حول الثنائية المتطرفة..غسان زقطان

الإثنين 14 مارس 2022 10:20 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حول الثنائية المتطرفة..غسان زقطان



ثمة مبالغة، لا تخلو من ادعاء، تحشر نفسها خلف فكرة أن الموقف الفلسطيني يجب أن ينطلق ويعود من واقع أننا تحت الاحتلال، وأن علينا كشعب الوقوف في مواجهة أي قوة احتلال وإلى جانب الشعوب المظلومة التي تشبهنا، يتعزز هذا الفهم عندما يتعلق بمأساة اللجوء والاقتلاع عندما نتذكر أو نذكر الآخرين بأننا شعب لاجئ ومقتلع في أكثريته ومهدد باللجوء في وطنه، أو الخضوع لنظام فصل عنصري متوحش ومدلل من قبل الغرب.
يرى أصحاب هذا الرأي بمبالغاته الأخلاقية، أن مصدر ومرجعية موقفنا، الذي لا يبدو مؤثراً، يجب أن يتحرك بين النقطتين.
خارج هذه الثنائية المرتبكة يمكن وصف المشهد وتنويعه والحصول على حقائق أعمق من مجرد وضع إطار أخلاقي إجرائي وحراسته والتقيد الصارم بخطوطه ومساره الضيق، ثم الخروج باستنتاجات تنزع الحرب نفسها من أسبابها العميقة، الأسباب التي كانت مضمرة في تاريخ وجغرافية المكان.
من منا يستطيع أن يجادل حول التضامن مع الشعب الأوكراني الذي يواجه واحدة من أقسى آلات الحرب في العالم، آلة تحركها فكرة أن الدولة برمتها، أوكرانيا، هي فكرة مصطنعة تواصل تأليفها من بزوغ عهد القيصرية والامبراطورية الروسية إلى الاتحاد السوفييتي الذي وسع حدودها ومنحها شكل جمهورية، كانت توأم روسيا نفسها.
في سؤال الأخلاق ينبغي التفريق بقوة بين "زيلنسكي" والمجموعة المحيطة به من السياسيين والداعمين له من القوميين، وبين الوقوف مع الشعب الأوكراني في مواجهة المأساة التي يجد نفسه فيها. والذي يتضح الآن أنه الضحية الحقيقية لهذه الحرب، حرب مضمرة نهضت على سوء إدارة قادته وافتقارهم للحكمة واستدعاء الغرب بقيادة الولايات المتحدة إلى الصراع، وسلسلة الأوهام التي تبدأ من الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي والعودة إلى صفة الدولة النووية، وبين نظرية استعادة الأملاك المنهوبة التي تحرك الجيوش الروسية وحلفاءها من قوميي الجمهوريتين في الشرق.
يقف "زيلنسكي" بقوة مع الاحتلال الإسرائيلي، هو على أي حال يحمل الجنسية الإسرائيلية إلى جانب رئاسته لأوكرانيا، وهو الذي قال خلال العدوان الإسرائيلي على غزة وحي الشيخ جراح في القدس وشمال الضفة: "لا أرى ضحية هنا سوى إسرائيل"، وهو يواصل ذلك أثناء صراخه ضد الاحتلال الروسي لبلاده عندما يطلب من "بينيت" الذي يحتل جيشه القدس الدعوة لمفاوضات مع بوتين في العاصمة الفلسطينية المحتلة.