كيف علقت الصحف الإسرائيلية على اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة ؟

الخميس 12 مايو 2022 04:30 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف علقت الصحف الإسرائيلية على اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة ؟



القدس المحتلة/سما/

أعربت صحف إسرائيلية، الخميس، عن أسفها لمقتل الإعلامية شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة القطرية، لكنها التزمت بالرواية الرسمية الإسرائيلية، بشأن ظروف مقتلها رغم الادلة الواضحة للجريمة وتبديل الجيش لروايته عدة مرات خلال الاربع وعشرين ساعة الماضية.


وتميزت صحفية “هآرتس” الإسرائيلية، يسارية التوجّه، عن باقي وسائل الإعلام الإسرائيلية بدعوة إسرائيل إلى “فتح تحقيق دولي وإصدار بيان أسف”.


وركّزت الغالبية من وسائل الإعلام الإسرائيلية على الرواية الرسمية، التي بدأت بتوجيه الاتهام بالمسؤولية عن مقتلها إلى مسلحين فلسطينيين، ثم عدم يقين الجيش الإسرائيلي في ساعات المساء بشأن الجهة المسؤولة عن قتلها واعطاء تلميحات بان الجيش مسؤول عن قتل ابو عاقلة.


واتهمت كل من شبكة “الجزيرة” والسلطة الفلسطينية وموسسات حقوقية دولية واسرائيلية إسرائيل بتعمد قتل شرين أبو عاقلة بإطلاق النار عليها بينما كانت تمارس عملها، في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية صباح الأربعاء، فيما زعم الجيش الإسرائيلي بان تقديراته الأولية تفيد بأنها “قُتلت برصاص مسلحين قبل ان يغير روايته عدة مرات ويضع احتمال ان جيشه من قتلها”.


وأبو عاقلة من مواليد مدينة القدس عام 1971، ومن أوائل مراسلي قناة الجزيرة التي انضمت إليها عام 1997.


وكتب المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية رون بن إيشاي، مقالة بعنوان “الصحفيون يخاطرون بحياتهم لنقل الحقيقة، وليس لخدمة الدعاية السياسية”.
وقال في مقاله: “كانت أبو عاقلة صحفية محترفة، تغطي الشرق الأوسط لقناة الجزيرة لعقود، وعلى الأرجح أنها تحملت المخاطر التي تنطوي عليها عن علم، وكذلك الاحتياطات المناسبة”.


وأضاف: “لكن مثل العديد من الصحفيين من قبلها، ولسوء الحظ العديد من بعدها، على الرغم من إدراكهم للخطر، فإنهم يقومون بعملهم وهم يعلمون أن رصاصة أو قذيفة أو قنبلة تسقط من طائرة، وربما حتى سكين، يمكن أن تنهي حياتهم أو إصابتهم بجروح خطيرة أو تتركهم مشلولين”.


وهاجم بن إيشاي الفلسطينيين، وقناة الجزيرة القطرية، نظرا لتحميلهم مسؤولية مقتلها لإسرائيل.


وقال: “الفلسطينيون والجزيرة لا يريدون الحقيقة؛ يرغب الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة حماس، وعضو الكنيست وليد طه، في الاستفادة من موتها، الذي قد يكون غير مقصود على الأرجح، لأغراض سياسية ودعائية، ولهذا السبب يرفضون أي عرض لإجراء تحقيق موضوعي”.


وزعم “حتى لو تم إجراء مثل هذا التحقيق، فسوف يتأكدون من تدمير أي دليل، قد يشير إلى السيناريو المحتمل المتمثل في أن المسلحين الفلسطينيين الذين أطلقوا النار بشكل تعسفي هم من قتلوها”.


وكانت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد أعلن الخميس، رفض إجراء تحقيق مشترك مع إسرائيل بشأن الحادث، متهما إياها بالمسؤولية الكاملة عن قتلها.


وتابع بن إيشاي: “كان رد الجيش الإسرائيلي هذه المرة فعّالاً وسريعاً وقدم بديلاً معقولاً للنسخة الفلسطينية التي ادعت أن الجيش الإسرائيلي كان مسؤولاً عن مقتل الصحفية؛ وقد سارع الفلسطينيون إلى إعلانها شهيدة لأن ذلك يخدم الحرب الدعائية المستمرة التي يقودها عباس وزعيم حماس (في غزة) يحيى السنوار ضد إسرائيل”.


**مأساة
من جهتها، فقد اعتبرت صحيفة “جروزاليم بوست” اليمينية الإسرائيلية، أن مقتل أبو عاقلة “سيصبح ذريعة لهجمات إرهابية على إسرائيل”.


وزعمت في افتتاحيتها: “مقتل مراسلة الجزيرة المخضرمة شيرين أبو عاقلة، خلال تبادل لإطلاق النار بين جنود الجيش الإسرائيلي وفلسطينيين في جنين، هو مأساة”.


وأضافت: “يجب حماية الصحفيين الذين يقومون بعملهم، حتى في أكثر المواقف خطورة؛ إن مقتل المرأة البالغة من العمر 51 عامًا، والتي يعرف وجهها ملايين المشاهدين في جميع أنحاء العالم العربي، مأساة، وكذلك مقتل جميع الصحفيين الذين وقعوا في مرمى النيران وقتلوا أثناء تغطيتهم للنزاعات ومناطق الحرب حول العالم”.


غير أن الصحيفة رفضت توجيه اللوم إلى إسرائيل على مقتلها والتزمت بالرواية الاسرائيلية الرسمية وبما يقوله الرقيب العسكري.


وقالت جروزاليم بوست: “صحفية رفيعة المستوى ترقد ميتة في الشارع، حيث وقع تبادل لإطلاق النار، والنتيجة التي توصل إليها الفلسطينيون ومؤيدوهم على الفور، دون طرح أي أسئلة، هي أن إسرائيل قتلتها، وفعلت ذلك عن قصد”.


وأضافت: “أولئك الذين يعتقدون الأسوأ في إسرائيل، سيكونون مستعدين لقبول أي شيء عنها وتصديقه، بما في ذلك أنها ستستهدف وتقتل صحفية عربية بارزة عن عمد”.


وتابعت الصحيفة: “إذا تم إطلاق النار بالفعل على أبو عاقلة من قبل جنود الجيش الإسرائيلي العاملين في جنين، فإن إسرائيل بحاجة إلى تحمل المسؤولية، ومراجعة الأوامر الدائمة، ومعرفة ما يمكن القيام به لضمان عدم إصابة الصحفيين وغيرهم من المدنيين، حتى مع استمرار الجيش الإسرائيلي في محاولة تضييق موجة الإرهاب الحالية، من خلال شن الهجوم في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك جنين”.


واستدركت: “موت أبو عاقلة فظيع؛ ولكن للأسف يتم استخدامه بشكل ساخر لإلقاء اللوم على إسرائيل، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحرض الآخرين على تنفيذ المزيد من الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل”.

**رمز لوحشية الاحتلال الإسرائيلي

غير أن صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية خرجت عن خط باقي وسائل الإعلام الإسرائيلية بمطالبتها إسرائيل بـ”فتح تحقيق دولي وإصدار بيان أسف”.


وكتبت في افتتاحيتها: “بوفاة أبو عاقلة، أصبحت أيضًا رمزًا لوحشية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية ورمزًا لانتهاك حرية الصحافة؛ سارع المتحدثون الإسرائيليون الرسميون إلى إلقاء اللوم في مقتلها على المسلحين الفلسطينيين الذين أطلقوا النار على الجنود خلال عملية اعتقال في جنين”.


واستدركت: “لكن حتى كتابة هذه السطور، لم تقدم إسرائيل دليلاً على أن جنود الجيش الإسرائيلي لم يكونوا هم من أطلقوا النار على الصحفية في رأسها”.


وأضافت: “لم تعرب إسرائيل رسميًا عن أسفها لوفاة الصحفية؛ ولزيادة الطين بلة، جاءت الشرطة بعد ظهر أمس إلى منزل الأسرة المكلومة، وطالبت بإزالة عدد من الأعلام الفلسطينية التي كانت ترفرف على المنزل”.


وتابعت: “في السنوات الأخيرة، كانت هناك عشرات الحالات التي تعرض فيها صحفيون في الضفة الغربية والقدس الشرقية للأذى بشكل متعمد، على أيدي ضباط الشرطة والجنود؛ معظم هذه القضايا، إن لم يكن كلها، لم تؤد إلى توجيه اتهامات ضد ضابط شرطة أو جندي”.

واعتبرت الصحيفة أن “على الحكومة أن تُصدر على الفور بيانا تأسف لوفاة أبو عاقلة، وتعلن موافقتها على إجراء تحقيق في الحادث بإشراف مسؤولين دوليين”.
وأضافت: “يجب على وزير الدفاع بيني غانتس ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف أيضًا، أن يوضحا تمامًا للقادة العسكريين والشرطة أن حماية أرواح الصحفيين الإسرائيليين والفلسطينيين والأجانب، إلى جانب كرامتهم وحريتهم في العمل، هي جزء من توصيفهم الوظيفي”.


وتابعت “هآرتس”: “إن جرح أو قتل صحفي أمر غير مقبول على الإطلاق؛ وشيء آخر: سيكون من الحكمة أن تترك شرطة إسرائيل الأسرة المكلومة في سلام وألا تضطهدهم بدون سبب”، في إشارة لاقتحام عناصرها منزل أبو عاقلة يوم الأربعاء.