هل تجبر العقوبات الاقتصادية بوتين على التراجع أم يغامر باستخدام النووي ؟

الخميس 10 مارس 2022 09:15 م / بتوقيت القدس +2GMT
 هل تجبر العقوبات الاقتصادية بوتين على التراجع أم يغامر باستخدام النووي ؟



لندن/سما/

يتساءل مارتن وولف -كبير المحللين الاقتصاديين بصحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) البريطانية- في مقال له: هل يمكن للعقوبات الاقتصادية ومقاومة الشعب الأوكراني المصاحبة لها أن تجبر فلاديمير بوتين على التراجع، أو حتى قد تقود إلى الإطاحة به؟ وبالمقابل هل قد يغامر بتصعيد الأوضاع إلى حد استخدام الأسلحة النووية؟

مما لا شك فيه أن العقوبات التي استخدمها الغرب قوية وفعالة حتى إن بوتين وصفها بأنها "إعلان حرب"، بحسب كبير المحللين الاقتصاديين مارتن وولف -في مقاله بالصحيفة- الذي لفت إلى أن تلك العقوبات أدت إلى استبعاد روسيا إلى حد كبير من النظام المالي العالمي، وأن أكثر من نصف احتياطاتها من النقد الأجنبي أضحت عديمة الجدوى.


ويعتقد وولف أن الشركات الغربية خائفة لأسباب تمس بالسمعة وتتسم بالحيطة والحذر، مشيرا إلى أن نيل شيرينغ -كبير الاقتصاديين بشركة "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics)- يتنبأ بهبوط إجمالي الناتج المحلي الروسي إلى أدنى مستوى بمعدل 8%، تعقبه فترة طويلة من الركود.

ويشير مقال فايننشال تايمز إلى أن قرار البنك المركزي الروسي برفع معدل الفائدة إلى 20% سيكون مكلفا في حد ذاته، وأن فرض قيود على صادرات الطاقة هي الخطوة التالية الواضحة رغم معارضة ألمانيا لها، وقد دافع الخبير الاقتصادي الأوكراني أوليغ أوستينكو بقوة عن مثل هذه المقاطعة.


ويجادل ريكاردو هوسمان -أستاذ ممارسات التنمية الاقتصادية في جامعة هارفارد- بأن 55% من صادرات روسيا من الوقود ذهبت إلى دول الاتحاد الأوروبي، وكان نصيب اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتركيا منها 13%، فإذا وافقت هذه الدول على فرض ضرائب على وارداتها من الوقود، فإن روسيا قد تسعى إلى بيعه لبلدان أخرى لا سيما الصين، وفق ما ورد في المقال.

لكن ما مقدار ما ستستورده الصين من تلك السلعة، بالنظر إلى التحديات اللوجستية وخطر التعرض إلى نوع من انتقام الغرب منها في حال أقدمت على ذلك، يتساءل كبير المحللين الاقتصاديين بصحيفة فايننشال تايمز.


التأثير على قطاع الطاقة
يبقى السؤال الكبير -برأي مارتن وولف- كيف يمكن للعالم أن يتكيف بشكل جيد مع الأوضاع التي ستطرأ على قطاع الطاقة.

وللإجابة عن السؤال، يستشهد وولف بالاستنتاج الذي توصل إليه مركز "بروغل" (Bruegel) المختص بإجراء الأبحاث السياسية المعنية بالشؤون الاقتصادية الدولية في بروكسل.


إذ خلص المركز في تحليله إلى أنه يفترض أن يكون الاستغناء عن الغاز الروسي ممكنا في الشتاء المقبل من دون تدمير النشاط الاقتصادي، أو تجمد الناس من البرد، أو انقطاع التيار الكهربائي، "لكن ذلك يتطلب جهدا حثيثا".

إن الغرض من فرض العقوبات -بحسب كاتب المقال- هو إجبار موسكو على تغيير سياساتها وربما حتى نظامها الحاكم، فهل هذا ممكن؟ يجيب وولف بأن التجارب تشي بأن الإطاحة بنظام استبدادي -على استعداد بأن يكبد شعبه تكاليف باهظة- أمر صعب، وليس أدل على ذلك من فشل محاولات القضاء على السلطة الحاكمة في فنزويلا، وفق تعبيره.

ويزعم وولف أن دعم المقامة الأوكرانية بالتزامن مع فرض العقوبات التي قد تكبد الروس خسائر فادحة من دون الإطاحة بالنظام، من شأنه أن يجعل بوتين مستعدا لخوض مزيد من المغامرات "المتهورة"، التي قد تشمل اللجوء لاستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الشعب الأوكراني أو أهداف أخرى في الغرب.

ويرى وولف أن الغرب ليس أمامه خيارات جيدة بشأن أوكرانيا سوى تشديد العقوبات، رغم أنها قد تدمر الاقتصاد الروسي من دون أن تفضي إلى تغيير السياسات أو النظام، ويضيف أن على الغرب أن يعلن أن حربه ليست مع الشعب الروسي، "رغم أنه قد لا يغفر لنا الألم الذي نلحقه به".


وعلى الغرب أيضا أن يطلب من الصين والهند "إقناع بوتين لوضع حد لحربه" ضد أوكرانيا، على حد تعبير الكاتب الذي يقر مستدركا بأن من المرجح جدا أن يكون مصير محاولة كهذه الفشل.