باحثون: "إسرائيل" المستفيد الأول من اجتماع وزراء الخارجية بالنقب

الثلاثاء 29 مارس 2022 05:54 م / بتوقيت القدس +2GMT
باحثون: "إسرائيل" المستفيد الأول من اجتماع وزراء الخارجية بالنقب



القدس المحتلة/سمام

عقّب عدد من الباحثين في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب على اجتماع وزراء الخارجية – الإسرائيلي، الأميركي، الإماراتي، المصري، المغربي والبحريني – في كيبوتس "سديه بوكير" في النقب، في اليومين الماضيين، وشددوا على عدد من النقاط بينها أن الاجتماع كان صوريا، وأن "رثاء" تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سابق لأوانه، وأن الاجتماع سجل ارتقاء في علاقات إسرائيل والمغرب.

اجتماع "سديه بوكير" لمنع إيران من ملء فراغ

أشار مدير المعهد، أودي ديكل، إلى أن اجتماع وزراء الخارجية جاء على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي يثير مخاوف أمنية دولية ويتسبب بارتفاع أسعار النفط والغذاء، وكذلك على خلفية توقيع محتمل على اتفاق نووي بين الدول العظمى وإيران.

وأضاف أن المجتمعين تعمدوا عدم وضع هدف واضح لاجتماعهم، لكن في مركز الاجتماع إنشاء أساس لتحرك مشترك في الواقع العالمي والإقليمي الجديد، وبضمنه: التعاون ضد إيران، من خلال تحالف أمني إقليمي، على غرار وحدة الغرب ضد روسيا. ويأتي هذا التحالف الإقليمي كخطوة استباقية لمنع إيران من ملء الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأميركي من المنطقة، وبضمنها الاستعداد للانخراط في إعادة إعمار سورية.

واعتبر ديكل أن عملية إطلاق النار في الخضيرة، أول من أمس، لن تلحق ضررا برمزية اجتماع وزراء الخارجية، "التي تشدد على نزول الموضوع الفلسطيني رسميا عن المسرح الإقليمي. والعالم العربي يتقبل إسرائيل في ناديه بدون شروط".

الولايات المتحدة باقية في المنطقة

منذ بداية ولاية باراك أوباما، في العام 2009، تتذمر حليفات أميركا من مغادرة الولايات المتحدة للشرق الأوسط، والشعور بغياب شريك أميركي في مواجهة قضايا إستراتيجية هامة، وفقا للدبلوماسي السابق عوديد عيران.

وأضاف أن "هذه المشاعر خصوصا، ساعدت إدارة ترامب، بين جملة من الأسباب، في تقريب عدد من الدول العربية إلى إسرائيل، انطلاقا من الإدراك أن تقليص الالتزام الأميركي يستوجب شراكات جديدة والنكر لترسبات الماضي، مثل العلاقات بينها وبين إسرائيل أو تركيا".

ورأى عيران أنه ما زال من السابق لأوانه تقدير تأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا وتبعاته على تطور النظام العالمي. "ورغم ذلك، بالإمكان التقدير في هذه المرحلة أن محاولات الصين وروسيا لإنشاء نظام عالمي جديد وتحدي المكانة الدولية الريادية للولايات المتحدة قد تلقى ضربة".

وأضاف أنه ينبغي النظر إلى اجتماع وزراء الخارجية "كمحاولة، غير منسقة بالضرورة، للدول المشاركة لاستغلال عودة الولايات المتحدة إلى قيادة النظام العالمي القائم من أجل دفع مصالح مشتركة، ومصالح كل دولة على حدة. وستسعى الإدارة الأميركية إلى تفسير سياستها في الموضوع النووي الإيراني وإقناع المتخوفين منها، وتجنيد دعم لتطبيق العقوبات المفروضة على روسيا بواسطة زيادة ضخ وتصدير النفط والغاز الطبيعي، وكذلك تشجيع التقدم في القضية الإسرائيلية – الفلسطينية. ويرجح أن تنصت إسرائيل لقلق الدول في المنطقة في مجال إمدادات المواد الغذائية الأساسية".

وتابع عيران أنه في إطار اجتماع وزراء الخارجية، "يتوقع أن تجدد مصر نظرة الولايات المتحدة إليها كدعامة شرق أوسطية هامة، وستطلع دول الخليج إلى الحصول على دليل لالتزام أميركي بأمنها، وللعلاقة بينها وبين إسرائيل ولإنصات أميركي لقضايا المنطقة المركزية".

منظومة دفاعية ضد صواريخ وطائرات مسيرة إيرانية

أكدت الباحثة في المعهد، سيما شاين، على أن اجتماع وزراء الخارجية قدم مساهمة هامة للأمن الأمن القومي الإسرائيلي قبل أي شيء آخر. "فتحول إسرائيل علنا إلى جزء من النسيج الإقليمي ومحور مركزي في التعاون بين الدول العربية السنية، يعزز بحد ذاته مكانتها مقابل جهات معادية، وفي مقدمتها إيران، وكذلك مقابل الولايات المتحدة، التي ترى بالعلاقات المتبلورة في المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط ذخرا بالنسبة لها".

وأضافت أن "التهديد الإيراني" هو القاسم المشترك لجميع المشاركين في اجتماع وزراء الخارجية في النقب. وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تشدد إسرائيل فيه البرنامج النووي، فإن الدول العربية تنظر بقلق إلى سياسة إيران الإقليمية وتخشى من أن العودة إلى الاتفاق النووي ستقلص انشغال أميركا بإيران وسياستها وتمنح يدا طليقة لطهران لدفع هيمنتها في المنطقة.


 
وبحسب شاين، فإن إيران تتابع بقلق التصريحات بشأن منظومة دفاعية إقليمية ضد صواريخها وطائراتها المسيرة، مشيرة إلى تفوق إيران من خلال قدرتها على استهداف دول خليجية وإسرائيل وتهديد الوجود الأميركي في العراق، بواسطة صواريخها وطائراتها المسلحة، التي تمنحها أيضا إمكانية نفي ضلوعها المباشر في هجمات.

ورأت أن منظومة دفاعية كهذه، ولا تملك إيران ردا عليها، ستتجاوز القدرات الإيرانية، وفي حال تحقيقها فإنها ستعزز علاقات دول الخليج مع إسرائيل والولايات المتحدة، "بخلاف مطلق للمصلحة الإيرانية".

دور إسرائيل بالعلاقات العربية - الأميركية

رأى البحث في المعهد، يوئيل غوجانسكي، أن اجتماع النقب ليس دليل على تعمق العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية فقط، وإنما هو دليل على دور إسرائيل في تبديد التوتر بين الدول العربية والولايات المتحدة أيضا. فقد تزايد هذا التوتر بعد رفض السعودية والإمارات الاستجابة لطلب أميركي بالمشاركة في عزل روسيا سياسيا واقتصاديا.

واستدرك أنه ليس مستبعدا أن تكون دول الخليج مستعدة للتعاون بشكل أعمق مع الولايات المتحدة بشأن الحرب في أوكرانيا، في حال استجابت الولايات المتحدة، ولو لجزء من مخاوفها من إيران، من خلال تعاون استخباراتي أميركي متزايد وتعزيز قدراتها الدفاعية، وخاصة ضد الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية.

وأشار إلى أن الخلافات بين دول الخليج وواشنطن برزت على خلفية تغييرات في السياسة الخارجية لعدة دول عربية مركزية، إثر تعزيز مكانة لاوسيا والصين في الشرق الأوسط. وتعزز المفهوم بعدم وجوب الاعتماد على الولايات المتحدة بمساعدتها دول عربية في حال هاجمتها إيران، في أعقاب الأحداث في أوكرانيا، وعبر عن ذلك كتاب أعمدة في الصحافة العربية.

وبحسب غوجانسكي، فإن اجتماع وزراء الخارجية هو دليل على أن إسرائيل ودول الخليج تنسق بينها مقابل الولايات المتحدة. ورغم ذلك، فإنه في حال تنفيذ خطوات أميركية لدعم أمن دول الخليج، وفي موازاة ذلك زيادة ضخ الخليجيات للنفط، ستستمر الشكوك حيال تدخل الولايات المتحدة في المنطقة، وإلى جانبها حاجة الدول العربية إلى تطويق المخاطر والفرص.

انضمام مصر إلى "اتفاقيات أبراهام"

وفقا للباحث في المعهد، أوفير فينتر، فإنه ليس صدفة أن مصر كانت الدولة الأخيرة التي أكدت على مشاركتها في اجتماع وزراء الخارجية في إسرائيل، وذلك لأن هذا الاجتماع لا يتلاءم مع سياستها من عدة نواحي: علنيته، المكانة الإقليمية الريادية لإسرائيل كمضيفة، غياب الفلسطينيين البارز.

وأضاف أنه بالرغم من ترحيب مصر بـ"اتفاقيات أبراهام"، لكنها تحفظت من روح هذه الاتفاقيات وحافظت على مسافة منها. وإلى جانب ذلك، فإن مشاركة مصر في الاجتماع ينطوي على انحراف من خط مصري مستقل في القضية الإيرانية. ورغم قلق مصر من خطوات إيرانية وهجمات الحوثيين، إلا أنها لا تشارك دول الخليج وإسرائيل الشعور بالهلع من احتمال التوصل إلى اتفاق نووي جديد.


 
وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال الاجتماع (أ.ب.)
إلا أن مصر بدأت مؤخرا الانضمام رويدا رويدا إلى محور دول "اتفاقيات أبراهام"، وتقف في مركز التحالف الإقليمي الناشئ. وبرز ذلك بلقاء شرم الشيخ الذي جمع الرئيس المصري ورئيس الحكومة الإسرائيلية وولي عهد أبو ظبي.

ولفت فينتر إلى أنه في خلفية الخطوات المصرية مصالح إستراتيجية بالغة الأهمية، وفي مقدمتها الرغبة بمساعدات أميركية وخليجية وإسرائيلية لمواجهة التحديات الاقتصادية الشديدة الماثلة أمامها في أعقاب الحرب في أوكرانيا، التي قطعت في أعقابها إمدادها بالطحين والذرة.

وأضاف أن بمقدور مصر تأدية دور هام في "بلورة هندسة المنطقة"، بتعزيز تأثير "المحور العربي البراغماتي" وإضعاف التأثير الإيراني بعدة طرق: إبعاد إيران عن قطاع غزة، تقارب العراق والأردن ومصر في إطار حلف "الهلال الخصيب الجديد"، ضمان الملاحة في البحر الأحمر مقابل تهديدات الحوثيين في اليمن، تزويد لبنان بالغاز عن طريق الأردن وسورية، وكذلك إعادة تقريب سورية من العالم العربي.

مصالح المغرب باجتماع وزراء الخارجية

للمغرب مصالح عديدة دفعتها إلى المشاركة في اجتماع وزراء الخارجية، وتتجاوز مصالحها الثنائية مع إسرائيل. وأشارت الباحثة مور لينك، إلى أن توترا يسود العلاقات بين المغرب وإيران. فقد قطعت المغرب علاقاتها مع إيران في العامين 2009 و2018، وملك الكغرب محمد السادس اتهم إيران بتسليج جبهة البوليساريو، كما أن إيران تطور علاقاتها مع الجزائر، خصم المغرب.

وأشارت لينك إلى أنه يصعب توقع سياسة إليمية موحدة، لأن مصالح الدول العربية وبضمنها المغرب بما يتعلق بإيران مختلفة عن مصالح إسرائيل.

وبحسب الصحافة المغربية، فإن ثمة أهمية للقضايا الاقتصادية بالنسبة للمغرب، التي يتوقع أن تكون قد طُرحت خلال اجتماع وزراء الخارجية. والمغرب تشعر جيدا بتبعات الحرب في أوكرانيا، فارتفاع أسعار المواد الغذائية من شأنها أن تمس بالاقتصاد المغربي. ويأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه المغرب الجفاف الأشد في العقود الأخيرة وألحق ضررا كبيرا بالقطاع الزراعي ودفع البنك الدولي إلى منح المغرب قرضا بـ180 مليون دولار لدعم الزراعة فيها.

وشددت لينك على أن المغرب معنية بتعزيز علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة، من أجل تعزيز سياستها حيال الصحراء الغربية، بعد اعتراف أميركي بسيادة المغرب في هذه المنطقة.