فايننشال تايمز: أسئلة وحزن على مقتل شيرين أبو عاقلة

الأحد 15 مايو 2022 03:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
فايننشال تايمز: أسئلة وحزن على مقتل شيرين أبو عاقلة



واشنطن/سما/

 نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا لمراسلها في يافا، ميهول سريفاستافا، بعنوان: “حزن وأسئلة حول مقتل شيرين أبو عاقلة في الضفة الغربية”، قال فيه الكاتب إن الفلسطينيين وعلى مدى ربع قرن، تعودوا على مشاهدة  لقطات سريعة من مراسلة نجمة، امراة عربية وصحافية مخضرمة، كانت اسماً معروفاً في كل أنحاء الشرق الأوسط.

وكانت الصحافية الراحلة تنهي تقاريرها بالتوقيع: “شيرين أبو عاقلة.. الجزيرة” في مسيرتها التي تتبعت خلالها قوس النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، من القدس ورام الله وأريحا وبيت لحم. كانت في البداية طالبة هندسة معمارية، قبل أن تقرر دراسة الصحافة، ثم انضمت إلى قناة الجزيرة القطرية عام 1997.

وزادت شهرة الصحافية  الفلسطينية- الأمريكية مع توسع تأثير قناة الجزيرة في العالم العربي. وتحولت العبارة التي تنهي فيها تقاريرها إلى مؤثر صوتي عام 2002 في المعركة على مدينة جنين المحتلة بالضفة الغربية. وسخر الجنود الإسرائيليون منها في مكبرات الصوت أثناء المعركة مع الفلسطينيين في مخيم جنين، وذلك حسب صديقتها وزميلتها الصحافية داليا حتوقا.

قُتلت أبو عاقلة في جنين الأسبوع الماضي متأثرة برصاصة أصابتها بالرأس. وكشف مقتلها عن القضايا التي غطتها طوال حياتها، عدوانية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتحديات التي تواجه الفلسطينيين وهم يحاولون محاسبة الجيش الإسرائيلي. وقتل الجنود الإسرائيليون 45 فلسطينيا، خلال الأشهر الماضي، بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وقال إن حوالي 35 من الذين قتلوا كان من المدنيين بمن فيهم نساء وأطفال. ويرفض الجيش الإسرائيلي الأرقام، ويقول إنه كان يلاحق مسلحين فلسطينيين.

وأضاف الكاتب أن سؤال من قتل أبو عاقلة وهي تغطي  المواجهات بين الجيش الإسرائيلي والمسلحين الفلسطينيين أصبح سؤالا محوريا. وركز اهتمام العالم على العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي بدأت ردا على هجمات نفذها فلسطينيون داخل إسرائيل. وقتل جراء تلك العمليات 17 إسرائيليا وثلاثة أجانب منذ آذار/ مارس، إضافة إلى أربعة فلسطينيين نفذوا عمليات، وهم من جنين.

وأشار الكاتب إلى أنه تم تنظيم جنازة رسمية لشيرين في مقر الرئاسة الفلسطينية بمشاركة الحرس الرئاسي قبل دفنها بمقبرة مسيحية في القدس، حيث قامت قوات الاحتلال بضرب المشيعين بالهراوات وإطلاق القنابل الصوتية عليهم وهم في طريقهم إلى الكنيسة.

وحمّل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الجنودَ الإسرائيليين مسؤولية مقتل أبو عاقلة، وهو أمر يشاركه فيه شهود العيان وقناة الجزيرة ومعظم الفلسطينيين. وقال عباس إن “اغتيال شيرين ليست الجريمة الأولى، فقد سقط عشرات الصحافيين شهداء”. وأضاف: “نحمّل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية، وهذه الجريمة لن تخفي الحقيقة”. وقتلت القوات الإسرائيلية منذ عام 2000 حوالي 25 صحافيا بمن فيهم صحافيان أجنبيان، وذلك حسب أرقام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

وبعد زعم السلطات الإسرائيلية في البداية أن مقتل الصحافية ربما كان نتيجة رصاص مسلح فلسطيني، عادت ووصفت مقتلها بالتراجيدي وعرضت تحقيقا مشتركا مع الفلسطينيين للحصول على الرصاصة التي قتلت شيرين، وتقرير الطب الشرعي. غير أن السلطة الفلسطينية رفضت ذلك. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تحقيقه الخاص، ولكن وزير الدفاع بيني غانتس حذر من أن التحقيق “قد يستغرق وقتا”. وأن القتل “ربما كان من الجانب الفلسطيني، أو من جانبنا للأسف” بحسب زعمه.

وبالنسبة لهاجيا إلعاد، الذي قضى أعواما وهو يحقق حول انتهاكات الجيش الإسرائيلي لمنظمة بيتسلم لحقوق الإنسان، فإن مطالب تحقيق مشترك خطيرة، فلطالما رفضت إسرائيل مطالب تحقيقات مشتركة في الماضي، ومنعت المحكمة الجنائية الدولية من دخول الضفة الغربية وغزة. وقال: “في الحد الأدنى، لا يقومون بالتحقيق في مغظم الحالات، أو أنهم يفتحون تحقيقا يأخذ سنوات ثم يغلقونه بدون إدانات”.

ويقول إلعاد إن الإدانات لو حصلت، فستكون لجنود من الرتب الدنيا والأحكام مخففة. فقناص إسرائيلي قتلت طفلة فلسطينية عام 2014 في غزة، صدر عليه حكم  للقيام بخدمة اجتماعية لمدة 30 يوما. وحُكم على جندي آخر زعم بأنه خلط بين الرصاص الحي والمطاطي لمدة 9 أشهر رغم زيادة المحكمة العليا مدة الحكم لاحقا. وفي حالة ثالثة عام  2018، حُكم على جندي قتل مهاجما فلسطينيا بعد نزع سلاحه والسيطرة عليه من جنود آخرين بتسعة أشهر. وزعم الجندي في دفاعه أن المهاجم ربما كان يحمل حزاما ناسفا. ومع تدفق الجماهير على رام الله والقدس للمشاركة في جنازة أبو عاقلة، تذكر أصدقاؤها امرأة كانت تحب التسوق والحفلات والسفر والحلويات، وكانت مبتسمة دائما، وتحب الرقص، ولم تفتّ تغطية الجرائم الإسرائيلية من عزيمتها”.

وألهمت تجربة أبو عاقلة الفتيات الشابات في المنطقة لكي يتبعن مسيرتها وهدوءها أمام الكاميرا، حيث كن يقلدن حركتها أمام الكاميرا وهن يحملن أمشاط الشعر. وقالت روان بشارات التي نشأت في الناصرة وتعمل في كلية يافو داخل إسرائيل، إن تغطية أبو عاقلة من جنين أثناء الانتفاضة الثانية، فتحت وعيها السياسي، وتضيف: “كنت في الـ17 من عمري، وكنت أحاول  فهم هويتي كمواطنة عربية في إسرائيل من الدرجة الثانية”. و”بالنسبة لي كانت شيرين صوت الانتفاضة الثانية، وصوت الانضباط، حتى يوم أمس عندما استيقظت على أخبار مقتلها، لم أفهم ما يعنيه ذلك، ولكن أمس، كل فلسطيني أينما كان في تونس، لبنان، غزة، يافا أو الولايات المتحدة، كلنا ارتبطنا مع شيرين. ونشعر بالحزن معا. فقدنا جميعا شيئا من طفولتنا”.