اسمح لي أن أتحدث معك كما كنّا نتحدث مع بعضنا البعض بدون رسميات وتكليفات، أو كما اتفقنا أنه حتى في اللقاءات الرسمية والمناسبات المختلفة نقول أخي "My Brother” "، كنت تكره الشكليات والرسميات على الرغم من اهميتها في بعض المواقف، ما جعل من دبلوماسيتك العامة والشعبية تقتحم قلب وعقل كل من تعرف عليك.
على الرغم من أنك لم تُكمل عاماً واحداً على وجودك بيننا، إلاً أن سرعة انتشارك وتفاعلك وتشبيكك مع كافة مكونات المجتمع الفلسطيني الحكومية، الخاصة، الأهلية، الفصائل والأحزاب، الشباب والريادة، النساء، الرياضة، الجامعات، الأشخاص ذوي الإعاقة، اليوغا، مرضى السرطان، خريجي الجامعات الهندية، الثقافة، الأطفال، الطاقة البديلة، المجالس المحلية والبلديات، كنت خير سفير لوطنك يا أخي.
ما قمت بعمله في فترة قصيرة يبين مدى القوة والنشاط المختزنتين في كينونتك، ومدى إخلاصك وفهمك لقضيتنا الفلسطينية_ على الرغم من وفاة أبيك ومرض أمك_ فأنت دليل حي يبرهن بأن الشباب هم نبض العمل في كافة المواقع في أي نظام سياسي وثقافي كان. كنت دينامو متحركاً بشكل يومي صباحاً ومساءً، تقرأ المستقبل بخطوات عملية بهدوء وابتسامة.
أخذك الموت منّا دون أن نُكمل خُططنا التي رسمناها خطوة بخطوة ضمن تكسير الإطار والمحددات التي يرسمها العقل لنا؛ متفقين على أهمية القفز خارج الصندوق بلغة جديدة ضمن عدد من الأنشطة والفعاليات اللارسمية الشعبية بين فلسطين والهند من أجل خلق فضاء تحرُري جديد عنوانه الأمل.
هل تتذكر خطتنا في أهمية ربط الثقافات من خلال الأدب المقارن عندما تحدثنا على سبيل المثال عن الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان والشاعرة والكاتبة الهندية "أمريتا بريتام"، والروائي "سري لال شوكلا" وغسان كنفاني، ثم انتقلنا للحديث عن السينما الهندية والرقص، إلى أن وصلنا الى المطبخ الهندي وقررنا تنفيذ مطبخ فلسطيني وهندي متنقل بين القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية لتذوق: البرياني، باتور، النان، ماسالا، تندوري، البانغان، على أن يتعرف الشعب الهندي على أكلاتنا وحلوياتنا من مقلوبة، مسخن، منسف، وكنافة.
نعم يا أخي كنت نموذجاً شبابياً عالمياً تتقن اللغة السياسية غير التقليدية بدون أي تردد وخوف على الرغم من تواضعك الدائم وحسن الاستماع، تتحدث بالتوقيت الصحيح وبلغة العقل والحسابات وربط التغيرات بعضها البعض لتقدم لمن هم حولك درسا في كيفية الحديث بمنطق المحصلة النهائية وليس الكلمات الفضفاضة الخاوية من أي مضمون.
كنّا نجهل بأنه سيكون لقاءنا الأخير في ذلك المساء المُمطر، كعادتك تبتسم وأنت تتحدث، واتفقنا على أهمية ولادة أفكار ولغة جديدة بخصوص القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة، وكيف علينا كشباب أن نجد مفاتيح للعقول المتحجرة وإلا ستزداد الأمور سوءاً على مجمل القضية الفلسطينية، بالتالي علينا ربط التحرر الفلسطيني بقضايا عالمية وإلا سيكون الخاسر الأول والأخير الشعب الفلسطيني.
لو أنك لم ترحل يا أخي وتترُكنا مبكراً، لكان هناك تطور ملحوظ ومميز أكبر مما عليه الآن بين البلدين، بفضل جهودك المبذولة ومبادراتك النوعية وعلاقاتك الطيبة، من أجل تحقيق مصلحة البلدين الشقيقين. أخي "موكول آريا" سفير الهند لدى فلسطين وداعاً والى اللقاء.