الصادقة) وشعارها “صحافة مع إنسانية”: “نعرف أين تسكنين”.

وظلت موليندو، 45 عاما ولعام كامل تتجاهل الكلام وعبرت عن أملها أن تكون تهديدات فارغة ومحاولة لإسكاتها ومنعها من نشر القصص المتعلقة بالجريمة في البلدة الساحلية كوسوليكاو. وغيرت أكثر من مرة رقم هاتفها في محاولة للهروب من التخويف “لا أعتقد أن شيئا سيحدث لي”، قالت عندما سألها أحد أقاربها عن سلامتها.

ولكن الصحافية قتلت يوم الإثنين الماضي في الساعة 1.15 ظهرا وهي تغادر محلا مع زميلة لها، وأفرغ القتلة 16 طلقة أدت لوفاة المرأتين حالا.

وقال شقيقها راميرو موليندو الصحافي أيضا: “لا تدين يسينا بأي شيء لأحد”، حيث دفنت أخته في وقت بدأت تقلق فيه العائلة على سلامته بعد مقتلها. واعترف قائلا “لا نعرف من نواجه”.

وكانت موليندو وشيلا جوهانا غارسيا اثنتين من أربع صحافيات قتلن وهن في مهام صحافية في الأسبوع الماضي، ضحايا موجة قتل صدمت العالم.

فبعد يومين اغتيلت صحافية الجزيرة شيرين أبو عاقلة، التي عملت لسنوات في قناة الجزيرة وغطت النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وعندما كانت تغطي عملية عسكرية في الضفة الغربية المحتلة. وبعد يوم من مقتلها، ماتت الصحافية التشيلية فرانسيسكا ساندوفال (29 عاما) وهي تغطي احتجاجات يوم العمال بداية العام. وتذكرها زميلها غابرييل كاردوزو المصور في نفس القناة التلفزيونية “سينا3 دي لافا” التي عملت فيها ساندوفال: “كانت فرانسيسكا أما وبنتا عظيمة” و”كانت واحدة من الناس تبحث عنك. وكيف ستعبر عن ألم فقدك شخصا عشت معه الكثير؟”. وتقول الصحيفة إن وفاة الكثير من الصحافيين وفي فترة قصيرة أدت إلى شجب دولي والبحث في الذات في استديوهات مكسيكو سيتي والدوحة.

وقالت شذا حنايشة، الصحافية الفلسطينية التي كانت تقف قريبا من صحافية الجزيرة المعروفة عند إطلاق النار عليها وهي تحاول توثيق العملية في جنين “كل ما كنا نقوم به هو أداء عملنا”. وأضافت الصحافية البالغة من العمر (26 عاما) “سيظل هذا معي طوال حياتي” و”لم تكن هناك حاجة لاستهدافنا”.

وقال روبرت ماهوني، المدير التنفيذي للجنة الدفاع عن الصحافيين إن كل عملية قتل محددة وجرت في ظروف مختلفة و”لكن هناك إطار مشترك بينها وهو أن عام 2022 شاهد زيادة في عدد الصحافيين الذين قتلوا”. و”من الصعب الحديث عن رابطة مباشرة بين أي من عمليات القتل هذه باستثناء القول ومواصلة القول، كما أعتقد أنه بات من الخطر ممارسة العمل الصحافي باستقلالية”.

وجزء من زيادة عدد القتلى بين الصحافيين هي الحرب في أوكرانيا حيث قتل حوالي سبعة صحافيين منذ اندلاع الحرب في 24 شباط/ فبراير، وقتل آلاف من المدنيين في الحرب. وزيادة حالات استهداف القتل بين الصحافيين مدهشة حيث قتل 11 صحافيا منذ بداية العام الحالي مقارنة مع 7 حالات في العام السابق، كما أنها أسهمت بزيادة عدد الحالات على المستوى العالمي.

وقال ماهوني “هذه رقابة باستخدام البندقية”، واصفا موجات القتل في أمريكا اللاتينية والجرائم التي ترتكبها عصابات الجريمة المنظمة. ويتهم الرئيس الشعبوي المكسيكي مانويل لوبيز اوبرادور بالتشجيع على العنف من خلال خطابه الشعبوي. وقال “إن قتل الناس بغرض إرسال رسالة وجلب السرطان الحقيقي للصحافة التي تمارس رقابة ذاتية وعندما يتوقف الصحافيون عن اتباع القوانين لأن عمل هذا خطير”.

ويقول الناشطون إن زيادة القتلى بين الصحافيين هي التعبير الأكثر وضوحا عن منظور الحرية الإعلامية في عالم يبدو ديكتاتورية بدرجة أكبر وأكبر. فمدينة هونغ كونغ كانت وحتى وقت قريب تحتفل بمشهد إعلامي مستقل حتى حولته بيجين وفي غضون عدد من السنوات إلى مكان تقمع فيه الصحافة من خلال قانون الأمن القومي. وحذرت الفدرالية الدولية للصحافيين في بداية العام الحالي وهي تصف سجن الصين عددا من العاملين في المجال الإعلامي “هناك اليوم حس ملموس بأن الكفاح من أجل الديمقراطية قد اقترب من نهايته”.

ويواجه الصحافيون الروس القمع حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، في وقت يواجه فيه الصحافيون في الشرق الأوسط ووسط آسيا وفي ظل فيكتور أوربان في هنغاريا وجائير بولسونارو في البرازيل ضغوطا شديدة من حكومات تعتبرهم مزعجين.

وقال ماهوني إن لجنته الصحافية قلقة من زيادة التحرش والاستفزاز للصحافيين عبر الإنترنت وتحديدا الصحافيات حول العالم. وسواء في الفلبين أو الهند فإن الكثير من الصحافيين يتعرضون للهجوم عبر الإنترنت الذي يكون عادة نذيرا لهجوم جسدي، وعليه طالب منصات التواصل بالتحرك ومنع التحرش.

وقالت جودي غسينبرغ، رئيس لجنة حماية الصحافيين إن تغطية الاحتجاجات، كما في حالة فرنسيسكا ساندوفال في تشيلي- أصبح أمرا خطيرا بالنسبة للصحافيين. وأضافت “لا يقتل الصحافيون وسط إطلاق النار فقط بل ويستهدفون” و”في حالة شيرين أبو عاقلة قال شهود العيان إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار عليها وقتلتها وهي تمارس عملها مع أنها كانت ترتدي علامة صحافة وهذا يأتي في ظل أشكال مثيرة للقلق من استهداف إسرائيل للصحافيين الفلسطينيين”.

وكانت أول إشارة عن الخطر الذي يلاحق موليندا قبل 18 شهرا عندما بدأت تغطيتها للجريمة تجلب إليها عددا من التهديدات مثل “احذفي القصة وإلا حصل لك شيء”. ولم يعرف قتلة موليندو ومن المحتمل أن يظلوا مجهولين.

ويقول الناشطون إن حوالي 150 صحافيا قتلوا من بداية القرن الحالي ولم يعاقب أحد في نسبة 90% من الحالات. ويقول المحامي البرازيلي فاليرو لويز فيلهو الذي قتل والده الصحافي قبل 10 أعوام تقريبا وعندما كان يغادر محطة إذاعية يعمل فيها إن مرتكبي هذا العمل يجب معاقبتهم لو أريد أن يحدث تغيير. ولم تتم محاكمة الخمسة الذين ارتكبوا جريمة قتل والده ومن بينهم شخص مؤثر.

وقال “العدالة تعني أن مرتكبي الجريمة يجب عليهم معرفة أن الشيء الذي قتلوه لديه قيمة”. ويجب تحقيق العدالة في هذه الحالات من تشيلي إلى المكسيك وأي مكان وحتى يعرف الناس أن الصحافيين الذين سرقت منهم حياتهم ثمينة وعملهم أيضا ثمين. و”العدالة فقط هي التي ترسل هذه الرسالة”، في وقت كان فيه الآلاف يودعون الصحافية شيرين أبو عاقلة على مسافة 10.000 ميل.