نشرت صحيفة “أوبزيرفر” افتتاحية حول الدعم الغربي لأوكرانيا، داعية إلى عمل المستحيل لهزيمة روسيا.
وقالت إن العالم راقب برعب كيف استخدم فلاديمير بوتين الأساليب التي لا تميز في ذبح المدنيين في أوكرانيا، وهي نفسها التي استخدمها في سوريا والشيشان.
وقالت الصحيفة إن قوة المستبدين نابعة من استعدادهم التسبب بشر لا يمكن التفكير به لفت عزيمة الذين يحاولون السيطرة عليهم وبوتين ليس استثناء.
وتضيف أن الأوكرانيين علقوا في حرب أبدية من أجل حريتهم وتحررهم ويجب أن تقزمنا بطولة وشجاعة السكان العاديين.
ولم يظهر الزعيم الروسي يوم السبت في تصريحاته النارية والداعية لتفكيك الدولة الأوكرانية علامة على التنازل. وتقول الصحيفة إن جرائم الحرب التي يرتكبها بوتين تتراكم كل يوم. وشاهدنا على مدى الأسبوع الماضي كيف تم استهداف المدنيين بالقصف الشامل. وتعرضت المدن ذات الكثافة السكانية لقصف دائم ولعدة أيام، مما أجبر الناس على الاختباء في الطوابق الأرضية والملاجئ وسط نقص في الطعام والمياه الصحية. وتم تدمير المستشفيات ورياض الأطفال. وبدم بارد أطلق الجنود الروس النار على كل العائلات التي تحاول الهروب من الجريمة. وسقطت القنابل كل خمس دقائق على المدنيين في مدينة فولنوفاكا، ولم يوفر القصف ولا بناية فيها. وتُركت الجثث في الشوارع.
أما المخاطر التي تواجه من يحاولون تقديم المساعدة، عظيمة بدرجة جعلتهم يقدمون الأولوية للأحياء. وكما فعل في سوريا، أمر بوتين بمحاصرة المدن المهمة مثل ماريوبول، وبدا كمن يمنح التنازلات من أجل بناء ممرات إنسانية في ماريوبول وفولنوفوكا لكي يتخلى عن شروطها ويعاود القصف من جديد.
ويظهر أن بوتين يحاول كسر معنويات الشعب الأوكراني وترهيبه حتى يستسلم. وسيكون هناك وقت من أجل العودة وتحليل الأخطاء التي ارتكبها الغرب وأوصلتنا إلى هذه النقطة المقيتة، حيث تبدو الديمقراطيات عاجزة في الوقت الحالي عن منع الأزمة الإنسانية، ولكن تقليل خسائرها. والسؤال الأهم بحسب الصحيفة هو “كيف يمكننا دعم الأوكرانيين ورئيسهم المنتخب فولوديمير زيلينسكي في حربهم؟ وما الذي يمكننا عمله لتخفيف مدى الكارثة الإنسانية؟”.
وأضافت الصحيفة أن هناك عددا من التحركات التي يمكن للغرب القيام بها والتي يجب ألا تكون محلا للنقاش، ولكن الحكومة البريطانية تبدو مترددة فيها. فرغم تخفيف السياسة البريطانية فيما يتعلق باللاجئين، إلا أنها سياستها لا تزال متشددة أكثر من الدول الأوروبية. وهناك قصص عن عائلات شردتها الحرب ولا تزال منفصلة عن بعضها البعض بسبب البيروقراطية البريطانية واللؤم. ويجب أن يكون هذا مصدرا للعار الوطني.
وترى الصحيفة أن العقوبات الاقتصادية على الأوليغارش الروس قد يكون لها أثر محدود على بوتين في المدى القصير، ولكن لا مبرر في عدم الملاحقة. فهؤلاء الأشخاص هم الذين انتفعوا مباشرة من نظامه. وقامت السلطات الإيطالية يوم السبت بمصادرة يخت وفيلا بقيمة 140 مليون يورو لثري روسي على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي. وعليه فبطء التعامل البريطاني مع هؤلاء ربما كان مكلفا، وسمح لهم بالإفلات من العقوبات التي قد يواجهونها.
وتقول الصحيفة إن هذه أسئلة سهلة للإجابة عليها حول أفعال الغرب التي عليه القيام بها. لكن الأسئلة الصعبة جدا هي كيفية دعم الناتو القوات الأوكرانية لتقليل الضحايا المدنيين داخل أوكرانيا نفسها. وعند هذه النقطة، قادت بريطانيا الطريق لتقديم معلومات أمنية دقيقة وإمدادات عسكرية، والسؤال الحاضر دائما عما يجب عمله أكثر.
ولا يمكن للناتو إعلان حرب ضد روسيا، وهو ما يعنيه فرض حظر جوي. وسيكون تصعيدا متهورا لحرب مع قوة نووية، ولكن هناك أسئلة على الغرب تعلّمها في مواجهته مع روسيا من سوريا فيما يتعلق بفعالية الدعم العسكري والإنساني. ويجب أن يكون هناك المزيد من الدعم لإجلاء المدنيين من المدن المحاصرة، وخاصة الضعاف من الكبار في العمر والأطفال. ويجب إغراق هذه المدن بالمساعدات الإنسانية والحفاظ على البنى التحتية الأساسية، مثل اللاقطات الفضائية والمولدات. ولا يمكن الاعتماد على الضمانات الروسية للممرات الإنسانية.
ومن الضروري توثيق جرائم الحرب، ليس من أجل استخدامها لتحقيق العدالة عندما تنتهي الحرب، بل للاعتماد عليها في المفاوضات لإيصال المساعدات الإنسانية. وقال الأوكرانيون أن بعض أنظمة الدفاع المضادة للطائرات التي حصلوا عليها من ألمانيا لا تعمل وطلبوا استبدالها، ويجب تلبية ندائهم.
وقالت الصحيفة إن شجاعة الأوكرانيين ستتذكرها الأجيال القادمة، كل الناس من مختلف المستويات قاوموا القوات الروسية، كما في مدينة خيرسون، المدينة الوحيدة التي سيطر عليها الروس. وشعوب الديمقراطيات الليبرالية مدينون للشعب الأوكراني، فأبناؤه على خط الدفاع الأول للقتال من أجل الحرية والديمقراطية ضد الاستبداد. ويجب أن يذكرنا ضرب روسيا لمفاعل زابوريجيا النووي، أنها هشة أكثر مما كنا نتوقع.
ومن المبكر الحديث عن تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا وأثره على النظام العالمي. وستراقب الصين المتهمة بالإبادة داخل حدودها كيف سترد دول الناتو على التهديد الروسي. واختار الأوكرانيون الدفاع عن وجود أمتهم وما ستختاره بريطانيا وأوربا من أجل مساعدتهم سيشكل التاريخ.