قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن الهجوم الروسي على أوكرانيا يشكل صداعاً بالنسبة للدبلوماسية الإسرائيلية التي اختارت – حتى الآن – دعم الأوكرانيين أخلاقيا متجنبة غضب فلاديمير بوتين ودون إعطاء الانطباع بالتخلي عن الحليف الأمريكي العظيم، بينما يدعم الرأي العام ووسائل الإعلام الإسرائيلية بالإجماع القضية الأوكرانية.
وأوضحت الصحيفة أنه من أجل الحفاظ على بعض الغموض، قسم القادة الإسرائيليون الأدوار: نفتالي بينيت، رئيس الوزراء، استنكر الحرب وعواقبها، لكنه حرص على عدم إدانة روسيا. وقال يوم الأربعاء الماضي في القدس، مخاطبا أولاف شولتز، المستشار الألماني، الذي زار إسرائيل للمرة الأولى: “واجبنا كقادة هو بذل كل ما في وسعنا لوقف إراقة الدماء”.
وبشكل أكثر مباشرة، يريد يائير لابيد، رئيس الدبلوماسية الاسرائيلية، من ناحية أخرى، من بلاده أن “تقف على الجانب الصحيح من التاريخ” وأن تدين موسكو. وبعد بعض التردد، أعلن أن الدولة العبرية ستصوت لصالح قرار الأمم المتحدة ضد الغزو الروسي، عقب رفض تمرير قرار آخر مناهض لبوتين تدعمه الولايات المتحدة.
واعتبرت “لوفيغارو” أن هذا الحذر الإسرائيلي الشديد تفسره الجغرافيا، إذ أن روسيا أصبحت دولة مجاورة لإسرائيل، وتنتشر قواتها العسكرية في سوريا حيث تدعم نظام بشار الأسد على بعد ذراع. وعلى مدى سنوات، شنت إسرائيل مئات الغارات في سوريا ضد أهداف إيران، العدو الأول للدولة العبرية، وحزب الله اللبناني. وحتى الآن، امتنع الروس عن استخدام بطاريات دفاعهم الجوي ضد الطائرات والطائرات بدون طيار والصواريخ الإسرائيلية.
وبالتالي – تتابع الصحيفة الفرنسية – فإنه بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين، فإن الأولوية هي الحفاظ على هذا “التنسيق” بأي ثمن، وتجنب اتخاذ موقف معاد للغاية لفلاديمير بوتين، الذي قد يضع حداً لهذه الترتيبات ويهدد حرية العلميات الجوية في سوريا ولبنان التي تتمتع بها إسرائيل. واقترح دبلوماسيون روس أن تتخذ إسرائيل “مقاربة معقولة”، مع التذكير، كتحذير، بأن موسكو لم تعترف أبدًا بضم مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا.
ففي البداية، وصلت الرسالة بشكل واضح، مع استخدام إسرائيل حق النقض (الفيتو) ضد خطة أمريكية لتزويد أوكرانيا ببطاريات صواريخ اعتراضية، إسرائيلية الصنع، والتي أثبتت فعاليتها ضد نيران حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على الأراضي الإسرائيلية من قطاع غزة، توضح “لوفيغارو”. وأكد نفتالي بينيت أن بلاده تكتفي بإرسال أطنان من المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا. لكن ألمانيا وهولندا أعلنتا عن إمداد أوكرانيا بقاذفات قنابل يدوية من إنتاج شركة ألمانية تابعة لمجموعة الأسلحة الإسرائيلية رافائيل، تشير الصحيفة الفرنسية.
وخلصت “لوفيغارو” للقول إنه يبقى أن نرى ما إذا كان بإمكان إسرائيل الاستمرار في استرضاء موسكو دون التسبب في توترات خطيرة مع الولايات المتحدة.
ففي الوقت الحالي، تبدو الضغوط محتملة، لكن الاختبار الحقيقي سيأتي عندما يتم تطبيق المجموعة الكاملة من العقوبات ضد روسيا. وقتها، سيتعين على حكومة نفتالي بينيت، بعد ذلك، أن تختار معسكرها، مخاطرة بذلك بتعريض مئات الآلاف من الأوكرانيين والروس من أصل يهودي للخطر. إنه “صداع حقيقي” للحكومة الإسرائيلية، تقول “لوفيغارو”.