ما تزال الإدارات الأمريكية تستجر مقولة الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن التي أطلقها غداة هجوم تنظيم القاعدة على بُـرجي نيويورك قبل أكثر من عشرين عام: (من ليس معنا فهو ضدنا).تجلى هذا المنطق الأمريكي واضحا بالأزمة الأوكرانية الروسية الحالية تجاه كل الدول التي لم تصطف خلف ادارة الرئيس الامريكي بايدن وحلف حلف الناتو الغربي بمواجهة روسيا. فأية دولة او كيان يلزم منطقة الحياد بهذه الأزمة فهو بالضرورة- وفق المقولة البوشية- ضد أمريكا وأوربا وقف بالمعسكر الروسي المعادي.
فحتى الإمارات العربية- وغير الإمارات- الشريك والصديق الوثيق لواشنطن لم تنجو من هذا الفرز الأمريكي الصادم، برغم الإذعان الإماراتي لكل إملاءات السياسة الأمريكية طيلة العقود الماضية. فمجرد ان تلمست أبوظبي مصلحتها العليا خارج الجلباب الأمريكي، واتخذت موقفا محايداولا نقول صداميا مع واشنطن (امتنعت عن التصويت بمجلس الأمن بشأن قرار ادانة الهجوم العسكري الروسي على اوكرانيا) جنَّ جنون الأدارة الامريكية ووزارة خارجيتها وأخرجها ذلك عن طورها بشكل ينم عن حالة تنمر واستعلاء امريكي مقيتين ،ليس فقط حيال خصومها بل حتى مع حلفائها الوثيقين،والعرب خاصة.
فبحسب مصادر أمريكية وخليجية فقد ارسلت الخارجية الامريكية رسالة غضب وتهديد للسفارة الاماراتية في واشنطن، جاء فيها-قبل أن تسارع الوزارة لسحبها بزعم انها اُرسلت عن طريق الخطأ – : (.. استمراركم في الدعوة للحوار كما فعلتم في مجلس الأمن ليس موقفا محايدًا، لكنه يضعكم في معسكر روسيا، الطرف المعتدي في هذا الصراع..).
ومع ذلك يبدو ان الأمر بالنسبة لواشنطن لم ينته بعد مع الشريك الإماراتي الخارج لتوه عن بيت الطاعة بحسب الاعتقاد الامريكي، فما يزال للعقاب بقية بصور شتى وبأماكن عدة للوجود والمصالح الإماراتية، منها المكان الذي تتواجد فيه الإمارات بالوقت الراهن بشكل مباشر وحساس، ونعني هنا اليمن، وجنوب اليمن تحديدا، وفي محافظات شبوة وحضرموت والمهرة بالذات، وهي المحافظات الحيوية و الغنية بالنفط والغاز والموقع الجغرافي المتميز والتي تكثف فيها الإمارات بالأشهر الأخيرة حضورها العسكري والأمني والسياسي بشكل لافت بعد انقطاع دام عامين بسبب الخلاف الذي دَبَّ بينها وبين شريكها الرئيس بالتحالف الذي يخوض حربا متعثرة باليمن منذو سبعة أعوام ( السعودية). فبدون سابق إشعار للإمارات او حتى لحلفائها الحقيقيين المحليين قامت السيدة (كاثي ويستلي)، القائمة بمقام السفير الامريكي باليمن يرافقها المبعوث الأمريكي لليمن ( ليندركينغ) بزيارة مباغتة لمحافظة شبوة التي تديرها منذ شهرين قوى مؤيدة للإمارات وتشرف عليها هذه الأخيرة اشرافا مباشرا طافا بعدد من مناطقها قبل ان ينزلا في الميناء الاستراتيجية للمحافظة والبلد كلها ميناء ( بلحاف) ، الميناء الرئيس لتصدير الغاز والنفط بإشراف وإدارة اماراتية مباشرة. وكأني بهما أي السفيرة والمبعوث الأمريكيين يقولان لأبوظبي بوسعنا معاقبتكم وإن كنتم في بروج مشيدة إن فكرتم بالخروج عن وصايتنا وتمردتم عن أوامرنا و شقيتم عصا الطاعة الامريكية، فأرونا ماذا سيفعل لكم الروس؟.
فبحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية فقد أجبر السفيرة والمبعوث الأمريكي محافظ المحافظة( عوض العولقي) وطاقم السلطة المحلية على التوجه معهما صوب الميناء والاجتماع بهما هناك، لحاجة هي في نفس راعي البقر الأمريكي المتجهم .. حيث كشف مصدر مقرب لـ “اندبندنت عربية ” في المحافظة، أن اجتماع الوفد الأميركي لم يعقد في عاصمة المحافظة “عتق” كما يعتقد البعض، وانما في ميناء بلحاف على ساحل البحر العربي بجنوب اليمن.
صحافي من اليمن-عدن-