”: تحت عنوان “الصين والحرب” تناولت صحيفة الباييس الإسبانية أحد أهم المنابر في العالم الناطق باللغة الإسبانية ما اعتبرته مناورات الصين في الحرب الحالية التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا. وكتبت في افتتاحية الأربعاء “لا ينبغي للتضارب المقتضب في رسائل الصين أن يصرف الانتباه عن نواياها، فهي تطمح إلى كسب حرب لم تشارك فيها حتى الآن، على الرغم من أنها يمكن أن تتدخل في النتيجة كوسيط سلام”.
وتعالج الأسباب المباشرة للقرب الحاصل بين الصين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعداء المشترك للديمقراطية التعددية وسيادة القانون والنظام الدولي الليبرالي. وإلى جانب ما هو مشترك، تركز الصحيفة على ما يفصل بكين وموسكو كذلك مشيرة إلى وجود مصالح متضاربة وكذلك اختلاف في طريقة الدفاع عن المصالح.
وترى صحيفة الباييس أنه “ليس من الملائم إسراع بكين إذا ما تحولت إلى منقذ لروسيا لتجاوز العقوبات الاقتصادية التي تتعرض لها أو في حالة تلبيتها لمطالب موسكو بمدها السلاح للمساعدة في تنفيذ غزو غير قانوني وغير شرعي يسعى إلى تغيير حدود دولة بالقوة واستبدال سيادتها”.
وتركز الافتتاحية على التقارب الكبير بين رئيسي الصين وروسيا، وتبرز في هذا الصدد “التناغم الذي أظهره شي جين بينغ وفلاديمير بوتين هذه الأشهر تجسد لاحقا في الإعلان المشترك الصادر في 4 فبراير الماضي، قبل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين. في هذا السياق الاحتفالي، وقبل غزو بوتين، أعادوا التأكيد على علاقة ثنائية غير محدودة وأبدوا عداء تضامنيًا تجاه كل من حلفي الناتو وأوكوس، هذا الأخير الذي شكلته أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة”.
وتضيف الباييس “التناغم الذي تم التعبير عنه لم يتجاوز حتى الآن تصعدي اللهجة دون الانخراط في أعمال عسكرية أو اقتصادية ملموسة لدعم فلاديمير بوتين. وترى الصحيفة “أن القيام بذلك بشكل صريح إلى حد ما من شأنه أن يستبعد بكين كوسيط ويرسخ بشكل قاطع النظام العالمي في ثنائية القطبية تحل فيها الصين محل الاتحاد السوفيتي السابق”.
وفي تقييمها لمساعدة مفترضة لروسيا، تبرز افتتاحية الباييس أن “مساعدة الصين لروسيا تعني الاعتراف الفوري بخسارة بوتين حربه، بغض النظر عن النتيجة العسكرية للغزو. لقد أخطأ بوتين في الحسابات وهو عاجز أمام وحدة الاتحاد الأوروبي والضغط الأمريكي والمقاومة الهائلة للأوكرانيين. لذلك، تنكر كل من روسيا والصين أن طلب المساعدة لم يتم حتى تقديمه. حتى الآن، يبدو أن حيادية بكين المنحازة جزء أساسي من استراتيجيتها، إما لأنها تريد أن تلعب دور الوسيط- ونأمل أن تعمل على وقف الحرب- أو لأنها تقلب التوازن في النهاية، ستجد نفسها في النهاية الشريك الوحيد لروسيا معزولة بسبب العقوبات الدولية، ولكن منتج زراعي وطاقة كبير وصناعة أسلحة قوية، تكمن حوافز الصين كمفاوض محتمل في ضعف روسيا بعد الحرب في مواجهة نظام الحزب الواحد المنضبط والشمولي في الساحة السياسية والكفاءة في المجال الاقتصادي وحتى في المجال التكنولوجي”.
وتركز الصحيفة على الدروس التي قد تستخلصها الصين من الحرب الحالية، وتؤكد حول هذه النقطة “بالنسبة للصين، تعتبر الحرب في أوكرانيا أيضًا مرصدًا عسكريًا وجيوسياسيًا تستخلص منه الدروس المتعلقة بتايوان، على الرغم من أن الغزو الصيني الفوري للجزيرة لا ينبغي استنتاجه ميكانيكيًا من انتصار روسي ما زال افتراضيًا في أوكرانيا. لا شك في أن بكين ستستخلص استنتاجات عملية من الاختلالات في التخطيط العسكري الروسي، ونجاحات المقاومة الأوكرانية، ورد فعل المجتمع الأوروبي والأطلسي والدولي. لكن سيكون نوع النظام الدولي الذي ينشأ من حرب أوكرانيا الحالية هو الذي سيحدد مجال الصين للمناورة لجعل ضم الجزيرة حقيقة واقعة قبل منتصف القرن الحادي والعشرين”.