يديعوت- بقلم: غيورا آيلند لا صدفة في سلسلة تصريحات بايدن ضد بوتين حين وصفه بـ “الجزار” وحين قال إنه يجب تغيير الحكم في روسيا.
تريد الولايات المتحدة أن تغير حكم بوتين منذ عشرين سنة. عندما انهار الاتحاد السوفيتي في 1991 أصبحت روسيا دولة أصغر وأضعف وانشغلت بمشاكلها الداخلية. كان رئيسها الأول، يلتسين، رجلاً لطيفاً وسكيراً تلقى بخنوع بقاء الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة.
بعد عقد واحد من ذلك، صعد بوتين إلى الحكم، وتبين للأمريكيين في غضون بضع سنوات أن تطلعاته أعلى بكثير من سلفه. أراد بوتين استعادة المجد، ولم تستطب الولايات المتحدة ذلك. أوضح بوتين بأن لروسيا (أي لبوتين) 3 مصالح أساسية: ألّا تتدخل الولايات المتحدة في شؤون روسيا الداخلية؛ وألا تفاجئها بخطوات أحادية الجانب غير منسقة؛ وألّا تجر دولاً شيوعية سابقة للانضمام إلى الناتو، وألا تفعل هذا مع دول الاتحاد السوفيتي سابقاً.
من ناحية بوتين، منذ 2000 وحتى اليوم، تعمل الولايات المتحدة عن قصد كي تمس بهذه المصالح الثلاث. للولايات المتحدة وروسيا الكثير من المصالح المشتركة، بما في ذلك القتال ضد الإرهاب الإسلامي ومنع انتشار السلاح النووي لدول أخرى، لكن الولايات المتحدة فضلت عرقلة بوتين بدلاً من البحث عن المصالح المشتركة.
غزو أوكرانيا كان ممكناً منعه، برأيي، لو تعهدت الولايات المتحدة بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، لكن بايدن رفض ذلك. وبعد نحو أسبوع من بدء الحرب، أدركت الولايات المتحدة بأن ثمة فرصة نشأت لها لتحقيق الهدف المنشود – إسقاط حكم بوتين. هذا الهدف أكثر أهمية للولايات المتحدة بكثير من إنهاء الحرب، وعليه، فمحزن ومتهكم بقدر أن استمرار الحرب يخدم ظاهراً المصلحة الأمريكية.
تقدر الولايات المتحدة بأن بوتين غير قادر على ابتلاع أوكرانيا، ولكنه أيضاً غير قادر على لفظها. فهو عالق هناك في ما يبدو حرب استنزاف لا حل لها، وكلما تواصلت الحرب ضعفت مكانة بوتين في كل الساحات الأربع: عسكرياً، ودولياً، واقتصادياً، وداخلياً.
ظاهراً، بدا قول بايدن ذكياً، إذ يعبر عن السياسة الحقيقية، وهي التسبب بتغيير الحكم في روسيا. عملياً، هذا خطأ. فالأمم، كل الأمم، تكره أن يحاول أحد ما من الخارج إسقاط الحكم عندها. حتى عندما تكره الشعوب الحكم، فإنها تريد أن تغيرها بنفسها على ألا تخضع لقوة أجنبية. كان ينبغي على الأمريكيين أن يتعلموا هذا منذ زمن بعيد في كوبا، والعراق، وأفغانستان، وفنزويلا وغيرها. نحن أيضاً تعلمنا هذا، في لبنان في 1982.
إعلانات بايدن قد تعزز قوة بوتين داخلياً، وليس العكس. المصلحة العالمية إنهاء الحرب، وإن كان فقط لوقف المعاناة القتل والدمار الفظيعين. سبيل عمل ذلك يستوجب مبادرة أمريكية – صينية ما تتضمن تنازلات متبادلة بين روسيا من جهة وأوكرانيا والغرب من جهة أخرى. قال كسينجر إن الاتفاق يتحقق عندما “يكون الطرفان غير راضيين بشكل متساوٍ”، لكن اتفاقاً متعدد البنود يسمح أيضاً لكل الأطراف بإبراز الإنجازات وأن تخفي التنازلات.
وبالنسبة لمستقبل بوتين، يبدو أن نهايته حسمت بكل سبيل. من الأفضل إذن للغرب أن يبادر إلى إنهاء الحرب ويسمح للشعب الروسي بنفسه أن يجري حساب النفس بعد ذلك. قد يكون هذا شعبياً أقل ومحقاً أقل أيضاً، ولكنه أصح.